موقع نيوز ري روسي - ترجمة وتحرير ترك برس

تنوي تركيا استخدام منظومة الدفاع الجوية الروسية "إس-400" ضد منافسيها الإقليميين. وفي هذا الصدد، تعتزم القيادة التركية نشر أنظمة دفاع جوية روسية بالقرب من قبرص واليونان، في ظل تواصل الجدل القائم مع نيقوسيا حول حقول الغاز الواقعة قبالة سواحل الجزيرة، وظهور تحالف جديد يضم كلا من قبرص واليونان وإسرائيل تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية.

يعد نقل منظومة "إس-400" الحديثة إلى تلك المنطقة بمثابة ضغط على الولايات المتحدة، التي تتعجل تنازل تركيا عن عدد من القضايا الإقليمية. في الأثناء، تواصل القيادة العسكرية التركية استكشاف المواقع المناسبة لنشر الأنظمة الروسية. ورغم غياب معلومات جذرية تبيّن المكان الذي سيتم فيه نشر منظومة الدفاع الجوية، إلا أن بعض المصادر ذكرت أن الساحل الجنوبي الغربي التركي يعد من بين المناطق المحتملة. وعلى هذا النحو، ستكون تركيا قد ثبّتت المنظومة مقابل خصومها الإقليميين قبرص واليونان.

في تصريح له، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن وزارته تعمل على هذا المخطط، ولكن لم يتم الاتفاق بعد على مكان نشر منظومة "إس-400". وعموما، تعد ضواحي أنقرة وإسطنبول وقاعدة إنجرليك العسكرية، حيث تتمركز قوات الناتو، من الأماكن المحتملة لنشر هذه المنظومة وذلك من أجل حماية المواقع.

لم ترد نيقوسيا وأثينا على التقارير التي تشير إلى إمكانية تثبيت تركيا للمنظومة الروسية في المناطق الجنوبية الغربية، لكن من غير المرجح أن توافقا على هذا الأمر، لا سيما أن اليونان ذكرت في وقت سابق أن شراء الجانب التركي للأسلحة الروسية سوف يخلق اختلالًا في المنطقة. كما ترى أثينا أن امتلاك أنقرة لمنظومة الصواريخ إس-400 الروسية سيخوّل لها فرض قراراتها بشأن المناطق المتنازع عليها.

يظل حقل أفروديت للغاز، الواقع جنوب جزيرة قبرص، من المناطق المتنازع عليها ومن أسباب التوتر في منطقة البحر الأبيض المتوسط. والجدير بالذكر أن حقل أفروديت اكتُشف من طرف الشركة الأمريكية "نوبل إنرجي" سنة 2011، بالقرب من قبرص، وتحديدا بالمكان الذي تطالب به كل من السلطات القبرصية والتركية. في المقابل، ترى نيقوسيا أن هذه المنطقة جزء من منطقتها الاقتصادية الخالصة، وقد تم فعلا تحديد مستقبل الحقل النفطي الذي يقدر الخبراء أن احتياطاته تبلغ 140 مليار متر مكعب.

لم تمنح القيادة القبرصية رخص التطوير للشركات الأجنبية فحسب، بل وافقت أيضا على تصدير الغاز إلى عواصم الاتحاد الأوروبي. وبدورها، دعمت إسرائيل واليونان، التي وجدت قبالة سواحلها حقول غاز مثيرة للاهتمام، هذه الخطوة. من هذا المنطلق، شكلت كل من اليونان وقبرص وإسرائيل مثلثا مهمته الرئيسية إنشاء خط أنابيب غاز "إيست ميد" الموجه إلى أوروبا، الأمر الذي لا يخدم مصالح تركيا، الراعي الرئيسي لمشروع السيل التركي الموجه للاتحاد الأوروبي.

في الواقع، تعد سياسة القوة في الوقت الراهن الأداة الوحيدة التي تحاول تركيا من خلالها إجبار خصومها على التخلي عن القرارات أحادية الجانب بشأن حقل أفروديت. وتعمل أنقرة على تعزيز وجودها شرقيّ البحر الأبيض المتوسط، حيث لا تزال سفينة الحفر التركية "فاتح" متواجدة في منطقة تعتبرها السلطات القبرصية منطقة اقتصادية خالصة لها، بينما تواصل سفينة "خير الدين بربروس" للأبحاث مهامها في جنوب مدينة ليماسول. بالإضافة إلى ذلك، تتواجد حاليا سفينة حفر "يافوز" في بحر مرمرة.

في هذا السياق، يمكن اعتبار إمكانية نشر منظومة "إس-400" بالقرب من قبرص واليونان استراتيجية تهدف تركيا من خلالها إلى تخويف خصومها والدفاع عن مصالحها الاقتصادية. ومن المحتمل أن يؤدي نشر تركيا للمنظومة الروسية بالقرب من قبرص واليونان إلى تزايد الحوادث التي تنطوي على غزو الطائرات التركية للمجال الجوي اليوناني.

إن خيار نشر منظومة "إس-400" بالقرب من قبرص واليونان يخدم مصالح تركيا، التي سوف تستخدم ذلك لتعزيز موقعها في المفاوضات مع الولايات المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أن سيناريو شراء الأنظمة الروسية أصبح مصدر تناقضات بين حليفي الناتو، كما أن ظهور هذه المعدات بالقرب من حدود قبرص واليونان، اللتين قامت الولايات المتحدة بدعم مشاريعهما النفطية، يقضي على جميع مبادرات المصالحة.

حتى الآن، لم تتخذ الولايات المتحدة تدابير فعلية ضد إصرار تركيا على شراء المنظومة الروسية، مقتصرة فقط على سياسة التهديد بفرض عقوبات، بما في ذلك صدور قرار من جانب وزير الدفاع الأمريكي باتريك شاناهان يقضي بتجميد مشاركة تركيا في برنامج تدريب الطيارين الأتراك في الولايات المتحدة على استخدام المقاتلات من طراز "إف-35"، وهو ما أثار غضب السلطات التركية.

ومن المستبعد، أن يؤدي نشر تركيا لمنظومة الدفاع الروسية بالقرب من المناطق المتنازع عليها إلى إجبار الولايات المتحدة على التفاوض، بل من الممكن أن يؤدي ذلك إلى فرض حزمة أخرى من العقوبات التقييدية ضد حليفها في حلف شمال الأطلسي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!