ترك برس 

نشرت صحيفة "ذي إيبوك تايمز" الأمريكية تقريرا عن العلاقات التركية الأمريكية نقلت فيه عن خبيرين بارزين في شؤون الشرق الأوسط أن العلاقات بين أنقرة وواشنطن أساسية لحل الصراع في سوريا، وأنه بدون التحالف مع تركيا لن تستطيع واشنطن التصدي لروسيا وإيران. 

وقال أربيل غونستي، مؤلف كتاب "GameChanger" عن العلاقات التركية الأمريكية، إن تركيا قادرة على تحقيق الاستقرارفي سوريا بمساعدة من الولايات المتحدة. 

وأوضح أنه يمكن تحقيق توازن القوى في الشرق الأوسط بين الإيرانيين والأتراك والعرب، بشرطين: الأول، "يجب على الولايات المتحدة العمل مع تركيا، والثاني هو أن تستقر تركيا في سوريا بمساعدة الولايات المتحدة".

بدوره رأى الخبير الاستراتيجي الأمريكي جورج فريدمان رئيس مركز ستراتفور، أن اضطراب العلاقات بين البلدين قد يستمر لفترة من الوقت لكنها ستعود إلى طبيعتها، لأن هناك حاجة متبادلة بين الطرفين. ويدخل التوغل السوري في سوريا والرد الأمريكي عليه في هذا الإطار. 

احتواء روسيا وإيران

ويشير غوناستي إلى أنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تتحالف مع تنظيم "ي ب ك" من أجل محاربة جماعة داعش الإرهابية، مضيفًا أنه كان بمقدور واشنطن أن يكون لها جنود من أي من الدول الـ 192 الأخرى المساهمة في القوات الأمريكية لمواجهة داعش في سوريا.

وورأى أن الولايات المتحدة لو كانت قد اختارت تركيا بدلا من التنظيمات الإرهابية، لما كانت روسيا أو إيران موجودة في سوريا اليوم، ولما كان نظام الأسد باقيا حتى اليوم. 

وقال غوناستي: "في عام 2012، قدم رئيس الوزراء آنذاك أردوغان عرضًا للرئيس أوباما بأن تتدخل تركيا وتخرج نظام الأسد بالقوة بدعم لوجستي من الولايات المتحدة، ولكن الرئيس الأمريكي ارتكب خطأً ورفض العرض. ونتيجة لذلك، تطرد الولايات المتحدة اليوم من سوريا".

ولفت إلى أن الأمر لا يتعلق بسحب ترامب قواته من شمال شرق سوريا، ولكن الولايات المتحدة اضطرت إلى مغادرة سوريا بسبب ما حدث منذ عام 2012.

وقال غوناستي إنه بسبب هذا الوضع، من المرجح أن تبقى روسيا في سوريا خلال الخمسين عامًا القادمة، كما ستبقى إيران هناك بشكل أو بآخر، تملأ الفراغ الذي خلفته القوى الغربية، مضيفًا أن روسيا تحتاج إلى تركيا لتنمو اقتصاديًا وعسكريًا وستحافظ على علاقتها معها خلال العقد المقبل على الأقل.

ووفقا لغوناستي، فإن العلاقات التركية الإيرانية تبقى تحت المراقبة ولن يتجاوز الطرفان الخط الذي يعرفه كلاهما. فإذا حصلت إيران، على سبيل المثال على أسلحة نووية، فستحصل تركيا على نفس الحق في نفس الوقت، إن لم يكن قبل إيران.

ويتفق فريدمان مع التفسير السابق، لكنه رأى أن علاقات تركيا مع روسيا وإيران لا يمكن التنبؤ بها لأن تركيا خاضت عدة مرات حروبًا ضدهما.

وأضاف أنه بالنسبة لتركيا لا يمكن التنبؤ على المدى الطويل بروسيا وإيران اللذين يمكنهما تهديد تركيا عندما تعملان معًا. ولذلك فإن الاهتمام الأمريكي بأن تكون تركيا مستقلة تصد روسيا وإيران يتزامن مع المصالح التركية طويلة الأجل.

ويقول فريدمان إن هذا الموقف الجيوسياسي هو السبب وراء تحرك ترامب على الحدود السورية، "وستؤدي زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان لواشنطن إلى إعادة ترتيب المنطقة بين القوة العالمية والقوة الإقليمية".

أزمة اللاجئين تشجع تركيا

ويلفت غوناستي إلى أن أزمة اللاجئين في الشرق الأوسط منحت تركيا نفوذًا فريدًا لأنها جسر بري بين الشرق الأوسط وأوروبا. 

وقال إن كلًا من ترامب وميركل يعلمان أنه ليس لديهما خيار سوى العمل مع تركيا بشأن أزمة اللاجئين ويعلمان أنه يتعين عليهما القيام بذلك بشروط تركيا.

وأردف قائلًا: "يجب على الولايات المتحدة وبقية القوى الغربية، خاصة تلك التي تقود الاتحاد الأوروبي، الامتناع عن بدء العنف في إفريقيا أو آسيا لأنه عندما تنفجر قنبلة هناك، سيظهر المزيد من اللاجئين على الحدود التركية".

وأوضح أن "أزمة اللاجئين واسعة النطاق وأن هناك مليوني لاجئ أفغاني ينتظرون عند الحدود التركية الإيرانية لعبور الحدود إلى تركيا ومنها إلى أوروبا. وعلاوة على ذلك هناك 4 ملايين سوري يعيشون في تركيا، بالإضافة إلى 3 ملايين سوري آخرين في إدلب كلهم تحت سيطرة تركيا".

وأضاف أن "اللاجئين يمثلون مشكلة وجودية للحضارة الغربية، في حين أن تركيا هي الدولة الوحيدة القادرة على إبقاء الحضارة الغربية على قيد الحياة، وهذا هو النفوذ الذي تتمتع به تركيا. هذه هي أهمية تركيا اليوم وستستمر في القرن الحادي والعشرين بشكل متزايد".

وفي هذا السياق الجيوسياسي، كما يقول غوناستي،ِ فإن "ترامب يجب أن يتعاون مع تركيا لأنه ليس لديه خيار آخر. وبدون بقاء تركيا كحليف وثيق للولايات المتحدة، لا يمكن للأخيرة الحفاظ على مكانتها كقوة عظمى في العالم."

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!