سركان دميرطاش - حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس 

الآن وقد تحقق النصر في الحرب على داعش، وطُرد الإرهابيون من جميع الأراضي التي سيطروا عليها في المنطقة تقريبًا، فإن السؤال الذي طرح منذ وقت بعيد حول كيفية حل المشاكل المتعلقة بآلاف المقاتلين الأجانب برز إلى الواجهة من جديد، لا سيما بعد الهجوم العسكري التركي على شمال شرق سوريا والذي أدى إلى تغيير جذري في موازين القوى في تلك المنطقة.

لم تتحقق المخاوف ذائعة الانتشار من أن العملية التركية للقضاء على وجود تنظيم "ي ب ك" على طول حدودها من شأنها أن تمهد الطريق لفرار أعداد هائلة من عناصر داعش المحتجزين في 14 سجنا مؤقتا والآلاف من أفراد أسرهم من المخيمات. وورد أن بعض النساء والأطفال هربوا من مخيم الهول، وفي مدينة تل أبيض أطلق "ي ب ك" سراح السجناء بعد أن شن الجيش التركي وجماعات المعارضة السورية العملية.

أعلن المسؤولون الأتراك القبض على 265 من الفارين وأنه يتم تنفيذ الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة. ونقل هؤلاء المقاتلون إلى سجون في الجزء الغربي من الفرات الخاضع لسيطرة الجيش التركي.

في بيان حول هذا الموضوع، انتقد وزير الداخلية سليمان صويلو الدول الأوروبية لترددها في استعادة رعاياها. وقال: "تركيا ليست فندقًا لأعضاء داعش من مواطني الدول الأخرى"، منتقدًا بشدة تلك الدول التي "جردت هؤلاء الإرهابيين من الجنسية لمنع عودتهم إليها."

تعود ظاهرة المقاتلين الأجانب في السياق السوري إلى منتصف عام 2012، في الأيام الأولى لتجمعهم في أجزاء مختلفة من سوريا. ثم تحولت تلك الظاهرة إلى مشكلة كبيرة بحلول عام 2013 عندما بدأ تنظيم داعش اقتحام منطقة واسعة في شرق سوريا وغرب العراق، حيث أعلن لاحقًا دولته المزعومة، وهي خطوة جذبت الآلاف من والمتطرفين من الدول الإسلامية والأوروبية.

لم يرتكب هؤلاء الإرهابيون الأجانب جرائم مروعة في سوريا والعراق فحسب، بل نفذوا أيضا عشرات الهجمات الإرهابية القاتلة في بلدانهم الأصلية. وعانت تركيا وفرنسا وبلجيكا أكثر من غيرها من تلك الهجمات التي أودت بحياة مئات الأبرياء.

ولهذا السبب قرر التحالف الدولي ضد داعش تشكيل مجموعة عمل معنية بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب، بقيادة هولندا وتركيا والولايات المتحدة.

وضعت تركيا التي تعتبر نقطة عبور يستخدمها هؤلاء المقاتلون في أغلب الأحيان، تدابير ملموسة لوقف تدفق الإرهابيين بالتعاون مع جميع بلدانهم الأصلية، على الرغم من المشاكل المختلفة فيما يتعلق بتبادل المعلومات الاستخباراتية.

يوجد نحو 2000 من أعضاء داعش محتجزين في السجون، إلى جانب 60.000 من النساء والأطفال، لكن بسبب تقاعس الدول الأوروبية المستمر منذ وقت بعيد، أصبحت المشكلة الآن أكثر تعقيدًا ويصعب حلها.

أعلنت كثير من الدول الأوروبية أنها سوف تجرد هؤلاء المقاتلين من الجنسية ولن تسمح لهم بالعودة إلى بلدانهم الأصلية. تزعم بعض الدول أن محاكمها ليس لها اختصاص على الجرائم المرتكبة في الخارج. وحتى لو قبلت إعادة المقاتلين هؤلاء ومقاضاتهم، فإن الافتقار إلى أدلة كافية سيشكل تحديا لإبقاء هؤلاء الأشخاص وراء القضبان. التحدي الآخر هو إعادة دمج هؤلاء المقاتلين وعائلاتهم في مجتمعاتهم.

من بين الأفكار المطروحة مقاضاتهم في محكمة خاصة تحت السقف القضائي العراقي، حيث لن تطبق عقوبة الإعدام. إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء الآن، فسيخضع كل هؤلاء المقاتلين الأجانب لسيطرة النظام السوري وتنظيم "ي ب ك" اللذين توصلا إلى اتفاق حول وضع شرق سوريا في الفترة المقبلة. من الواضح أنه سيكون من الصعب بكثير على أوروبا التعامل مع الوضع لأن رئيس النظام السوري بشار الأسد سيكسب ورقة مساومة مهمة ضدها.

وهذا يعني أن الوقت قد حان بالنسبة للأوروبيين لاتخاذ قرار بشأن هذه المسألة متعددة الأبعاد وبالغة الصعوبة. يتفق معظم الخبراء على أن إعادة مقاتلي داعش إلى بلادهم تشكل أفضل وسيلة فعالة وأخلاقية لمعالجة هذا الوضع، في حين أن تجريدهم من الجنسية والتظاهر بعدم وجود مشكلة خاصة بهم يمثل مقاربة قصيرة النظر وغير أخلاقية.

أما قصر النظر، فلأن كثيرا من هؤلاء المقاتلين الأجانب قد ولدوا وتطرفوا في بلدانهم الأصلية، ونظرا لأن الحرب الإيديولوجية ضد هؤلاء المتطرفين لما تحقق النصر، فلا يزال هناك خطر من عودة التنظيمات المتطرفة إلى الظهور في كل مكان في العالم. وأما الأخلاقية، فلأن حقوق الإنسان وسيادة القانون، تحت أي ظروف، يجب أن تسود.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس