تقرير ترك برس - ديلي صباح

أعلنت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الأربعاء الماضي عن رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري تُطالب وزارة الخارجية الأمريكية بحل المشاكل المتعلقة بتخويف مزعوم للصحفيين ورقابة على الإعلام من قِبل الحكومة التركية.

صحف الجماعة تنشر الخبر قبل وقوعه بيومين

وكانت الرسالة المؤرّخة 18 آذار/ مارس قد وجدت طريقها قبل يومين إلى صحيفة "توديز زمان (Today's Zaman)" الصادرة باللغة الإنجليزية والمملوكة لجماعة الخدمة التي يرأسها "فتح الله غولن"، والتي يُصطلح على تسميتها في تركيا "جماعت" أو الجماعة.

فقد نشرت الصحيفة في عددها الصادر في 16 آذار/ مارس مقالة للكاتب "ماهر زينالوف" ذكر فيها أنّ أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي سلّموا رسالة لوزير الخارجية كيري تطرّقت إلى مسألة حرية الصحافة في تركيا.

وفي وقت لاحق من اليوم نفسه، قامت توديز زمان والوكالة الإخبارية الشقيقة لها والتابعة للجماعة "جيهان" بحذف الأخبار المتعلقة بالرسالة وإعادة نشرها بعد يومين، حين أعلن السيناتور "تشارلز إي شومر" بشكل رسمي عن تسليم الرسالة.

وكان الفرق بين النصّين اللذين نشرتهما الصحيفة والوكالة هو أنّ النصّ الأول ذكر أنّ 73 عضوًا في مجلس الشيوخ وقّعوا على الرسالة، إلا أنّ الثاني أضاف سيناتور آخر ليصبح العدد 74.

ولم يصدر عن صحيفة تودي زمان أو وكالة جيهان أي بيان يوضح سبب حذف الأخبار التي نُشِرت قبل الإعلان الرسمي عن الرسالة. ورأى بعض الكُتّاب على شبكات التواصل الاجتماعي ذلك على أنّه مؤشر على احتمالية كون حركة غولن المحرّك الرئيسي وراء الرسالة.

انتقائية في القضايا الواردة في الرسالة

انتقى أعضاء مجلس الشيوخ الاعتقالات التي أُدرِجت في رسالتهم، والّتي اقتصرت على أعضاء حركة غولن، وتجاهلوا أسماء صحفيين آخرين اعتُقِلوا لأسباب مختلفة في الماضي.

وتعدّ حركة غولن على خلاف مع الحكومة التركية بسبب النفوذ التي تتمتع به بداخل جهاز الشرطة والمناصب العليا في القضاء، والذي تتّهم الحكومة الحركة بأنّها استغلّته في عملية 17 كانون الأول/ ديسمبر 2013 التي يُعتقد أنّها كانت تهدف لإسقاط حكومة رئيس الوزراء في ذلك الوقت رجب طيب أردوغان.

الرسالة ليست الأولى من نوعها

وقد حوّلت حركة غولن صراعها مع الحكومة بدءًا من الشهر الماضي إلى الولايات المتحدة، برعايتها رسالةً شبيهة موجهة إلى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.

أظهر تحقيق لصحيفة "ديلي صباح" في ذلك الوقت أنّ حركة غولن تكفّلت بكل تكاليف رحلات عدد من أعضاء الكونغرس إلى تركيا، وقدّمت تبرعات لحملات 43 من أصل 88 عضواً في الكونغرس وقّعوا على الرسالة.

لوبي غولن في واشنطن

تثير رسالة مجلس الشيوخ الأمريكي، التي يرعاها بشكل أساسي السيناتور شومر والسيناتور "روجر ويلكر"، تساؤلات حول دور حركة غولن وقدرتها على مدّ نفوذها إلى داخل الكونغرس.

ويلعب "التحالف الأمريكي التركي (TAA)" بقيادة "فاروق تابان" و"محمود يتير" دور ذراع الحركة في الكونغرس، ويوزّع مبالغ من المال كتبرعات للسياسيين الأمريكان، كما يُجري فعّاليات مشتركة لجمع التّبرعات.

وأظهرت الإحصائيات الرسمية لـ"لجنة الانتخابات الفدرالية (FEC)" أنّ أفرادًا مرتبطين بحركة غولن تبرّعوا بمبالغ تفوق 25 ألف دولار أمريكي للسيناتور شومر في تشرين الأول/ أكتوبر 2014. فقد تبرّع رئيس "معهد جُزُر السلام" التابع لحركة غولن "زافر آكين" بشكل شخصي بمبلغ 5 آلاف و200 دولار لفعالية لجمع التبرعات للسيناتور. كما تبرّعت الحركة بمبلغ 25 ألفاً و550 دولار لحملة السيناتور ويكر في عامي 2011 و2012، خلال الدورة الانتخابية لمقعد ولاية ميسيسيبي في مجلس الشيوخ.

كما حضر أعضاء مجلس الشيوخ الموقّعون على الرسالة أصلاً "آنغوس كينغ"، و"بيل كاسيدي"، و"روب مينينديز"، و"جون بوزمان"، و"مارتن هينريتش"، و"روبرت ويكر"، و"توم ويليس" المؤتمر السنوي للتحالف الأمريكي التركي (TAA) يوم الأربعاء الماضي، وأشادوا بعمل الاتحاد ووصفوه بـ"الإيجابي" في العلاقات التركية الأمريكية.

كيف تتبرع الجماعة لهؤلاء الأعضاء؟

يقول أحد كبار المتبرّعين الأتراك، والذي طلب عدم ذكر اسمه خوفًا من عِقاب الجماعة، في تصريح لديلي صباح إنّ الحركة تنقل كميات غير معروفة من المال إلى السياسيين الأمريكان من خلال لجان جمع النّفقات المستقلة المعروفة باسم (Super-PACs).

وعلى الرغم من عدم قدرة الـ(Super-PACs) على تقديم تبرعات مباشرة للمرشحين، إلا أنّها تتميّز عن لجان العمل السياسي العادية (PACs) بقدرتها على الانخراط في صرف سياسي غير محدود على الحملات الانتخابية والفعاليات. كما يُمكنها جمع التبرعات من الأفراد، والشركات، والاتحادات، وأي مجموعة أخرى دون أي حدّ قانوني لحجم التّبرع.

يقول المتبرّع التركي: "تُعدّ التبرعات مفتاحاً لتكوين علاقات بين السياسيين الأمريكان والحركة. وربّما تُعقد لقاءات شخصية بين المتبرعين بمبالغ أكثر من ألفين و500 دولار، وغالباً ما يتمكنون من اللقاء بزعمائهم. كما يمكنهم من خلال تنظيم فعاليات جمع تبرعات للسياسيين الذين ينوون الترشح لمناصب، أن يُعطوا انطباعاً بأنّهم يُمثّلون المجتمع التركي في الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا يفترض أيضاً أنّهم يمكنهم توفير بعض الأصوات".

وذكر قيادي تركي أمريكي كذلك أنّ "تابان" ومساعديه يلتقون بشكل متكرّر مع موظفين في الكونغرس ويجلسون بشكل شخصي مع أعضاء في الكونغرس وفي مجلس الشيوخ لممارسة ضغط سياسي لصالح أجندة الحركة. وأضاف أنّ "خطاب أردوغان المضادّ لإسرائيل أقنع عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ بأنّ تركيا تنزلق بعيداً عن مُتناول أيديهم".

وقد رفض مكتبا كل من السيناتور ويكر والسيناتور شومر التعليق على الروابط المحتملة بين غولن والرسالة. وأبلغ السيناتور ويكر ديلي صباح بأنّ تركيا ينبغي أن تتعرّض للمحاسبة على انتهاكاتها المزعومة لحرية التعبير، وقال: "أتمنّى أن يعمل الوزير كيري على معالجة هذه التطورات دون تأخير".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!