ترك برس

بعد وقت قصير على إطلاقها على الوسط الإلكتروني،  حظيت أكاديمية نور الهدى التعليمية، رواجاً وقبولاً واسعاً بين أوساط الطلاب العرب في تركيا.

فكرة المشروع أطلقتها نور الهدى حلواني، بناء على حاجة الطلبة العرب إلى دراسة المناهج الدراسية باللغة التركية، فقد أصدرت وزارة التربية والتعليم التركية عام 2017 قرارا ينص على دمج الطلبة العرب في المدارس التركية، وإلغاء الاعتراف بالمدارس العربية خصوصا المدارس السورية الأكثر انتشارا حينها.

هذا القرار أدى إلى ظهور هاجس جديد أرّق الأهالي، فليست الإشكالية في دمجهم كطلاب مع أقرانهم الطلبة الأتراك بل في فهم المناهج الدراسية باللغة التركية التي تختلف عن لغتهم الأم العربية، فوقع الطالب العربي في تحدٍّ جديد عليه أن يجتازه.

وفي حوار أجرتها "حلواني" مع موقع "الجزيرة نت"، قالت إنها لمست هذه الحاجة الملحة لدى الطالب العربي في تركيا منذ أن استقرت فيها قبل ست سنوات، فهي تدرك أهمية تعلم "الأجنبي" لغة الدولة التي يقيم فيها من تجربة إقامتها في روسيا، فقد كانت تدرس أبناء مدينة موسكو اللغة العربية، وعلمتها تجربة التدريس هناك مفاتيح تدريس اللغة لغير متحدثيها.

وقد بدأت نور الهدى بنفسها، حيث دأبت على تعلم اللغة التركية حتى حصلت على شهادة "التومر" -وهو منهج أكاديمي معتمد من وزارة التربية والتعليم التركية- ثم تبعتها بتدريس الأتراك اللغة العربية في بعض المراكز التعليمية المتخصصة.

تقول نور "عندما قررت البدء بحلمي في تدريس الأتراك، بدأ قرار دمج الطلبة العرب في المدارس التركية، مما جعلني أغير الخطة وأساعدهم في تعلم التركية".

هذا السبب هو الذي جعل نور الهدى تقوم بتدريس المنهاج التركي للعرب لصفوف الخامس والسادس الابتدائي، بأسلوب التلقين الوجاهي بالمراكز التعليمية في يومي العطلة الأسبوعية (السبت والأحد) بولاية أنطاكيا جنوبي تركيا، لكنها لم تكن مقتنعة كفاية بذلك فقد وجدت أن هناك العديد من المفردات والتفاصيل تحتاج لوقت إضافي.

سعت نور الهدى إلى تطوير التدريس، فبدأت بتصوير "فيديوهات" تشرح من خلالها تفاصيل دروس المنهاج لتكون داعمة لما يُقدم في المراكز أو لتلبية حاجة من لا يود الدراسة في المركز، ثم عرضها عبر مجموعات "الفيسبوك" التي أنشأتها لهذه الغاية.

وقد ضمت 300 طالب من طلبة المركز، لكن ما حدث كان مفاجئا وغير متوقع كما تقول نور الهدى، فقد وصل عدد المنضمين إلى المجموعة في غضون يوم واحد 1600 طالب من العرب في ولايات تركية أخرى خارج إطار طلبة مركز أنطاكيا.

ازداد الطلب والحاجة في آن واحد، مما جعل نور الهدى تفكر في تأسيس فريق عمل يضم أساتذة من كافة تخصصات المناهج والمستويات الدراسية، واستخدام ذات الطريقة في عرض الفيديوهات التعليمية.

كما عملت على الاطلاع بشكل أوسع على المناهج التركية وطريقة أداء المعلمين المتبعة داخل صفوفهم الدراسية، والاستفسار عن تفاصيل المنهاج منهم، وكذلك اللجوء إلى مصادر أخرى كالإنترنت؛ بهدف بناء محتوى الأكاديمية بما يخدم المتطلبات بشكل دقيق وتفاعلي مع الطلبة العرب.

ولما لم تعد مجموعات "الفيسبوك" كافية لعرض دروس المناهج للسنوات الدراسية كلها بطريقة منظمة وعملية، دعت الحاجة لتأسيس موقع إلكتروني تعليمي باسم "أكاديمية نورالهدى التعليمية"، ضم "الفيديوهات" التعليمية حيث اعتمد على اختصار المناهج وتقديم الملخص المفيد الذي يبحث عنه الطالب.

كما يرافق محتوى الموقع وجود مجموعات "واتساب" تفاعلية مع الطالب بهدف المتابعة المستمرة والإجابة عن التساؤلات، ويشرف عليها كادر تدريسي متخصص. فالأكاديمية تقدم خدماتها برسوم رمزية (300 ليرة تركية) أي ما يقارب (50 دولارا) في الفصل الدراسي الواحد.

وبالإضافة إلى شرح الدروس التركية باللغة العربية، قدمت الأكاديمية دعما نفسيا للطلبة، يتمثل بمساعدتهم على الاندماج في المدارس التركية، إلى جانب تقديم نصائح تربوية لأولياء أمور الطلبة على اختلاف مراحلهم الدراسية، وقد لاقى الدعم صدى كبيرا لدى الأهالي.

ولا تقتصر الدروس فحسب على المنصة الإلكترونية التي يصل عدد طلابها إلى ما يقارب أربعة آلاف طالب من جنسيات عدة، موزعين في بعض ولايات تركيا.

فمن يريد من الطلبة التقوية بالمناهج عن طريق التعليم التقليدي ولا يحبذ الطريقة الإلكترونية، فهناك عدة مراكز تستقبلهم أكبرها مركز ولاية أنطاكيا الذي تأسس قبل عام ونصف وتجاوز الطلاب فيه 200 طالب، فضلا عن مراكز في ولاية إسطنبول وهي الأحدث تأسيسا.

وتحرص الأكاديمية على مراعاة الظروف المالية للطلبة وتقديم الخصومات بشكل دائم لهم، ورغم ذلك فالمشروع استطاع أن يغطي التكاليف والمصاريف الشهرية، كما تقول مؤسسة المشروع نور الهدى.

أما ما يفيض من أرباح فيدخر في سبيل توسيع المشروع ليشمل مرحلة "الثانوية العامة"، لما لها من خصوصية وجهد خاص، وكذلك لتطوير نطاق المشروع ليشمل الطلبة العرب في الجامعات التركية.

تختم نور الهدى حوارنا عن شغفها بقولها: "الطريق مليء بالحجارة، وأنا أريد أن أجعله قصيرا في مسيرة الطلبة عبر إتقان اللغة الجديدة (التركية) بسرعة.. والأكاديمية هي منبر تعليمي نافع للمهتمين في بناء معرفة تبني أجيال المستقبل".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!