ترك برس

عاد هِمّت تاباك، إلى قريته في ولاية قونيا وسط تركيا بعد تقاعده، وبدأ بغرس الأشجار في أرض قاحلة مما دفع أهل قريته إلى وصفه بالمجنون، لكن ذلك لم يحل دون استمراره بزراعة الأشجار وتحويل فدانات من السهوب إلى غابة صغيرة خلال 11 عاما.

يقيم هِمّت تاباك، البالغ من العمر 61 عاما، في حي "
"علي بي هويغو" بمنطقة "تشومرا" التابعة لولاية قونيا في وسط جنوب الأناضول، التي يمتاز مناخها بقلة الأمطار. وهناك ناضل من أجل تحويل الطبيعة ذات التراب القاحل الجاف إلى غابة ترتدي الثوب الأخضر.

بادئ ذي بدء قام تاباك بزرع شتلات على أطراف الطريق في الحي الذي يقيم فيه، ومع مرور الوقت قام بتشجير التلة الفارغة في وسط الحي، ونمّى مشروعه يومًا بعد يوم بعد أن حصل على دعم من البلدية ومن فاعلي الخير. ليتمكن خلال 11 عاما من زراعة 30 ألف شجرة.

من الطريف أن أهل الحي أطلقوا على تاباك لقب "أمة مجنونة" عند زراعته الشتلة الأولى في الأرض القاحلة بعد تقاعده. وقد اعتمد الجميع هذا اللقب إلى اليوم.

وفي حديث لوكالة الأناضول، قال تاباك: "بدأت بالزراعة فور قدومي إلى الحي. كان المكان قاحلا وجافا جدا، وبعد أن زرعت شتلتي الأولى قال عني أهل الحي (مجنون)، لكن جنوني أعجبهم، وفي الواقع لو لم أكن مجنونا لم أكن لأتمكن من زراعة 30 ألف شجرة. يستمتع الجميع بممارسة هوايات مختلفة مثل الصيد والذهاب للسينما أو صيد السمك، أما أنا فهوايتي ومتعتي زراعة الأشجار التي تمنحني طاقة للحياة".

وجد تاباك، الذي فعل ما لم يفعله أحد خلال الأعوام الماضية، السلام والأمان في الأشجار والطبيعة، وقال: "أعتني بالأشجار منذ أعوام وأرعاها مثل عينيّ، ولا أعمل من أجل المال بل من أجل حبي وشغفي بالطبيعة لذلك هو عمل تطوعي. أبدأ صباحي بسم الله وأخرج متوكلا على الله في الساعة 6 أو 7 صباحا، وأروي الأشجار، وأقص الأعشاب الضارة. وأكثر ما يمتعني احتساء كوب من الشاي تحت ظل الأشجار التي زرعتها. وقد زرعت 45 نوعا مختلفا من أشجار الفاكهة التي تنمو في مناخ قونيا".

وأضاف تاباك: "تلقيت دعما من البلديات، كما سجلت على ماكينتين لقص الأعشاب من البلدية، سأستلمها دون أن أدفع ثمنها. يجلب لي البعض شتلات لأزرعها، ويسعدني أنني قمت بزراعة كل هذه الشتلات. يمنحني قضاء وقتي في المساحات الخضراء الكثير من الفرح والطاقة، وأنا أنفق نصف معاشي على عائلتي ونصفه على غابتي. وطالما بقيت على قيد الحياة سأواصل زراعة الأشجار".

ذكر تاباك أن لديه هدف وحيد من زراعة الشتلات وهو تقديم غابة من الأشجار إلى سكان منطقته "تشومرا"، التي يبلغ تعداد سكانها 60 ألف نسمة، ومساحتها 1009 كيلومترات مربعة.

من الجدير بالذكر أن شركة قونيا للسكر بدأت بمشروع زراعة سهول قونيا القاحلة في عام 2004، بتعليمات من الرئيس رجب طيب أردوغان. وقد نفذ المشروع تحت شعار "شجرة لكل مواطن تركي"، الذي يهدف لزراعة أشجار بعدد سكان تركيا، وسجل لغاية شهر تموز/ يوليو 2019 غرس ما يقارب من 20 مليون شجرة على طول الطرقات التي تربط المدينة بالقرى والمناطق والولايات المجاورة بطول 4550 كم في 273 وجهة مختلفة، كما أنشئت غابات في 66 مكانا مختلفا بمساحة 9400 دونم. وقامت الشركة أيضا بتوزيع 465 ألف شتلة أشجار فواكه على المزارعين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!