محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

تحرك الآن محبو الفوضى والفلتان كما جرت العادة قبل كل انتخابات حاسمة، وعلى ما يبدو أنهم سيجربون كل الطرق للتأثير على العملية الانتخابية، وما حصل من اغتيال للنائب العام محمد سليم كيراز في اسطنبول هو أحد منتجات تلك العقلية.

كان من الواضح جدا الضعف الاستخباراتي المتعلق بتلك الحادثة وما تبعها من أحداث أيضا، لكن الأخطر من ذلك كله كان رد فعل الساسة والصحافة، كما فعل حزب الشعب الجمهوري المعارض، عندما حاول استغلال هذا العمل الإرهابي الدموي لتحقيق بعض من أهدافه السياسية.

هذه عادة حزب الشعب الجمهوري لم يغيرها منذ سنوات، فما حدث من هجوم على مجلس الدولة عام 2006، تبعه نفس الأسلوب من حزب المعارضة، حاولوا أولا استغلاله لإسقاط الحكومة، وعندما فشلوا في ذلك، بدؤوا يتهمونها بأنها "هي من تقف وراء الحادث من أجل تحقيق مصالح للحكومة"، وهذا الأسلوب أصبحنا نراه لدى جميع أحزب المعارضة بما فيها حزب الشعب الجمهوري.

اليوم يوجد جبهة معارضة موحدة ضد الحزب الحاكم، لكن هذه المعارضة كلها انحرفت عن مسارها، وهذا للأسف يؤثر على الديمقراطية في تركيا، لكنه حقيقة واقعة، وأكثر ما يُدمي القلب هو أنْ وصول حال حزب الشعب الجمهوري مؤسس الجمهورية التركية، والذي يحصل على نسبة 25% من أصوات الشعب، وصل حاله لدرجة استغلال عمل إرهابي دموي قامت به منظمة إرهابية كأداة لتحقيق أهداف سياسية.

هذا ليس الخطأ الأول الذي يقوم به الحزب بعهده "الجديد"، فعند النظر إلى آخر عامين، نرى كيف استخدم حزب الشعب الجمهوري أحداث "غزي بارك" ومحاولة الانقلاب التي جرت في الفترة بين 17-25 ديسمبر من أجل تحقيق بصيص من أهدافه السياسية، حتى وصلت به الدرجة للقيام بأعمال ضد الدولة التركية بحجة وقوفه في صف المعارضين لحزب العدالة والتنمية، لكن كانت نتيجة هذه التصرفات هي هزيمته النكراء في آخر مرتين للانتخابات، ومع ذلك لم يستخلص العبر، فهو ما يزال في تعاون كبير مع جماعة غولن.

يتعاون حزب الشعب الجمهوري مع جماعة غولن، لكنه في نفس الوقت يضع أسماء على قوائمه الانتخابية تقف ضد الجماعة، ما هذا التناقض؟ نحن نعلم كيف ينظر حزب الشعب الجمهوري إلى محاولة الانقلاب التي جرت في الفترة 17-25 ديسمبر، لكن دعونا نرى ماذا يقول "دورسون تشيتشيك" المرشح الثاني عن منطقة اسطنبول 2 :"لو استطاعوا الإطاحة بالحكومة لفاز أحد قادة الأحزاب المعارضة برئاسة الحكومة التالية، ثم سيأتي فتح الله غولن لينزل في تركيا كزعيم روحي، كما نزل الخميني بعد الثورة الإيرانية، وذلك لأنهم سيطروا على نظام القضاء، ولو سيطروا على نظام الحُكم في ديسمبر في محاولة الانقلاب لأصبح فتح الله غولن من يدير الدولة".

كما رأيتم يصف تشيتشيك أحداث ديسمبر على أنها محاولة "انقلاب"، لكن رئيس حزبه كيليتشدار أوغلو يقول العكس تماما، فهل سيكون لذلك انعكاسات على قائمة حزب الشعب الجمهوري للانتخابات البرلمانية؟ لا أعلم، ننتظر ونرى.

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس