ترك برس

قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن بلاده كدولة عانت من التبعية للخارج في مجال الطاقة لسنوات طويلة، وستتطلع الآن إلى المستقبل بطريقة أكثر ثقة على خلفية تحقق أكبر كشف للغاز الطبيعي بتاريخها في البحر الأسود.

وأضاف أردوغان في خطاب تاريخي أن سفينة التنقيب "فاتح" التي بدأت أعمال البحث والتنقيب في بئر "تونا-1" بتاريخ 20 يوليو / تموز 2020، اكتشفت 320 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي. 

وتابع: "أسأل الله تعالى أن يعود الدخل الناتج من هذه المنطقة بالخير والبركة لأمتنا ولجميع أصدقائنا الذين علقوا آمالهم علينا وللبشرية جمعاء.. وبمشيئة الله تعالى ننتظر أنباء سارة مماثلة من البحر المتوسط".

يُذكر أن تركيا تستورد أكثر من 90% من احتياجاتها النفطية من الخارج، مما يضعها على رأس قائمة البلدان التي تستهلك أغلى أنواع الوقود على مستوى العالم، إذ تبلغ فاتورة الواردات التركية من الطاقة حوالي 40 إلى 45 مليار دولار سنويا.

في هذا السياق، اعتبر الباحث الاقتصادي في جامعة إيجه بإزمير محمد إبراهيم، أن اكتشاف حقل الغاز سيساعد الاقتصاد التركي على تخفيض العجز في الميزان التجاري، وبالتالي تخفيض العجز في الحساب الجاري، حيث تعتبر تركيا بلدا مستوردا لمصادر الطاقة سواء البترول أو الغاز الطبيعي.

وقال إبراهيم إن مؤشر الحساب الجاري يعتبر من أهم المؤشرات الاقتصادية الكلية التي تعطي صورة عن تعاملات البلد مع العالم الخارجي، فكلما زادت نسبة العجز في الحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي تكون الصورة سلبية عن الاقتصاد، وتظهر مدى هشاشته في علاقته مع العالم الخارجي ويحدث العكس عندما يتم تخفيض هذا العجز والذي يعطي صورة إيجابية عن الاقتصاد.

وأكد الباحث الاقتصادي في حديث لشبكة الجزيرة القطرية أن اكتشاف الغاز الطبيعي أيضا يساهم في تخفيض الطلب على العملات الأجنبية وبشكل خاص الدولار مما يساهم في دعم استقرار الليرة والحفاظ على قيمتها أمام العملات الأجنبية.

وأضاف إبراهيم "يساهم (الاكتشاف) أيضا في جذب الاستثمار الأجنبي وبالتالي تطوير قطاع الطاقة في تركيا وما يتيحه من فرص عمل واستثمارات جديدة في هذا القطاع، كذلك قد يساعد حكومة الرئيس أردوغان على الاتجاه نحو القيام بإصلاحات هيكلية في الاقتصاد".

وحول تأثيره على الصناعات، أكد أن اكتشاف مصادر الطاقة يوفر أحد أهم الموارد الاقتصادية للصناعات الوطنية وكذلك توفير فاتورة الكهرباء اللازمة للصناعات المحلية والتي تعتمد على مصادر الطاقة المستوردة، كما يساعد في استقرار أسعار مصادر الطاقة المحلية بعيدا عن الصدمات الخارجية.

وعدد إبراهيم جوانب تأثير اكتشاف مصادر للغاز على المواطن التركي في النقاط التالية:

"قد يؤدي لتخفيض الأسعار المحلية بعيدا عن صدمات الأسعار العالمية وبالتالي تخفيض فواتير الكهرباء ونحو ذلك مما يخفف على المواطنين من تكاليف المعيشة خصوصا أن أغلب منازل تركيا تعتمد على التدفئة المرتبطة بالغاز خلال معظم شهور السنة.

يتيح للحكومة زيادة مواردها المالية وبالتالي تصبح لديها قدرة أكبر على الإنفاق العام وتقديم الخدمات بشكل أفضل للمواطنين.

الحفاظ على القوة الشرائية لليرة بناء على استقرار سعر صرفها أمام العملات الأجنبية".

من جهته، أكد أستاذ الاقتصاد والتمويل في جامعة "أرتوكلو" متين أيرول أن تركيا بهذا الاكتشاف وبالاكتشافات المستقبلية للغاز والنفط في البحرين الأسود والمتوسط لن تستغني عن استيراد الغاز فقط بل ستصدره وستكون دول مثل بلغاريا وأوكرانيا من أشد المهتمين بشراء هذا الغاز.

وتوقع أيرول بناء على حجم الاكتشاف تراجع عمليات الاستيراد عبر خط ترك ستريم (خط أنابيب الغاز الطبيعي بين روسيا وتركيا).

وكانت شركة غازبروم الروسية العملاقة قد افتتحت خط أنابيب "ترك ستريم" عبر البحر الأسود لزيادة حصتها في السوق التركية، وتقليل الاعتماد على أوكرانيا كطريق عبور لإمدادات الطاقة.

ولفت أستاذ الاقتصاد والتمويل في جامعة "أرتوكلو" إلى أن تخفيض فاتورة الواردات بشكل عام وبالتالي تخفيض الانكشاف التجاري للاقتصاد التركي يزيدان من مناعة الاقتصاد ضد الصدمات الخارجية خصوصا صدمات أسعار الطاقة العالمية.

وقال "من الجيد أن الاكتشاف حصل بعدما بنينا قدراتنا الذاتية وأنشأنا مؤسساتنا الصناعية التي تنافس العالم دون الاعتماد على البترول والغاز الطبيعي، والآن اكتشاف الغاز سيوسّع علينا طرائق العمل والإنتاج".

وتابع أيرول "في الوقت الراهن، أليست تركيا في وضع مغاير عن الجيران أغنياء الطاقة الذين يرتعشون وهم يقولون ماذا لو هبط سعر برميل النفط إلى ما دون الـ 20 دولارا؟".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!