مصطفى كارت أغلو – صحيفة ستار- ترجمة وتحرير ترك برس

في بدايات الألفية الأولى، كان الأرمن يقفون إلى جانب السّلاجقة ضدّ الرّوم في الشّرق. كما أنّهم وقفوا ضدّ الكاثوليك خلال الحملات الصّليبية. واستمرت الوحدة بين الأرمن والسلاجقة لثمانمئة عام. فالأرمن لم يكونوا مجرّد مواطنين خلال هذه الفترة، بل استلموا مناصب رفيعة داخل أجهزة الدّولة آنذاك. وفي تلك الحقبة الزّمنية انهارت الإمبراطورية الرّومانية وصعد نجم أوروبا وروسيا. بينما قام العثمانيون بإعلان إمبراطوريتهم في المناطق التي كانت تخضع للإمبراطورية الرومانية خارج حدود القارة الأوروبية وفي دول البلقان.

أمّا الأوروبيون، وبعد الخسائر المتتالية التي تعرضوا لها، بدؤوا بإقامة مستعمراتٍ لهم في المناطق البعيدة عن نفوذ الإمبراطورية العثمانية. وبدأ الأوروبيون مع مرور الزّمن بتوسيع رقعة مستعمراتهم، حتى وصلوا إلى حدود الإمبراطورية العثمانية وبدؤوا بالاحتكاك المباشر مع العثمانيين.

الثورة الصناعية التي حدثت في النّصف الثاني من القرن التاسع عشر، وحّدت بين قوّة السلاح وقوة المال. ونتج عن ذلك أن نهضت الدّول الأوروبية سياسياً أيضاً. فأصبح لهم قوة سياسية لا يستهان بها. فبدأ الأوروبيون يصارعون الدّولة العثمانية من أجل السيطرة على المناطق التي تتمتّع بالغنى من حيث الثروات الباطنية. كما قام الأوروبيون باستخدام القوة السياسية آنذاك من أجل تفكيك الإمبراطورية العثمانية. وانضمّ إليهم في نهاية هذا المطاف الاتحاد السوفيتي (روسيا).

بعد أن قامت القوات الإنكليزية باحتلال مصر عام 1882، جرت أحداث ما بين عامي 1896 و1916، لا بدّ لنا من ذكرها في هذا الصّدد.

- بدأ الأرمن بعصيانٍ مدني في مدينة فان التركية.

- بدأت الحرب العثمانية اليونانية.

- عُقد في مدينة بازل السويسرية مؤتمر بال الذي تمّ فيه إقرار إقامة الدّولة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية خلال خمسين عام، واستيلاء هذه الدّولة على الأراضي الممتدة بين نهري النيل والفرات لتحقيق أهداف دولة إسرائيل الكبرى.

- قامت إنكلترا باحتلال الكويت، كما قامت القوات الفرنسية باحتلال جزيرة ميديللي اليونانية.

- قامت التيارات الأرمنية بمحاولة اغتيال السلطان عبد الحميد الثاني.

- تمّ توبيخ السلطان عبد الحميد الثاني في مؤتمر تركيا الفتاة الثاني الذي عُقد في باريس.

- قامت إمبراطورية النمسا والمجر باحتلال البوسنة.

- قام الأرمن بعصيانٍ مدني في منطقة "جوقور أوفا" التي تقع داخل حدود الأناضول (ولاية أضنة وما حولها).

- قامت حركة الاتحاد والترقي باقتحام إسطنبول والإطاحة بالسلطان عبد الحميد الثاني بحجّة الرّجعية. فاشتدّ على إثر ذلك عود عناصر الاتحاد والترقي التركي.

- بدأت ثورة شعبية ضدّ الدّولة العثمانية في ألبانيا.

- قامت القوات الإيطالية باحتلال طرابلس الغرب (ليبيا).

- بدأ العصيان في بلغاريا.

- بدأت معارك البلقان بمشاركة اليونان وصربيا والجبل الأسود.

- سيطرت حركة الاتحاد والترقي على مقاليد الحكم نتيجة ضغوط الباب العالي.

- بدأت الحرب العالمية الأولى.

- قصفت القوات الروسية ولاية طرابزون واقتحمت إثر ذلك شرق الأناضول.

- بدأت حملة "ساريقاميش" لمواجهة القوات الروسية.

- احتلّت إنكلترا في هذه الأثناء مدينة الموصل العراقية.

- بدأت معارك جناق قلعة بين العثمانيين ودول الحلفاء.

- أصدرت القيادة العثمانية عام 1915 قراراً بترحيل الأرمن لفترةٍ مؤقّتة.

- تابعت القوات الروسية امتدادها داخل الأناضول لتصل إلى أرض الرّوم وبيتليس وموش وهاكاري.

- تم الإعلان عن دويلات جديدة في منطقة الشرق الأوسط التي كانت خاضعة للدّولة العثمانية عبر اتفاقية سايكس بيكو.

- تمّ الإعلان عن استقلالية الحجاز (مكة المكرّمة والمدينة المنورة).

- استولت القوات الإنكليزية على كامل العراق.

- فقدت الدّولة العثمانية سيطرتها على القدس.

والآن يمكننا أن نلخص كلّ هذه الأحداث التاريخية، بأن نقول إنّ الذين فقدوا حياتهم خلال هذه المعارك هم من العرب والأتراك والأرمن والمسيحيّين والأكراد. وكلّ هؤلاء كانوا مواطنين ينتسبون بشكلٍ رسمي للدّولة العثمانية.

على الرّغم من كلّ هذه الأحداث الدّموية، هل استطاعت هذه الشعوب أن تنال استقلاليتها بشكل كامل؟.

- دول البلقان كانت خاضعة لحكم إمبراطورية النمسا والمجر. ومن ثمّ خضعت لحكم السوفييت. والآن تسيّر من قِبل الأوروبيين وخاصّةً ألمانيا.

- القرم وأرمينيا ما زالتا تحت السيطرة الروسية سياسياً.

- سوريا، العراق، الأردن، ليبيا، ومثيلاهم من باقي الدّول العربية ما زالت تُحكم من قِبل الأنظمة الديكتاتورية التي خلّفها الاستعمار الغربي.

- أمّا اليونان فالكلّ يدرك أنّ اليونانيين يصغون لرئيسة الوزراء الألمانية "أنغيلا ميركل" أكثر من رئيس وزرائهم "تسيبراس".

الدّولة العثمانية لم تستطع الدّفاع عن نفسها وعن الشّعوب التي كانت تخضع لحكمها أمام الحملات الشّرسة التي شُنّت ضدّها، لكن تركيا الجديدة استخلصت الدّروس والعبر من هذه الحملات. فتركيا الجديدة اليوم تحاول تضميد جراح الدّولة العثمانية. لكن بالمقابل فإنّ الهجمات على هذه الدّولة تستمرّ بنفس الوتيرة.

فالغرب يحاول تقسيم الدّولة التركية من خلال استخدام ورقة الأكراد. أمّا بالنسبة للادّعاءات الأرمنية، فإنّ هناك ثلاثة وثلاثون دولة أقرّت بأنّ ماحدث عام 1915 هو إبادة بحقّ الشّعب الأرمني، وأنّ الأتراك هم من قاموا بهذه المجزرة. لكن الملفت للانتباه أنّ 22 من هذه الدّول، قرّرت اعتبار أحداث عام 1915، على أنّها إبادة جماعية، بعد عام 2002، أي بعد وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في تركيا.

عن الكاتب

مصطفى كارت أوغلو

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس