ترك برس

رحّبت جماعة "الإخوان المسلمين" بوساطة تركية محتملة بينها وبين الحكومة في مصر، على خلفية جهود التقارب بين أنقرة والقاهرة.

وكشف إبراهيم منير، نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين، عن إمكانية القبول بوساطة أنقرة لحلحلة الأزمة المصرية المستمرة منذ الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، قبل نحو 7 سنوات.

وبحسب شبكة الجزيرة القطرية، عبر أكثر من قيادي معارض بالخارج عن الترحيب بوساطة تركيا في الأزمة المصرية، وإجراء حوار مشروط، مشددين على أهمية أن يشمل جميع الأطراف وأن يمتد إلى قضايا عديدة في مقدمتها قضية "المعتقلين السياسيين".

وردا على سؤال طرحته قناة الجزيرة مباشر، مساء السبت، عن إمكانية قبول وساطة تركية في ظل التقارب مع مصر، قال منير القائم حاليا بأعمال مرشد الإخوان "إذا عُرض على المعارضة المصرية -ونحن جزء منها- حوار مع النظام بما ييسر أوضاع المعتقلين ويحسن أحوال الشعب، فلن نرفض" مؤكدًا أنه يقبل بتدخل أي أحد لحلحلة الأمور في مصر.

وأشار منير إلى أن أي تقارب بين تركيا والنظام المصري يجب أن يراعي وضع المعتقلين السياسيين داخل مصر، وكذلك عدم التنازل عن دماء الضحايا الذين سقطوا بعد الانقلاب.

ومساء الخميس، أبلغت السلطات التركية مديري قنوات معارضة تبث من تركيا، ومنها قناة "وطن" الناطقة باسم الجماعة، إضافة إلى قناتي "الشرق ومكملين" أهمية الالتزام بمواثيق الشرف الإعلامي وعدم المساس بالسياسات العليا بمصر، بحسب ما نقله للجزيرة نت مصدر حضر الاجتماع.

ولم تعلق أنقرة أو القاهرة على إمكانية التحرك أو القبول بهذه الوساطة، غير أن وكالة الأناضول للأنباء التركية نشرت تصريحات منير مع الجزيرة تحت عنوان "الإخوان تثق بتركيا وتقبل وساطتها مع نظام مصر".

من جانبه، قال رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية بالخارج، أيمن نور، إن اجتماعه مع المسؤولين الأتراك -الذي تم مساء الخميس الماضي- لم يتطرق بشكل واضح لقيام تركيا بدور في الوساطة لحلحلة الأزمة السياسية بين المعارضة والنظام المصري.

‏وأكد نور، وهو ليبرالي التوجه ومؤسس حزب غد الثورة، في تصريحات للجزيرة، أنه لا يستبعد حرص تركيا على أن تكون وسيطًا نزيهًا في حل هذه الأزمة بوجهها الحقوقي والسياسي حال تطورت العلاقات المصرية التركية المرحلة المقبلة.

‏وأضاف أن اتحاد القوى الوطنية ناقش، في اجتماع طارئ السبت الماضي، القضايا التي أثيرت في الاجتماع مع الجانب التركي، وفي مقدمتها ‏تطوير خطاب القنوات المعارضة بالخارج والتزامها الكامل بمواثيق الشرف الإعلامي وأهمية التزام الطرف الآخر بهذه المواثيق.

‏وأوضح أن الاتحاد، الذي تأسس في فبراير/شباط الماضي، لم يناقش بعد الدخول في حوار مع النظام المصري، وبالتالي لم يتخذ قرارًا بشأن شروط وضمانات هذا الحوار، مشيرا إلى أن حزب ‏غد الثورة لا يرفض أية جهود جادة ومخلصة تستهدف حوارًا سياسيًا جادًا، للخروج بمصر من أزمتها، في إطار توافق ‏وطني واسع، وتحول ديمقراطي مأمول، بما يحقق مصالح الوطن ويحسن أحوال المواطنين ويرد الحقوق لأصحابها.

بدوره، أوضح طارق الزمر، الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية في مصر، أن الأزمة تعد نموذجًا صارخًا لضرورة الحل السياسي.

وفي حديثه للجزيرة، قال "الوسيط التركي تحديدًا سوف يضفي على الحل السياسي قيمة إضافية لعدة أسباب منها ظروف جديدة تمر بها المنطقة تجعل من العلاقات المصرية التركية ضرورة، وهو ما يجعل الحرص المصري على هذه الوجهة أهمية، ويجعل من احترامه لنتائجها مصداقية".

وشدد الزمر على أن تركيا -في ظل حكم حزب العدالة والتنمية- رسخت مفاهيم مهمة للدولة والمجتمع تستضيف على أراضيها العدد الأكبر من المعارضين المصريين، وهي مؤهلة لأن تكون شريكا لثقة الطرف المعارض بها وحرص الحكومة المصرية على قبول وساطتها، في ضوء علاقات جديدة يمكنها حال نجاحها أن تكون ركيزة لشرق أوسط جديد.

وأكد أن جماعة الإخوان طرف رئيس في الأزمة المصرية، ولديهم عدد كبير من المعتقلين، ومشاركتهم في الحوار ضرورية لقناعة الأطراف بجدية التفاوض. علما بأن المأمول هذه المرحلة هو التركيز على الأولوية القصوى لتسوية مشكلة المعتقلين.

أما محمد سودان، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان- فقال إن الجماعة ليس لديها أي مانع من تدخل أي طرف ثالث لحلحلة الأمور، ورفع الظلم عن الشعب المصري عامة والمعتقلين خاصة.

وأضاف القيادي بجماعة الإخوان "ليس الحديث عن حوار يعد اعترافا بشرعية النظام الانقلابي ولكنه حديث عن حلحلة الأمور بالنسبة لآلاف المعتقلين".

وحول إمكانية حدوث وساطة تركية، عبر سودان عن اعتقاده بأن "الأمر يخضع لمدى احتياج السيسي ونظامه لتركيا، فعلي قدر المصالح التي سيجنيها السيسي ونظامه سيكون قدر التنازل".

وأكد سودان أن مطالب الجماعة الآنية إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين بكافة أطيافهم وانتماءاتهم السياسية، مضيفا أن تركيا وغيرها من دول العالم يعرفون تماماً مدي الظلم الواقع علي جماعة الإخوان وجُل المعارضين السياسيين في مصر.

من جانبها، أكدت رئيسة المجلس الثوري المصري مها عزام الترحيب بكل المساعي التي تساعد الشعب المصري في تحقيق مطالبه.

وأضافت "تركيا دولة كبرى تستضيف الكثير من المستضعفين والمظلومين من جميع أنحاء العالم الإسلامي كجزء أساسي من مبادئها، وهي في ذات الوقت تسعى لمصالح شعبها وإستراتيجيتها الإقليمية والدولية، والتي ستساهم في أمن واستقرار المنطقة".

وأوضحت عزام أن مطالب المجلس الثوري المصري واضحة، وهي إنهاء الدكتاتورية وإطلاق المعتقلين السياسيين وإعادة جميع الحريات والمسار الديمقراطي، ومحاسبة كل من تلوثت يداه بالدماء أو كل من شارك وارتكب جريمة حرب من قوات الجيش والأمن خلال السنوات الماضية.

من جهته، أكد خالد إسماعيل عضو المكتب السياسي لحركة "شباب 6 أبريل" أنه لا يوجد أحد يعارض الوساطة التركية لحل الأزمة المصرية وإيجاد حلول قاطعة لجميع الملفات "والمساعدة في إجراء مصالحة مصرية تمهد لحل الأزمة السياسية ولتحول ديمقراطي".

وتساءل إسماعيل عن استعداد طرفي الصراع الرئيسيين بمصر (السلطة العسكرية الحاكمة، جماعة الإخوان) لتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية، وتقديم التنازلات من أجل إنهاء الأزمة التي اندلعت في يوليو/تموز 2013.

واستدرك إسماعيل بأن جماعة الإخوان والسلطة ليسا الطرفين الوحيدين "فهناك أطراف أخرى يجب أن يكون لها مكان على طاولة المفاوضات لأن مصر ليست قاصرة على الثنائية الشهيرة العسكر والإخوان".

واعتبر أن الحوار والوساطة التركية من الممكن أن تكون مقدمة لتوسيع دائرة التفاهمات بما يضمن اتفاقا يُحدث تغييرًا جذريًا في الحياة السياسية بمصر، مشددا على أنه من غير المقبول أن ينتج عن هذه التفاهمات مجرد مكاسب قليلة أو انفراجة محدودة لا تقترب من التغيير المأمول سياسيًا ومجتمعيًا في ملف الحقوق والحريات.

وفي هذا السياق، يؤكد الدكتور عصام عبد الشافي أستاذ العلوم السياسية، مدير المعهد المصري للدراسات، أن إعلان "الإخوان" الاستعداد لقبول الوساطة والحوار مع النظام لا يمكن وصفه بأنه موقف ارتجالي من ناحية، أو خطة إستراتيجية لتصفير أزمات الجماعة من ناحية ثانية، لأنه لا محل للارتجالية بهذه المرحلة، ولأنه لا وجود لخطة إستراتيجية من الأساس.

وأكد الأكاديمي المصري أن هناك تحولات إقليمية شديدة الأهمية مدفوعة بضغوط أميركية لحلحلة الأزمات في بعض الدول وبعض الملفات، وهو ما انعكس في عدة مؤشرات: من بينها إجراءات التسوية السياسية في ليبيا، والدعوة لوقف حرب اليمن، المصالحة الخليجية بعد أزمة حصار قطر، والتصريحات والبيانات العلنية المتبادلة بين تركيا من ناحية وكل من السعودية ومصر من ناحية أخرى.

وأشار إلى وجود توجه واضح لتهدئة وليس تسوية التوتر بين النظامين المصري والتركي، عبر العديد من المؤشرات، من بينها التصريحات الرسمية المباشرة والعلنية، واللقاءات الأمنية والسياسية، وموقف أنقرة من القنوات الإعلامية المعارضة التي تعمل من تركيا.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية "الحديث عن القبول بالحوار يحمل تفسيرًا رئيسًا من وجهة نظري، وهو الضغوط السياسية الخارجية التي تعرضت لها الجماعة للقبول بالحلحلة، والإعلان عن ذلك بشكل مباشر، ووضع الكرة في ملعب النظام المصري".

واختتم مدير المعهد المصري للدراسات بقوله "سيكون الملف الأبرز، إذا تحقق أي تحرك، هو ملف المعتقلين، وبحدود ضيقة مرحليًا دون التطرق لملفات أخرى تتعلق بالدور السياسي للجماعة، أو عودة المعارضة الخارجية للعمل من الداخل".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!