محمود عثمان – خاص ترك برس

تشهد تركيا هذه الأيام حراكا سياسيا نشطا , إثر سيطرة أجواء الانتخابات البرلمانية القادمة على المشهد السياسي الداخلي .إذ يصف المراقبون السياسيون انتخابات السابع من حزيران القادم بالتاريخية والمصيرية والمفصلية والحساسة !.

ورغم جريان العادة على تسمية جميع الانتخابات بالتاريخية والمصيرية والحساسة إلا أنها هذه المرة تبدو كذلك ,من حيث كونها ستساهم إلى حد كبير في تحديد شكل الحكم في تركيا هل سيبقى برلمانيا كما هو حاليا ,أم سيتحول إلى حكم رئاسي أو نصف رئاسي كما يطمح الرئيس رجب طيب أردوغان . وكذلك كون هذه الانتخابات ستشكل امتحانا قاسيا وتحديا صعبا حول قدرة حزب العدالة والتنمية على الخروج من عنق الزجاجة , وتجاوز عقبة انفراط العقد بعد غياب القائد المؤسس كما حدث لحزب الوطن الأم عندما صعد رئيسه المرحوم تورغوت أوزال إلى رئاسة الجمهورية ,حيث لم يتمكن قادة الحزب بعده من الحفاظ على وحدته وتماسكه وديمومته ,الظاهرة نفسها التي تكررت مع حزب الطريق القويم ورئيسه سليمان دميريل بعد انتخابه رئيسا للجمهورية .. فقد لقي الحزبان الوطن الأم والطريق القويم نفس المصير إذ أصبحا أثرا بعد عين طي صفحات التاريخ .

إنه من الطبيعي والحالة هذه أن يكون هناك توتر واستقطاب حاد يسري إلى جميع الكيانات والمؤسسات الحزبية والشعبية والرسمية . إذ يبدو هناك طرفان ,طرف يمثله حزب العدالة والتنمية , وطرف نقيض يضم بقية المكونات السياسية وعددا غير قليل من المؤسسات المدنية والجمعيات وحتى الجماعات الاسلامية لعل أبرزها جماعة فتح الله كولن التي دخلت حرب تكسير عظام مع العدالة والتنمية وحكومته !.

ولعل من سوء الطالع أن يصنف اللاجئون السوريون في خانة الحكومة وحزب العدالة والتنمية . بل إن بعض الفرقاء السياسيين لا يتورع عن استخدامهم كورقة للضغط على الحكومة والحزب كونهم المنطقة الرخوة التي يستطيعون استغلالها للهجوم على الحكومة والحزب الحاكم !.
وقد بتنا نشهد بين الفينة والأخرى حوادث اعتداء سافر جائر بحق السوريين دون أسباب مبررة ! وخصوصا في المطارات إذ يتصيد بعض أفراد الشرطة أبسط الأخطاء وأدنى الحجج للاعتداء والتهجم على السوريين وخصوصا الشباب منهم لسهولة استفزازهم , وفي بعض الأحيان يهاجمونهم وينهالون عليهم بالضرب والسجن , وأحيانا يرجعونهم إلى حيث أتوا دون حجة قانونية أو سبب مقنع !!!..
طبعا هذه الحالات وإن تكررت لا تشكل ظاهرة عامة , لذلك على الجميع توخي الحذر في الحكم والتعميم لأن قطاع الشرطة كغيره من القطاعات الرسمية الأخرى قد يكون فيها المعارض للحكومة وسياساتها , ومن ينتمي للكيان الموازي أي جماعة فتح الله كولن , ممن يعتبرون السوريين حلفاء لأردوغان وحزب العدالة والتنمية !.
يجب الانتباه الى أن هؤلاء يتعمدون مثل هذه الحوادث بغية استفزاز الشباب السوريين ودفعهم للغضب والثوران وفقدان التوازن وردة الفعل ثم العصيان لاشعال نار الفتنة .

إن أفضل طريقة طريقة للتعامل مع مثل هذه الحوادث هو الحفاظ على التوازن وعدم الاستجابة للاستفزاز , ثم اللجوء إلى الطرق القانونية والتبليغ والشكوى والمتابعة القضائية وعدم الاستسلام للأمر الواقع .

علينا أن نعلم أن الغالبية في تركيا حكومة وشعبا يعتبرون أنفسهم أنصارا والسوريين ضيوفا مهاجرين .

ما أجملها من علاقة أخوية راقية ..

عن الكاتب

محمود عثمان

كاتب سياسي مختص بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس