تقرير الجزيرة نت

يتأهب الحجاب لدخول حلبة منافسات الترشح للبرلمان التركي لأول مرة في تاريخ البلاد، حيث ضمت قوائم المرشحين للانتخابات البرلمانية المزمع عقدها في 7 يونيو/حزيران المقبل، عددا كبيرا من المحجبات، ليس فقط في صفوف الحزب الحاكم بل حتى في أحزاب المعارضة.

ومنذ انقلاب الجيش التركي على السلطة السياسية التي كانت ممثلة بحزب الرفاه الإسلامي في 28 فبراير/شباط 1997، أحكم العلمانيون قبضتهم على المجتمع التركي وقيدوا الحريات الدينية، وكانت شريحة المحجبات الأكثر تضررا، حيث منعت من الدراسة والعمل.

وتعتبر النائبة السابقة مروة قاوقجي أيقونة هذا النضال، بعد طردها في الثاني من مايو/أيار 1999 من البرلمان من قبل التيار العلماني المتشدد، ومنعها من أداء اليمين الدستورية.

ورغم فوزها بالانتخابات نائبة عن حزب الفضيلة، تم تجريدها من الجنسية التركية وصدرت بحقها عدة أحكام بالسجن، حتى هاجرت إلى الولايات المتحدة.

تحرر تدريجي

وأسهم وصول حزب العدالة والتنمية لسدة الحكم في تحرر الحجاب تدريجيا في مختلف الميادين، لكنه ظل خارج البرلمان حتى إعلان رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان في أواخر سبتمبر/ أيلول 2013 حزمة إصلاحات ديمقراطية، رفع بموجبها الحظر عن ارتداء الحجاب في المؤسسات العامة.

وتتنافس 42 مرشحة محجبة من أصل 99 امرأة عن الحزب الحاكم لدخول البرلمان، معظمهن كن ضحايا حكم العسكر في تركيا.

والمفارقة أن نور سيرتار النائبة البرلمانية عن حزب الشعب الجمهوري، تراجعت عن ترشحها في هذه الانتخابات.

وتعرف النائبة سيرتار بأنها مبتكرة "غرف الإقناع" خلال عملها نائبة لرئيس جامعة إسطنبول في السابق، حيث كانت تجبر الطالبات اللواتي يرفضن خلع حجابهن لدخول تلك الغرف لإقناعهن بفعل ذلك، وهو الأمر الذي ترك جروحا نفسية عميقة عند كثيرات.

حق مسترد 

وقد أشاد الكثيرون بالتطور الجديد، ومنهم خديجة ديميرطاش التي سبق أن منعت من دخول كلية الحقوق بحجابها فناضلت لإكمال دراستها لفترة دامت عشر سنوات، لكن معاناتها لم تنته، حيث طردت من عملها مستشارة قانونية في إحدى المؤسسات الحكومية عقب قانون 28 شباط.

ووصفت ديميرطاش للجزيرة نت تمكن المحجبات من الترشح لدخول البرلمان بأنه ''استرداد لحق ديمقراطي"، سلب منهن لسنوات طويلة بغير وجه حق، وعبرت عن اعتزازها بتمكن الحزب الحاكم -بهذه الخطوة- من إعلان إسدال الستار نهائيا عن حقبة كان ينظر خلالها للمرأة المحجبة "كتهديد للجمهورية".

وأكدت أن الرئيس أردوغان لا يسعى بهذه الخطوة لأسلمة المجتمع التركي، لأن الحجاب بالأصل ''جزء لا يتجزأ من حياة الأتراك، ناهيك عن كون المسألة تتخطى الميدان السياسي لتشمل حقوق الإنسان والحريات واحترام الكفاءات''، بحسب تعبيرها.

بدورها عبرت المرشحة البرلمانية الشابة نيسليهان جينك عن شعورها بالفخر لأن نساء تركيا، "بغض النظر عن مظهرهن الخارجي، أصبح بمقدورهن التواجد تحت قبة البرلمان دون أن يتعرضن للطرد".

وقالت للجزيرة نت إن هذا انعكاس لواقع تركيا الذي تعيش فيها المحجبات والسافرات على حد سواء، "وقد حان الوقت للحديث عن إنجازات المرأة التركية، وليس عن ما تلبسه".

مرشحات المعارضة

وقدمت أحزاب المعارضة هي الأخرى مرشحات محجبات للمنافسة على المقاعد البرلمانية، ومنها حزب ديمقراطية الشعوب، الذي قدم آرسوي المهتمة بالأعمال الخيرية على أنها مرشحته المحجبة، رغم أنها تنحدر من عائلة علمانية متشددة.

ورغم اعترافها أن الأحزاب المعارضة قلدت الحزب الحاكم فيما يتعلق بترشيح محجبات، لكن بيريهان كيراز الكردية دافعت عن حزب ديمقراطية الشعوب الذي ترشحت عنه، وقالت إنه قدم مرشحاته المحجبات "في المكان والترتيب المناسب".

وأكدت للجزيرة نت أن مرشحات حزبها سيضمن الفوز بمقاعد في البرلمان، بخلاف نظيراتهن من الحزب الحاكم، "الذي قدم مرشحاته في مناطق ومراتب متأخرة تقلل فرص نجاحهن"، بحسب رأيها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!