ترك برس

سلط مقال في صحيفة القدس العربي، الضوء على التحركات السياسية التي تشهدها تركيا مؤخراً على صعيد الأحزاب، ومساعي العودة من النظام الرئاسي إلى آخر "برلماني أحدث وأمتن."

وأوضح المقال الذي كتبه إسماعيل جمال، أن حزب العدالة والتنمية الحاكم بدأ بتقديم إشارات حول إمكانية مناقشة العودة لـ"نظام برلماني أحدث وأمتن" في خطوة -إن تمت- قد تقلب الحسابات السياسية في البلاد رأساً على عقب.

وأشار إلى نجاح حزب العدالة والتنمية الحاكم من خلال تحالفه مع حزب الحركة القومية، عام 2018، من تمرير التعديلات الدستورية التي عرضت في استفتاء شعبي عام وافق من خلاله الشعب التركي بأغلبية طفيفة جداً على تحويل النظام السياسي في البلاد من برلماني إلى رئاسي في استفتاء جمع كافة الأحزاب السياسية الأخرى في البلاد تحت راية رافضي التغيير الدستوري الأخير لتتشكل بذلك نواة تحالف معارض عنوانه الجامع معارضة أردوغان والنظام الرئاسي.

وفيما يلي النص الكامل للمقال:

وأجمعت العديد من أحزاب المعارضة التركية على أن النظام الرئاسي "يعزز سلطة الرجل الواحد" و"يسلب مكانة البرلمان ويضر بالديمقراطية"، وقدم معظم زعماء أحزاب المعارضة التركية وعوداً بالعمل على العودة إلى النظام البرلماني في حال وصولهم إلى السلطة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة منتصف عام 2023 والتي تضغط الكثير من أحزاب المعارضة لإجرائها بوقت مبكر.

وفي هذا الإطار، أعلنت العديد من أحزاب المعارضة أنها تعمل في أطرها الداخلية من أجل إعداد مسودة لدستور يتضمن العودة مجدداً من النظام الرئاسي الحالي إلى نظام برلماني يكون "أحدث وأقوى" من النظام البرلماني السابق، حيث أعلن حزب الجيد بزعامة ميرال أقشينار أنه اقترب من الانتهاء من إعداد مسودة نهائية، في حين يواصل حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة العمل على مسودة أخرى بالتشاور مع عدد من الأحزاب الأخرى.

وبالتوازي مع ذلك، كان حزب العدالة والتنمية بالتعاون مع حزب الحركة القومية حليفه بالحكم يعملان على إعداد مسودة دستور جديد للبلاد طرحها الرئيس التركي الذي شدد في أكثر من مناسبة مؤخراً على حاجة البلاد لدستور جديد "بعيداً عن ترسبات الدساتير التي وضعها الانقلابيين" في العقود الماضية واعداً بتقديم دستور جديد للشعب التركي قبيل حلول الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية عام 2023، دون تقديم أي تنازلات تتعلق بإمكانية العودة إلى النظام البرلماني كما تطالب معظم أحزاب المعارضة.

والثلاثاء، ألمح رئيس البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية إلى انفتاح حزبه على مناقشة إمكانية العودة إلى النظام البرلماني، وقال مصطفى شنطوب في تصريحات تلفزيونية إن على المعارضة تقديم مقترح مثبت ومقنع لنظام برلماني “أحدث وأقوى” بدلاً من النقاشات المبدئية التي اعتبر أنها "لن تؤدي إلى الحصول على أي نتيجة."

هذا التصريح الأول من نوعه رأى فيه الكثير من المحللين الأتراك أنه ربما يحمل رسائل لأطراف مختلفة من المعارضة التركية وذلك في إطار مساعي حزب العدالة والتنمية لتغيير التركيبة السياسية في البلاد من خلال إعادة خلط الأوراق وإعادة بناء التحالفات من أجل تأمين الفوز في الانتخابات المقبلة وهو الهدف الذي يبدو أنه ما زال "غير مضمون" حتى الآن لو جرت الانتخابات بتركيبة التحالفات السياسية الحالية.

ومنذ أشهر، طرحت عشرات السيناريوهات والتكهنات حول التغيرات التي يمكن أن تشهدها التركيبة السياسية في تركيا قبيل الانتخابات المقبلة، وتدور أغلب هذه التكهنات حول مساعي أردوغان لتوسيع تحالفه من خلال ضم حزب السعادة الإسلامي من أجل دخول الانتخابات بتكتل يجمع أغلب الأحزاب القومية والمحافظة لتمتين تحالفه والقول إنه يمثل تكتل المحافظين والقوميين مقابل تكتل “الأحزاب العلمانية”.

إلا أن العديد من استطلاعات الرأي والتقديرات السياسية أشارت إلى أن حزب السعادة الذي تتراوح نسبته بين 1 و2 بالمئة من أصوات الناخبين لا يمكنه تأمين فوز أردوغان بالانتخابات المقبلة، في حين تحدثت الكثير من التسريبات إلى وجود مساعي حقيقية لضم حزب الجيد إلى التحالف وهي المهمة التي تبدو صعبة للغالية لأسباب مختلفة من أبرزها المعارضة الكبيرة التي تبديها زعيمة الحزب لأردوغان وصعوبة الجمع بين حزب الحركة القومية وحزب الجيد الذي انشق عن الأول في ذات التحالف.

وانطلاقاً من قاعدة أن السياسة تحتمل كافة الاحتمالات وأن السياسة التركية بشكل خاص منفتحة دائماً على كافة الخيارات، فإن هناك احتمالات -ولو ضئيلة- بأن تبدأ مباحثات بين العدالة والتنمية وحزب الجيد حول إعداد مسودة الدستور المقبل للبلاد التي يمكن أن تتضمن نظام برلماني مستحدث وهو ما قد يفتح الباب أمام تغيير تركيبة التحالفات السياسية بالبلاد بشكل كبير الأمر الذي قد يعزز فرص أردوغان بالفوز بالانتخابات المقبلة التي باتت تحسم من خلال قوة التحالفات بعد أن أدى تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية وظهور العديد من الأحزاب الجديدة إلى استحالة حسم الانتخابات من خلال حزب واحد.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!