ترك برس

قال الدبلوماسي التركي المتقاعد أقين أوزتشر إن إسبانيا تعد الحليف الحقيقي لتركيا في غرب أوروبا مشيداً بالتطور الحاصل في علاقات البلدين.

جاء ذلك في مقال تحليلي كتبه أوزتشر لوكالة الأناضول الرسمية في تركيا.

وتابع المقال: "زار رئيس الوزراء بيدرو سانشيز أنقرة مع وفد مرافق له لحضور القمة التركية الإسبانية السابعة. ورغم أن القمم لم تعقد بانتظام في الفترة الأخيرة لأسباب متفرقة، فإنها ساهمت في توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين في جميع المجالات.

وتُعد إسبانيا أحد الشركاء التجاريين المهمين لتركيا، وهي من أهم دول الاتحاد الأوروبي في الاستثمارات المباشرة في تركيا. وقد اكتسبت العلاقات الثنائية بين البلدين زخمًا وتسارعًا، وتوطدت في الربع قرن الأخير خاصة منذ بدء انعقاد القمة الثنائية الأولى بينهما عام 2009 وحتى الآن.

عُقدت قمة إسطنبول عام 2009 برئاسة كل من رئيس الوزراء الإسباني الأسبق خوسيه لويس رودريغز ثاباتيرو والرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقتما كان رئيسًا للوزراء. وكانت هذه القمة انعكاسًا لمبادرة تحالف الحضارات التي أطلقها الزعيمان عام 2005 تحت مظلة الأمم المتحدة.

وخلال قمة إسطنبول أعرب ثاباتيرو عن دعمه الواضح والصريح لمسيرة تركيا من أجل عضوية الاتحاد الأوروبي وفتح الباب لعهد جديد في العلاقات الثنائية بين البلدين.

ولا يعد الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (PSOE) الذي ينتمي إليه ثاباتيرو ، الداعم الوحيد لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي فهناك أيضاً الحزب الشعبي (PP) الذي أدار البلاد قبل ذلك. وقد عقدت القمتين الخامسة والسادسة في الفترة من 2014 - 2018 خلال فترة حكم رئيس الوزراء ماريانو راخوي المنتمي للحزب الشعبي.

بعبارة أخرى يمكننا القول إن إسبانيا بحكومتها ومعارضتها تدعم تركيا بشكل كامل في العديد من القضايا ومنها عضوية الاتحاد الأوروبي، وذلك على عكس العديد من دول الاتحاد الأوروبي.

- إسبانيا الصديق الحقيقي لتركيا

إسبانيا في مقدمة دول الاتحاد الأوروبي التي تقوم بكبح فرنسا في محاولاتها لتطويق تركيا بتطلعاتها الاستعمارية، عن طريق استغلال التنظيم الإرهابي الذي تحالفت معه واشنطن في سوريا (ي ب ك/ بي كا كا الإرهابي) واستغلال اليونان وإدارة قبرص الرومية في منطقة شرق المتوسط وبحر إيجه.

كما لم توقع إسبانيا على بيان "كافالا " الذي وقعه سفراء عشرة دول في أنقرة للمطالبة بإطلاق سراح رجل أعمال محبوس على ذمة تحقيقات في قضية تورطه في محاولة انقلاب 15 تموز.

وحرصت مدريد على عدم الوقوف ضد تركيا في هذا النوع من الممارسات المخالفة للأعراف الدبلوماسية. وهذا الموقف السياسي لإسبانيا يجعلنا محقين في اعتبارها صديقًا وحليفًا حقيقيًا لتركيا.

- أوجه الشبه التاريخية بين تركيا وإسبانيا

من أهم ما ميز العلاقات بين البلدين خلال فترة حكم الدولة العثمانية هو أنها لم تحد عن طريق السلام والصداقة على عكس توجه بعض الدول الأوروبية الكبرى في تلك الفترة. ولعل العامل الرئيسي في هذا هو أن مناطق نفوذ الدولتين لم تتداخل كثيرًا بعد معركة ليبانتو عام 1571.

على سبيل المثال لم يكن لدى إسبانيا أي ميول أو أطماع استعمارية في المناطق القريبة من حدود الدولة العثمانية آنذاك بعد أن تحولت من البحر المتوسط إلى أمريكا اللاتينية عقب اكتشاف القارة الجديدة، وذلك على عكس فرنسا التي تواجه علاقتها بتركيا بعض المشاكل الخطيرة اليوم كما كان الأمر قبل قرن مضى.

علاوة على هذا، تتشابه أقدار الدولتين، إذ خسرت الدولة العثمانية أراضيها وقاتلت من أجل البقاء، وكذلك فقدت إسبانيا مكانتها كدولة عظمى وانتهى بها الأمر إلى الانغلاق على نفسها بعد هزيمتها في كوبا عام 1898.

وفي مقالة بصحيفة "ال باييس" الإسبانية بعنوان "دروس إسبانية من أجل تركيا" يؤكد الباحث الإنجليزي المعروف ويليام تشيسليت أن إسبانيا الدولة ذات الشعب المسيحي واحدة من الدول النادرة التي تدعم انضمام تركيا المسلمة إلى الاتحاد الأوروبي. ويرجع سبب ذلك الدعم إلى التشابه في الأحداث التي عاشها البلدان في الماضي البعيد والقريب.

ويشير إلى أن الدولتين يستضيفان قواعد عسكرية أمريكية نظراً للأهمية الجيوستراتيجية لموقعهما، كما خضعت الدولتان لفترة للحكم الديكتاتوري أو تعرضتا لانقلابات عسكرية.

ويشير الباحث أيضاً إلى أن الدولتين كافحتا كثيراً ضد تنظيمات إرهابية انفصالية (بي كا كا في تركيا ومنظمة إيتا الانفصالية في إسبانيا).

الخلاصة

من الواضح أن التشابه التاريخي بين الدولتين كبير جداً وشامل لدرجة أنه يمكن أن يكون موضوعاً للعديد من المقالات وحتى الكتب.

لا تتقاطع مناطق التأثير الثقافي واللغوي والديني للدولتين من الناحية الجغرافية، مما يعد ميزة إضافية لهما،

إذ أن هذا التقاطع قد يكون عائقاً أمام تأسيس شراكة استراتيجية صادقة بينهما وتطويرها.

إن عدم وجوده (التقاطع) ساعد البلدين على الانفتاح المتبادل.

والشراكة الاستراتيجية بين تركيا وإسبانيا لا تضمن فقط تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات بل في الوقت نفسه، تساعد تركيا على الانفتاح على أمريكا اللاتينية كما تساعد إسبانيا على الانفتاح على الجمهوريات التركية.

وهذا يوضح مدى متانة الأسس التي تقوم عليها الصداقة بين الدولتين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!