ترك برس

شهدت تركيا خلال الأسبوع الأخير، حديثاً حول احتمالات تحالف حزب السعادة الذي يعد وريثاً لحزب الرفاه بقيادة رئيس الوزراء السابق، نجم الدين أربكان، وبين حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة رجب طيب أردوغان.

تصاعد الحديث حول هذا الشأن جاء عقب لقاء جمع بين أردوغان وزعيم "السعادة"، تمل قره مولا أوغلو، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة.

اللقاء جاء في الوقت الذي يسعى فيه أردوغان لتوسيع التحالف ليضمّ أحزابا جديدة غير الحركة القومية وحزب الاتحاد الكبير، حيث توجد مخاوف لدى أعضاء التحالف، تؤكدها استطلاعات الرأي الأخيرة، بتراجع نسبة تأييد التحالف.

ويعدّ حزب السعادة وريث حركة "ميلي غوروش" (الرؤية القومية) التي أسسها نجم الدين أربكان عام 1969، واستمر في قيادتها كحركة تمثل "الإسلام السياسي التركي"، وترى الهوية الإسلامية الأساس في بنية الهوية التركية لمواجهة التغريب الرسمي الذي اتبعته الجمهورية الكمالية. كما كانت الحركة تعارض الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وكذلك وجود تركيا في حلف شمال الأطلسي والوجود العسكري الأميركي على الأراضي التركية، وتمكنت خلال عقود من العمل السياسي من دمج الطبقة التركية المتدينة من أبناء وسط الأناضول في الحياة السياسية والبرلمانية التركية عبر عدد من الأحزاب التي مثلت الحركة، بدءا بحزب "النظام القومي" مرورا بحزبي "السلامة القومي" و"الرفاه" وانتهاء بـ"السعادة".

وانشق حزب "السعادة" في بداية الألفية بين "تقليديين" ملتزمين بمبادئ التأسيس لحركة "ميلي غوروش" بقوا في إطار الحزب، و"إصلاحيين" قادهم أردوغان والرئيس السابق عبد الله غول ورئيس البرلمان السابق بولنت أرينج وعدد آخر من القياديين الذين أسسوا حزب "العدالة والتنمية" على أنه حزب محافظ ليبرالي، تخلى عن العداء للاتحاد الأوروبي والغرب، وأكد إيمانه بالعلمانية، وتمكن من استقطاب أطياف واسعة من اليمين القومي التركي.

وبعد الانشقاق في صفوف الحزب لم يتمكن "السعادة" من القيام بأي دور سياسي مهم، بل إنه لم ينجح بدخول البرلمان منذ عام 2002، بسبب العتبة البرلمانية التي أخفق في تجاوزها، إذ راوحت أصوات الحزب بين 2.49% في الانتخابات العامة عام 2002، و0.68% في انتخابات 2015 إلى أن نجح من خلال تحالف الأمة المعارض في دخول البرلمان في انتخابات العام 2018 بنائبين عنه.

وكانت تركيا شهدت العام الماضي تعديلات دستورية سمحت بالتحول إلى النظام الرئاسي بدل البرلماني، وتلاها عمل دؤوب من قبل "العدالة والتنمية" الحاكم بالتعاون مع "الحركة القومية" (يميني قومي) لدفع البنية السياسية الداخلية نحو سياسة الكتل بدل سياسة الأحزاب، الأمر الذي تم من خلال توافق الطرفين على مجموعة من التعديلات سمحت بتكوين تحالفات انتخابية تحافظ على هوية الأحزاب المتحالفة، وبات الحزب الواحد يُعامل كالتحالف في ما يخص العتبة البرلمانية، إذ يجب على الحزب أن يحصل على 10% من الأصوات لضمان دخول البرلمان.

ونقل تقرير لـ "الجزيرة نت" عن بعض قيادات "السعادة"، أن التحالف مع "العدالة والتنمية" لن يكون إلا وسيلة للعدالة والتنمية لابتلاع "السعادة" بشكل نهائي، كما فعل "العدالة والتنمية" مع معظم أحزاب يمين الوسط، بعد انضمام وزير الداخلية الحالي الرئيس السابق للحزب "الديمقراطي" سليمان صويلو إلى "العدالة والتنمية" عام 2012 ومن ثم حلّ "الديمقراطي"، وكذلك مع انضمام نائب رئيس الوزراء السابق نعمان كورتولموش إلى "العدالة والتنمية" عام 2012، وحله حزب "صوت الشعب" الذي أسسه عام 2010 بعد الانشقاق عن "السعادة".

وتشير المصادر ذاتها في حزب السعادة، إلى أن رفض الأخير الانضمام إلى تحالف الجمهور الحاكم في وقت سابق يعود أيضا إلى الخلافات العميقة بينه وبين "الحركة القومية"، مستشهدا بعدم قيام "الحركة القومية" بتهنئة كارامولا أوغلو حين انتخابه رئيسا لـ"السعادة" في مخالفة للأعراف السياسية، وكذلك عدم إرسال أي مندوبين من قبل السعادة لحضور مؤتمر الحركة.

وذكرت صحيفة يني شفق المقربة من حزب العدالة والتنمية أن الحزب يسعى لجذب حزب السعادة ليس طمعا بالأصوات والشعبية، بل يحاول من وراء ذلك "إثراء التحالف مع القوميين بإضافة جديدة واسم جديد ليظهر للمجتمع التركي أن التحالف يمثل أطياف المجتمع التركي من إسلاميين وقوميين وليبراليين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!