ترك برس

وقعت تركيا، الأسبوع الفائت، مذكرة تفاهم ثلاثية مع السويد وفنلندا، تضمنت موافقتها على ترشيح البلدين الأخيرين للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، مقابل تعهدهما بالاستجابة لمطالب أنقرة فيما يخص مكافحة تنظيمات إرهابية وتسليم مطلوبين، في خطوة اعتبرت "انتصاراً" للدبلوماسية التركية.

وفي أكثر من مناسبة، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على أن بلاده لن توافق على انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف بسبب دعمهما لتنظيمات وهيئات مرتبطة بتنظيم "بي كي كي" الإرهابي وامتداداته في سوريا "بي واي دي/ واي بي جي" وتنظيم "غولن" الإرهابي المسؤول عن المحاولة الانقلابية الفاشلة في 2016، وغض البصر عن أنشطة هذه المؤسسات الداعمة للإرهاب، فضلاً عن حظر توريد الأسلحة لتركيا بسبب عملياتها العسكرية في سوريا.

وبعد أربع ساعات من المباحثات، وقعت الدول الثلاث مذكرة تفاهم نصت على دعم السويد وفنلندا بصفتهما عضوين في الحلف مستقبلاً "لتركيا في مواجهة جميع التهديدات لأمنها القومي" وعدم تقديمهما أي دعم لوحدات PYD "الإرهابية" وما يعرف بمنظمة "فيتو" الإرهابية.

وتعهدت الدولتان بمنع أنشطة "بي كي كي" والتنظيمات المرتبطة به أو التي تعمل كواجهة له وكذلك الأشخاص الذين يعملون أو لهم علاقة بها، بما في ذلك أنشطة جمع الأموال وتحشيد الأنصار والدعاية. وتعهدت كل من استكهولم وهلسنكي بمزيد من الحوار والتعاون مع أنقرة في هذا الإطار، وكذلك باتخاذ خطوات عملية بما في ذلك تعديلات قانونية لمزيد من التشديد على الجرائم المتعلقة بالإرهاب.

وإضافة إلى تفاعل الدولتين "بسرعة وبكل الأبعاد مع مطالب تركيا المتعلقة بإعادة المتهمين في قضايا الإرهاب أو إبعادهم في ضوء المعلومات والأدلة التي ستقدمها تركيا ووفق الاتفاقية الأوروبية الخاصة بتسليم المجرمين"، فقد أقرت الدول الثلاث بعدم وجود أي نوع من أنواع حظر بيع السلاح بينها.

وهكذا، أعلنت السويد وفنلندا على لسان مسؤوليهما أن عضويتهما في الناتو باتت في متناول اليد، فيما حصلت تركيا على ما تريد منهما وفق ما ذكره بيان للرئاسة التركية، وتحدث أكثر من مسؤول تركي عن "الانتصار الدبلوماسي" لبلاده في هذه القضية، بدءاً من طرح الشروط مروراً بعملية التفاوض وانتهاءً ببنود مذكرة التفاهم.

وفي مقال نشره موقع "TRT عربي" للكاتب سعيد الحاج، لفت الكاتب إلى أنه من المهم الإشارة إلى أن المشكلة الكبرى التي كانت تواجهها أنقرة مع شركائها في حلف الناتو وفي مقدمتهم الولايات المتحدة هي التصنيف والأسماء، ذلك أن الحلف ومختلف دوله يصنفون "بي كي كي" تنظيماً إرهابياً، لكنهم يختلفون مع تركيا في تصنيف امتداداته السورية بنفس الطريقة، والمقصود هنا "PYD."

وأضاف الكاتب أن أبرز المكاسب التركية من مذكرة التفاهم الثلاثية، تتمثل فيما يلي:

أولاً، أظهرت أنها كانت على حق في طرحها ومطالبها، وأنها لم تكن تناور لرفض عضوية البلدين محاباة لروسيا مثلاً أو لأي سبب آخر. ومما صب في صالحها أن سرديتها وخطابها كانا عقلانيين إلى أبعد الحدود إذ ركّزا على منطق حلف الناتو من حيث مكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية وكذلك من زاوية تكاتف وتعاون الدول الأعضاء فيه.

ثانياً، نجحت تركيا في النصّ في بنود الاتفاق على وحدات الحماية وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD وتنظيم "فيتو" أو كولن تحديداً أو التنظيمات الإرهابية كمصطلح فضفاض، ولعله التفصيل الأهم في الاتفاق إذ هو الخلاف الأبرز بينها وبين السويد وفنلندا. ورغم أن رئيسة الحزب الجيد ميرال أكشنار اعترضت على ذكرهما ضمن "مهددات الأمن القومي التركي" لا كتنظيمات إرهابية بشكل مباشر، فإن الحكومة ترى أنه لا فرق كبيراً بين الأمرين، إذ التنظيمات المهددة للأمن القومي هي بالضرورة التنظيمات الإرهابية التي تستهدف تركيا.

يُذكر أن الرئيس التركي أردوغان، أكد في تصريحات أعقبت توقيع مذكرة التفاهم الثلاثية، أن حكومته لن ترسل المذكرة إلى البرلمان للمصادقة عليها، في حال تهربت فنلندا والسويد من الوفاء بالتزاماتهما.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!