محمد قدو الأفندي - خاص ترك برس

بعد الزيارة الميمونة التي قام بها دولة رئيس الوزراء العراقي الأستاذ محمد شياع السوداني إلى العاصمة التركية أنقرة ولقاءاته مع السيد رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية ومع المسؤولين الأتراك ولقائه مع رجال الأعمال والمستثمرين من البلد المضيف، ولأهمية المواضيع التي كانت محور تلك اللقاءات، وتصريح سعادة السفير العراقي في العاصمة أنقرة - عزمنا على قراءة تفاصيل تلك الزيارة من سعادة السفير العراقي والذي كان حاضرا في كل اللقاءات بين الوفدين الجارين، ومن خلال تصريحه الأخير حاولنا معرفة بعض التفاصيل عن المواضيع المهمة التي صرح بها قبل عدة أيام.

"أكَّد سفير جُمْهُوريَّة العراق لدى تركيا السيّد ماجد اللجماويّ، اليوم الأحد المُوافق 2023/3/26، أنَّ زيارة رئيس مجلس الوزراء السيّد محمد شياع السودانيّ إلى أنقرة مهّدت لاتفاقات ستراتيجيَّة بين العراق وتركيا وستُكرِّس جُهُود البلدين في تعزيز التعاون الثنائيّ، والارتقاء بالعلاقات إلى أفق أرحب؛ تلبية لتطلُّعات الشعبين الجارين، لافتاً إلى أنَّ هذه الزيارة ركّزت على مُواجَهة التحدّيات التي تُواجِه البلدين، ومنها: ملف المياه، والملف الأمنيّ، مُبيِّناً: “الاتفاق على تفعيل “طريق التنمية”، أي: القناة الجافّة التي تتكوّن من طريق برّي وسكك حديد يربط العراق بتركيا، ويمتدُّ من البصرة إلى الحُدُود التركيّة، عادّاً أنّها ستُساهِم في إنعاش التجارة البينيّة بين البلدين، ويزيد من حجم التبادل التجاريّ".

وتم اللقاء في مكتبه بمقر السفارة في أنقرة بعد موافقته الكريمة على إجراء اللقاء.

بداية نشكر سعادة السفير العراقي على قبوله وموافقته على إجراء هذا الحوار معه. ونتمنى أن يطلعنا على تفاصيل المحادثات التي أجريت في العاصمة التركية أنقرة خلال الزيارة الأخيرة للسيد محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي.

سعادة السفير: تمت في الزيارة عدة لقاءات بين الوفدين ترأس تلك اللقاءات رئيسا الوفدين إضافة إلى لقاء ثنائي بين الرئيسين دولة رئيس الوزراء الأستاذ محمد شياع السوداني والسيد رئيس جمهورية تركيا السيد رجب طيب أردوغان.

الموضوع الأول الذي تم مناقشته هو طريق التنمية، والأتراك من ناحيتهم مهتمون كثيرا به وهو مشروع قديم بمقترح عراقي منذ أيام العهد الملكي في العراق. وسيضاف إلى موقع العراق الاستراتيجي الحالي موقع إضافي مهم، ونتيجة لذلك فـإن الاستفادة المادية من المشروع ستكون هائلة أيضا، وطبعا ما يجنيه العراقيون يجنيه الأتراك بالمقابل أيضا، وسيختصرهذا المشروع الطريق بين آسيا وأوربا بحيث سيكون أقصر الطرق البرية والبحرية، والمشروع يتضمن بداية من ميناء الفاو الكبير والذي تم الشروع بإنشاء تصاميمه منذ عهد مجلس الإعمار الملكي - كما أن الطريق البري الحديدي سيكون مماثلا لشبكة حديد قطار الشرق الذي كان يوصل البصرة بباريس، واليوم سيبدأ من ميناء الفاو في جنوب البصرة حتى أوربا عن طريق إسطنبول في تركيا.

الأتراك من ناحيتهم قد أكملوا كل متطلبات هذا الطريق الاستراتيجي سواء كانت جسور أو طرق برية دولية، وقد تم إكمالها وإيصالها للحدود العراقية، وبالنسبة لشبكة القطار القديم الذي كان يمر إلى تركيا عبر الأراضي السورية فقد تم تجاوزه تماما وسيكون هناك طريق جديد يتجنب أيضا منفذ إبراهيم الخليل الذي يتطلب إنشاء ثلاثة عشر نفقا كل نفق يجب أن يكون بطول عدة كيلومترات، وبالطبع إن هذا غير ممكن وغير مجدي وغير واقعي وغير عملي.

لذا فإننا سنقوم بعمل ممرات عبور عن طريق فيش خابور الذي  يمر مباشرة من العراق إلى تركيا، مضافا إليه شبكة سكة حديد القطارات، وكما أسلفنا فإن الاتراك قد هيؤوا كل مستلزمات إنجاح هذا الممر الاستراتيجي داخل الأراضي التركية بإنشاء شبكة الخطوط السريعة، وبما أن الأتراك الذين يهمهم هذا المشروع كثيرا ويودون إنجازالجانب العراقي لمستلزمات إنجاح المشروع على وجه السرعة فقد تعهدوا من جانبهم بالتعاون معنا في سبيل ذلك.

المشروع بالنسبة لنا كعراقيين سيكون مصدر دخل هائل يوازي مداخيل حقول النفط الكبيرة، وكذلك بالنسبة لتركيا، وهم يتأملون الكثير للاستفادة من هذا الطريق سواء اكانت عبر القطارات أو الطرق البرية.

سؤال أيضا لسعادة السفير: هل بدأ الجانب العراقي بتنفيذ هذا المشروع؟

- السفير: الجانب العراقي من ناحيته بدأ منذ تأسيس مشروع الفاو الكبير، وسيبدأ في إنشاء طرق المواصلات السريعة، إضافة إلى تجديد أو إنشاء خطوط جديدة للسكك الحديدية الرابطة بين العراق وتركيا لكون الخطوط القديمة لا تلبي متطلبات القاطرات الحديثة، حيث أسست منذ نهاية العهد العثماني وبداية العهد الملكي في العراق.

الموضوع الثاني الذي تمت مناقشته مع الأتراك كان الملف الأمني، والجدير بالذكر في هذا الصدد أن هناك تنسيقا أمنيا على أعلى المستويات الاختصاصية الأمنية بين الجانبين التركي والعراقي، والطرفان عازمان على حل كل القضايا الأمنية التي تهم البلدين.

بالنسبة لموضوع منح تأشيرة الدخول لرجال الأعمال الأتراك فقد تم حل هذا الموضوع بتفاهمات بين الطرفين وبإيعاز من دولة رئيس الوزراء الأستاذ محمد شياع السوداني.

سابقا كنا نمنح المستثمر التركي ورجال الأعمال تأشيرة دخول لمدة شهر، وهذه المدة بطبيعة الحال كافية لإنجاز مهامهم والإشراف على أعمالهم، وفي اللقاء الأخير بين دولة رئيس الوزراء ورجال الأعمال والمستثمرين الأتراك في العاصمة التركية أنقرة تم منحهم تأشيرة دخول سنوية متعددة.

لكن المشكلة أن المتعهدين الأتراك يرغبون بجلب الأيدي العاملة التركية أيضا، وتأشيرة الدخول للعمال التابعين لهذه الشركات تنظمها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وهي التي تنظم سوق العمل والعمالة في العراق حصرا وليس الأمر من مهام وزارة الخارجية، فالمشكلة الحقيقية ليست بمشكلة تخص المستثمرين أو رجال الأعمال وإنما مشكلة العمالة.

وإن كانت هناك مقارنة للجانبين، فإن تأشيرة الدخول للأراضي التركية بالنسبة للعراقيين تختلف تماما عنهم، لأن العراقيين زيارتهم لتركيا تكون لغرضي السياحة والعلاج وتكون لفترة محدودة ثم يرجع قافلا إلى بلده، وهو كأي سائح فإنه يتمتع بإقامته وسفرته وعلاجه معتمدا على دخله وماله، والذي حتما يؤدي بالنفع للإنسان التركي في المنتجعات السياحية أو المراكز الصحية والمستشفيات ووسائط النقل وغيرها من الأمكنة التي يرتادها السائح كالمطاعم والكافتريات، وبمعنى أدق هناك فرق وعدم توازن بين الجانبين في مسألة منح تأشيرات الدخول بين الطرفين العراقي والتركي.

موضوعين مهمين آخرين تطرق لهما سعادة السفير العراقي، كان الأول حول إطلاق كميات من المياه لنهر دجلة وموافقة الجانب التركي على زيادة الكمية الحالية إلى ضعفي الكمية ولمدة شهر واحد.

والموضوع الآخرالذي تطرقنا إليه هو عدم وجود مركز ثقافي عراقي لحد الآن في تركيا الجارة حيث هناك جالية عراقية كبيرة في مختلف المدن التركية، ووجود هذا المركز سيساهم بصورة مباشرة في التعريف بالشان العراقي مثلما يساهم أيضا في تعريف الأتراك بحضارة العراق منذ عهد السلالات الأولى للبشرية مرورا بالعهد السومري والحضارة البابلية والكلدانية والآشورية ثم الحضارة الإسلامية، إضافة إلى وجود مميزات ومقومات سياحية دينية وطبيعية نظرا لتنوع التضاريس الأرضية كالجبال والهضاب والسهول وعالم الأهوار الفريد من نوعه في العالم.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس