ترك برس

تتجه تركيا نحو برلمانية ورئاسية في 14 مايو/أيار المقبل لتحديد الزعيم والحزب السياسي الذي سيقود البلاد، حيث تكتسب عملية التصويت أهمية كبيرة بالنسبة للمواطنين نظراً لتزامن هذا العرس الديمقراطي، مع الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية، إلا أن أهمية أصوات المغتربين لا تقل أهمية أيضاً عن أصوات الداخل، لا سيما مع وجود جالية تركية كبيرة خاصة في أوروبا.

حجم تصويت أتراك المهجر

يعيش نحو 6.5 مليون تركي في بلدان أجنبية، منهم 3.28 مليون مؤهل للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.

وبالمقارنة مع 60.9 مليون ناخب مسجل داخل تركيا، قد يبدو حجم تصويت الأتراك المغتربين ضئيلاً. لكن في سباق ضيق ولكل صوت أهمية، يمكن أن يكون لختم الموافقة تأثير حاسم كما جرى بانتخابات 2018، بحسب تقرير لـ "TRT عربي."

تقول سينم جنكيز المحللة السياسية المقيمة في قطر والمتخصصة في الشأن التركي إن "تصويت المغتربين لا يحدث فرقاً كبيراً في نتائج الانتخابات، ولكن أصوات هؤلاء تخبرنا كثيراً حول ما يعتقده الأتراك المقيمين في الخارج بخصوص السياسة التركية ومستقبل بلدهم".

سيستمر تصويت المغتربين من 27 أبريل/نيسان الجاري إلى 9 مايو/أيار المقبل، وفق الهيئة العليا للانتخابات في تركيا، فيما ستُجرى الانتخابات في الداخل التركي في 14 مايو.

يعيش غالبية المغتربين الأتراك بأوروبا الغربية حيث استقر العمال الأتراك بستينيات القرن الماضي كجزء من برامج إعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية، ويشكّلون أكبر مجموعة مهاجرة مسلمة بأوروبا الغربية.

وأدلى المغتربون الأتراك بأصواتهم في الانتخابات الوطنية لأول مرة بالانتخابات الرئاسية في أغسطس/آب 2014.

ووفقاً للقانون، يحق لكل مغترب يتجاوز سنه 18 عاماً ومدرج في السجل الانتخابي المحفوظ لدى مكاتب "النفوس" أو البعثات الدبلوماسية التركية، أن يدلي بصوته.

وتتصدر ألمانيا قائمة البلدان في عدد الناخبين المسجّلين بأكثر من 1.4 مليون ناخب مسجل، وتليها فرنسا وهولندا وبلجيكا.

كيف كان اتجاه تصويت الخارج؟

زادت مشاركة المغتربين تدريجياً على مر السنين، إذ أضافت السلطات مزيداً من مراكز الاقتراع يمكن للوافدين الإدلاء بأصواتهم منها.

وتقول المحللة سينم جنكيز: "قبل 2014، كان على المغتربين الأتراك الذين يريدون المشاركة في الانتخابات القدوم إلى تركيا للتصويت. ولكن اعتباراً من 2014، أصبحت إجراءات التصويت الخارجي أسهل إذ تمكن الناخبون من التصويت في البعثات الدبلوماسية في البلدان التي يقيمون بها".

وتزامن هذا التغير الذي منح أتراك المهجر دوراً أكبر في السياسة الداخلية لبلدهم الأم، مع التوسع المطرد للسياسة الخارجية لأنقرة، كما تمثّل بدور الرئيس أردوغان في فتح ممر لصادرات الحبوب الأوكرانية في خضم الصراع مع روسيا.

في 2014، أدلى نصف مليون مغترب فقط من أصل 2.8 مليون ناخب مسجل، بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية. ويرجع ذلك أساساً إلى مشكلات لوجستية، إذ توزّعت مراكز الاقتراع في المناطق الحضرية وكان الناخبون في حالة ارتباك بسبب مشاركتهم للمرة الأولى في العملية الانتخابية.

ومع ذلك، فاز أردوغان بنسبة 62.5% من أصوات المغتربين.

وزادت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في العام التالي مع إضافة مزيد من مراكز الاقتراع، وزيادة مدة الإدلاء بالأصوات، إذ أدلى أكثر من مليون مغترب تركي بأصواتهم. وأكّدت النتيجة أيضاً صدارة حزب العدالة والتنمية.

وفي الاستفتاء الدستوري الذي أُجري عام 2017 الذي للتحول إلى النظام الرئاسي، بلغ عدد المصوتين المعتربين 1.4 مليون ناخب.

أمّا في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لعام 2018، والتي فاز بها حزب العدالة والتنمية مرة أخرى بمساعدة حلفائه، قفزت مشاركة أتراك الخارج إلى أكثر من ثلاثة ملايين.

ماذا يدفع المغتربين إلى التصويت؟

تشير دراسة نشرتها الباحثتان شبنم كوسر أكجابار وداملا بيرقدار أكسل، إلى أن ملف أتراك المهجر اكتسب أهمية متجددة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما أدرك حزب العدالة والتنمية أهميته في إبراز القوة الناعمة لأنقرة في الخارج.

كان ذلك أيضاً في الوقت الذي كثّفت فيه أنقرة جهودها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وعززت تركيا وجودها الدبلوماسي دولياً بشكل كبير في العقدين الماضيين، إذ زادت عدد البعثات الأجنبية إلى 236 في 2017 صعوداً من 163 في 2002.

وربما يكون ضعف التمثيل السياسي للمواطنين من أصول تركية في أوروبا هو السبب الذي دفع أتراك المهجر إلى الرغبة بأن يكون لهم دور أكبر في الانتخابات التركية.

كما أن كراهية الأتراك (توركوفوبيا) برزت بوضوح وقت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) عندما أثار السياسيون اليمينيون أكاذيب حول سعي المهاجرين الأتراك للوصول إلى بريطانيا.

وتشير جنكيز إلى أن الدراسات توضح أن "الأتراك الذين يواجهون التمييز بمعدلات مرتفعة في دول مهجرهم من المرجح أن يتأثروا بالخطاب الشعبوي والقومي القادم من بلدهم الأم. إلا أن جميع الأتراك في أوروبا لا يحركهم الشعور نفسه، إذ يعتمد الأمر على البيئة الاجتماعية والسياسية لكل دولة أوروبية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!