ترك برس

سلّطت مجلة "كريتر" التركية، الضوء على نتائج حملات المقاطعة التي طالت منتجات الشركات الإسرائيلية واخرى داعمة لها، على خلفية الهجمات التي تشنها إسرائيل على المدنيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وفي تقرير لها، ذكرت المجلة التركية أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل ارتكاب المجازر دون تمييز بين الرجال والنساء والأطفال. ومع أن اللوبي الإسرائيلي القوي في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والفنية يبذل قصارى جهده لكتم صوت أصحاب الضمائر الحية، فإن رد الفعل ضد إسرائيل كان أقوى من هذه الضغوط. فهل لهذه المقاطعة فائدة؟

في قطاع غزة المحاصر، الذي يعتبر "أكبر سجن في العالم"، يُعاني الفلسطينيون من فظائع لا تقل عن تلك التي حدثت في معسكرات الاعتقال النازية. في هذا الوقت، يحاول أصحاب الضمير من جميع أنحاء العالم بذل قصارى جهدهم لوقف هذه المأساة بالعمل معا، بحسب ما نقلته "الجزيرة نت".

تقول المجلة، إن احتجاجات متتالية ضد إرهاب الاحتلال الإسرائيلي تنظم في جميع أنحاء العالم. وينظر الناس إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية باعتبارها من أقوى الأسلحة أمام ما يقوم به الاحتلال من فظائع. فهل هذه الاحتجاجات وحملات المقاطعة جهود عبثية كما يزعم البعض؟ بالتأكيد لا، إذ بدأنا نرى بالفعل نتائج هذه الجهود على الصعيدين الاقتصادي والدبلوماسي والنفسي.

أزمة اقتصادية لإسرائيل

من المتوقع أن تتعرض إسرائيل لأضرار اقتصادية كبيرة بسبب هذه المقاطعة. وفي رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، أشارت مجموعة من 300 اقتصادي إسرائيلي إلى خطورة الوضع قائلة: "أنتم لا تفهمون حجم الأزمة الاقتصادية التي يواجهها الاقتصاد الإسرائيلي". ويتوقع هؤلاء الاقتصاديون أن تتجاوز المقاطعة مجرد امتناع الناس عن شراء بعض السلع.

وأشار الكاتب إلى أن المرحلة الثانية والأهم من حملة المقاطعة هي إنتاج بدائل لمنتجات الشركات الإسرائيلية، والقضاء على التبعية الإسرائيلية في جميع القطاعات، بما في ذلك الاقتصاد والمالية.

وكلما زاد عدد المنتجات الوطنية المماثلة ومجالات استخدامها، زاد الضرر الذي سيلحق بالهيمنة العالمية لرأس المال اليهودي، وهذا هو الكابوس الذي يطارد الاقتصاديين الإسرائيليين.

وفقًا لتقرير أعدته مؤسسة "راند كوربوريشن" الأميركية عام 2015، تسببت المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل ما بين 2013 و2014 في خسارة تراكمية تقدر بحوالي 15 مليار دولار. وهذا أدى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للفرد في إسرائيل بنسبة 3.4%.

من المرجح أن تتسبب المقاطعة الحالية، التي تعد أكثر انتشارا من حملات المقاطعات السابقة، في أضرار اقتصادية أكبر بكثير لإسرائيل. فعندما لا يتم إدخال الدولارات إلى الميزانية الإسرائيلية، لن تتمكن من شراء الأسلحة والذخيرة. لذلك، من الواضح أن المشاركة في المقاطعة ليست واجبا أخلاقيا فقط، بل هي واجب إنساني أيضا.

بالنظر إلى البُعد النفسي للمقاطعة، ليس من السهل نفسيا القيام بذلك لأنه يتطلب تغييرا نشطا في العقلية للتخلي عن العادات الاستهلاكية. عندما يتم مقاطعة الشركات التي تدعم إسرائيل، فإن الشخص يعلن للعالم بأسره أنه يقف ضد إسرائيل في قضية فلسطين، معترفا بأن إسرائيل تقتل الأبرياء بوحشية.

فيما يتعلّق بالمكاسب الدبلوماسية للمقاطعة والاحتجاجات ضد إرهاب الدولة الإسرائيلية، يمكن القول إن قطع بعض الدول علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل أو خفضها إلى أدنى مستوى قد عزل إسرائيل ومؤيديها على الساحة الدولية، مما جعلهم تحت ضغط أشدّ وطأة.

وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلنت حركة حماس وفصائل أخرى في المقاومة الفلسطينية، إطلاق عملية أسمتها "طوفان الأقصى" ضد أهداف إسرائيلية في غلاف قطاع غزة التي تعاني من حصار مطبق منذ سنوات.

إسرائيل وأمام مباغتة المقاومة الفلسطينية لها، ردت باستهداف المناطق السكنية والمنشآت الصحية والتعليمية ودور العبادة داخل غزة، ما خلّف آلاف القتلى وعشرات آلاف الإصابات بين المدنيين، وسط دمار كبير لحق بالقطاع، فيما يجري حديث عن إخلاء شمالي غزة من سكانها وإجلائهم نحو الجنوب قرب الحدود مع مصر.

وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 تم التوصل إلى هدنة إنسانية مؤقتة في غزة استمرت 4 أيام قبل تمديدها لفترات إضافية، حيث نصت على تبال أسرى ورهائن بين حماس وإسرائيل وإيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع.

ومنذ اللحظة الأولى لتصاعد التوتر الأخير في غزة، أكدت تركيا وعلى لسان كبار مسؤوليها على ضرورة وقف إطلاق النار بأقرب وقت حقناً للدماء وتجنباً لمزيد من الضحايا المدنيين، فيما أكد رئيسها رجب طيب أردوغان على أن الحل لتحقيق السلام في فلسطين وفي المنطقة يمر عبر تأسيس دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة بحدود 1976 وعاصمتها القدس الشرقية.

وبعد جهود كثيفة للتهدئة وأمام تصعيد إسرائيل من هجماتها ضد المدنيين في غزة وعدم استجابتها لمطالب وقف إطلاق النار، صعّدت أنقرة من موقفها ضد تل أبيب متهمة إياها بـ "ارتكاب المجازر والإبادة الجماعية" في غزة، قبل أن تعلن في 4 نوفمبر/ تشرين 2023 استدعاء سفيرها هناك إلى أنقرة "للتشاور، رداً على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين"

ومنذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة، شهدت تركيا أكبر حملة مقاطعة في تاريخها، فيما لا تزال منظمات ومؤسسات مجتمع مدني تواصل حملاتها في هذا الخصوص عبر وسائل شتى.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!