محمد متينار – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

إنّ من يطلق أحكاماً تعسفية ضدّ الدولة التركية بالاستناد لتنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري (PYD)، لا يدرك الوجه الحقيقي لهذا التنظيم. لذلك علينا أنّ ندرك المعلومات الصحيحة أولاً عن هذا التنظيم، ثمّ ليقم كل واحد بإطلاق التصريحات حسب ما يشاء.

تنظيم (PYD) لم يتم تشكيله وتنظيمه من قِبل أكراد سوريا. فهذا التنظيم تأسس في جبل قنديل وهو يعتبر الجناح العسكري لتنظيم حزب العمال الكردستاني (PKK) في سوريا. وذلك طبقاً لما هو موجود في إيران والعراق.

هذا التنظيم التابع لجبل قنديل وبعد أنّ مكّن قدميه في منطقة "روجوفا" بقوة السلاح، قام بتهجير الأكراد الموالين لرئيس إقليم كردستان العراق "مسعود برزاني". كما قامت عناصر التنظيم باغتيال وأسر العديد من المفكرين وأصحاب العقول الراجحة ووجهاء الأعيان المقربين من البرزاني أو المناصرين له. وإنّ ما يدعيه القائمون على أمور هذا التنظيم من إشاعات بأنهم يحاربون من أجل الدفاع عن الشعب الكردي الذي يقطن مناطق الشمال السوري، مجرد افتراءات وأكاذيب لا أصل لها وعارية عن الصحة تماماً.

صحيح أنّ تنظيم (PYD) يضم في صفوفه عناصر سورية، إلّا أنّ هذه العناصر تتبع إيديولوجيا وفكرياً لتنظيم (PKK) الإرهابي التي تعاني منه الدّولة التركية منذ عقود.

لنعد الآن بذاكرتنا قليلاً إلى الوراء:

عندما كان الأكراد في سوريا يتعرضون للظلم والاضطهاد، وعندما تمّ تجريدهم من أبسط حقوقهم في المواطنة، كان تنظيم (PKK) الإرهابي بمثابة الفتى المدلل لدى النظام السوري. وكان زعيم هذا التنظيم يعيش كالملوك في العاصمة دمشق. والغريب في الأمر أنّ هذا التنظيم عندما كان يحارب الدّولة التركية وهو مضطجع على أحضان الدّولة السورية، لم يتذكر أبداً معاناة هؤلاء الأكراد السوريين الذين ذاقوا الويلات من ظلم نظام الأسد لعقود طويلة. والأغرب من هذا كله أنّ هذا التنظيم حارب الدّولة التركية بداعي وجود مشاكل للأكراد فيها، متناسين بذلك الديكتاتورية التي كانت تُمارس ضدّ الأكراد في سوريا من قِبل النظام البعثي.

وعندما بدأ عرش الديكتاتورية البعثية يهتزّ في دمشق، سارع تنظيم (PKK) الذي لم يطلق طلقة واحدة على هذا النظام على مرّ التاريخ، بالوقوف إلى جانبه ومساندته من أجل البقاء في السلطة. وكما كان عداء الأسد الأب لتركيا واضحاً، فإنّ عداء الأسد الابن أيضاً واضح للعيان. فقد قام الأسد الابن بتقديم منطقة روجوفا على طبق من ذهب لتنظيم (PYD) فقط كي يكون هذا التنظيم بلاء على رأس الدّولة التركية الآن وفي المستقبل. حيث بسط التنظيم سيطرته على هذه المنطقة من دون أن يطلق طلقة واحدة ضدّ جنود النظام. وحتّى هذه اللحظة لم يصدر من التنظيم حتّى بيان إدانة لممارسات النظام الأسدي في سوريا.

تعاون في أعلى مستوياته:

هل تذكرون ما الذي جرى عندما اجتاحت عناصر تنظيم الدولة (داعش) منطقة روجوفا؟ لقد كان أتباع تنظيم (PYD) في كوباني ومحيطها على وشك التعرض لهزيمةٍ نكراء، حيث تشتت شملهم وانهارت كل خططهم، إلى أنّ وصلتهم النجدة من قِبل قوات البشمركة عبر الأراضي التركية.

وحينها تمّ التوقيع على مذكرة تفاهم بين تنظيم (PYD) ومسعود البرزاني تنص على إقامة حكومة مشتركة بين الإقليم والتنظيم في منطقة روجوفا. وتمّ التفاهم على أنّ يكون لمناصري البرزاني نصيب في هذا الحكم. كما تمّ إقرار إنشاء مجلس سياسي مشترك بين كلا الطرفين، وكلّ ذلك عقب إزالة خطر تنظيم الدّولة داعش من المناطق الكردية.

لكن ما الذي حصل بعد ذلك؟ فبعد أن قامت قوات البشمركة بطرد عناصر تنظيم داعش من كوباني ومحيطها وعودة تلك القوات إلى إقليم شمال العراق، لم يلتزم تنظيم (PYD) بوعوده وقام بفسخ كافة الاتفاقيات المبرمة مع مسعود برزاني. والآن يستمد التنظيم قوته من الأسلحة التي حصل عليها أثناء تواجد عناصر تنظيم داعش في منطقة كوباني ومن الدّعم الجوي المقدّم من قِبل قوات التحالف الدّولي.

هذه هي حقيقة هذا التنظيم، فالذين يصفونه بأنّه يناضل من أجل بقاء الوجود الكردي في سوريا، عليهم أن يطّلعوا على هذه الحقائق أولاً. فهذا التنظيم ليس إلّا سلاحًا بيد النظام السوري، يستخدمه لضرب الدّولة التركية.

والان أقول هل هناك أمر يدعو للغرابة إذا قامت الدّولة التركية بأخذ كافة احتياطاتها لمكافحة هذا التنظيم؟

عن الكاتب

محمد متينار

سياسي وكاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس