ترك برس

رأى النائب السابق في حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، ياسين أقطاي، أن حادث تحطم مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، لم يكن ناتجا عن عملية اغتيال، بل عن قِدم المروحية وسوء صيانتها.

وقال أقطاي في مقال بصحيفة يني شفق إن وفاة رئيس جمهورية إيران الإسلامية، إبراهيم رئيسي، مع وزير الخارجية، وإمام صلاة الجمعة في تبريز، وحاكم المقاطعة، في حادث تحطم مروحية مأساوي، نزلت كالقنبلة على الساحة العالمية التي تعيش بالفعل في حالة من الغموض والاضطراب.

وأشار إلى أن سفر شخصيات حكومية مهمة كهؤلاء في نفس المروحية، وخاصة في ظروف جوية تعد خطرة لأي رحلة جوية، يثير منذ الوهلة الأولى تساؤلات حول غرابة هذا "الحادث".

وأضاف: "صحيح أنهم سافروا في نفس المروحية بنفس قائمة الركاب، وأن الحادث وقع في طريق العودة، لكن وقوع وفاة في هذا الحادث يعيد إلى الأذهان كل الإهمال والتقصير والعيوب التي حدثت قبل وقوعه، بل وتجعل جميع الاحتمالات التي تربط الحادثة باغتيال تتبادر إلى الأذهان بشكل أكبر. في الواقع بات هذا الاحتمال الشغل الشاغل للناس منذ لحظة سماعهم للخبر، وأصبح موضوع نقاشهم الرئيسي".

وذكر أنه عند النظر إلى التعليقات التي تشير إلى أن الحادث الذي أودى بحياة رئيسي والوفد المرافق له لا يمكن أن يكون حادثا عاديا، نجد أن جميع الأدلة تدعم هذه الفرضية. ففي إيران، تعد مثل هذه الرحلات روتينية للغاية حتى بالنسبة لكبار المسؤولين، وربما تعطي صورة عن كيفية الاتكال المفرط على القدر في إنجاز الأمور، وفقا لثقافة التوكل السائدة في الشرق. إن استخدام مروحية منتجة في عام 1979، لم تتلق الصيانة الدورية بشكل صحيح على الأرجح، لنقل أهم الشخصيات في البلاد عبر تضاريس جبلية وعرة وفي ظروف جوية ضبابية، إضافة إلى كون الرحلة ليلية، هو أمر لا يمكن تفسيره إلا على أنه نية مبيتة، بل نية اغتيال.

وأردف: "بمجرد أن نرجح فرضية الاغتيال، ستتجه الأنظار تلقائيا إلى المشتبه بهم المعتادين. ووفقا لهذا المنطق تعتبر إسرائيل بالتأكيد وراء هذا الاغتيال. فعلى مدى سنوات لم تتردد إسرائيل في إظهار عدائها المعلن لإيران في كل فرصة، ولم تتوان عن إظهار هذه العداوة بالعدوانية الصريحة، ومؤخرا قامت إسرائيل في الأول من أبريل بقصف سفارة إيران في دمشق وقتلت بعض جنرالاتها البارزين. وبالتالي لا يوجد الآن ما يمنعها من تنفيذ مثل هذا الاغتيال، على الأقل من حيث القصد والنية.

وتابع: "هل تعد إسرائيل المشتبه به المعتاد في حادثة اغتيال رئيسي، على الرغم من هزيمتها في 7 أكتوبر؟ إن التركيز على إسرائيل كمشتبه به معتاد في هذه العملية الاغتيال، يبدو بعيدا عن التصديق، خاصة في هذه الأيام. فقد انهارت أسطورة "الموساد" جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الشهير، بعد أحداث 7 أكتوبر. حيث نجحت كتائب القسام في دحض جميع الأساطير التي نسجت حول قدرات الموساد، ليس فقط على مستوى العمليات، بل وعلى مستوى قدرات القوات المسلحة الإسرائيلية بأكملها. وبعد انهيار هذه الأساطير حول قوة إسرائيل وقدراتها، لم يتبق سوى مظاهر الفشل والخوف والعجز الاستخباراتي.

فمنذ 7 أكتوبر، أصبح "الموساد" والقوات المسلحة الإسرائيلية أضحوكة للعالم بأسره. إن الجانب الوحيد الذي يتفوقون فيها الآن هو القوة التدميرية الهائلة للقصف الوحشي. لكن حتى هذه القوة تهزم بشكل مخز كل يوم على يد كتائب القسام في المعارك البرية على أرض غزة. وفي مثل هذه الظروف، فإن اغتيال رئيسي في المجال الجوي الإيراني سيكون بمثابة إعادة إحياء لأسطورة إسرائيل. فهل تمتلك إسرائيل القدرة على تنفيذ مثل هذه العملية؟ بالطبع لا يمكننا استبعاد أي احتمال بشكل قاطع. ولكن يكفي أن نشير إلى ما يعنيه انتشار مثل هذه الشائعات".

وقال أقطاي: "لا شك أن رئيسي كان أحد أهم السياسيين في إيران. فلو لم يكن كذلك، لما تم انتخابه رئيسا للجمهورية. ولكن أهميته لا تقتصر على كونه رئيسا للجمهورية، بل أيضا على إسهاماته السابقة في الثورة، وعلى الأدوار المنتظرة منه في المستقبل ضمن التوازنات السياسية الإيرانية. فقد كان ينظر إليه على أنه خليفة الزعيم الديني آية الله علي خامنئي. لذلك، إذا كان هناك احتمال لعملية اغتيال، فإن احتمال حدوثها من الداخل سيكون أعلى بكثير.

ولكن يبدو ـ وهذا هو رأيي الشخصي أيضا ـ أن هذا الحادث لم يكن ناتجا عن عملية اغتيال، بل عن قِدم المروحية وسوء صيانتها، بالإضافة إلى تحليقها في تلك الظروف الجوية الصعبة معتمدين على التوكل الذي يعرف به الإيرانيون. بالطبع، سيتم النظر في الاحتمالات الأخرى. لكن الأهم من ذلك هو التركيز على التحركات التي ستنشأ لملء الفراغ الذي سيخلقه هذا الحادث في السياسة الإيرانية، وما هي الآثار التي ستتركها هذه التحركات على إيران وعلى المنطقة".

بعد وفاة رئيسي لا شيء سيبقى على حاله

أقطاي لفت إلى أن وفاة رئيسي بهذه الطريقة لن تترك أي شيء على حاله في إيران، وستلقي بظلالها على كافة السياسات في المنطقة. كان لرئيسي أسلوبه الخاص في السياسة، ومن المستحيل أن يستمر هذا الأسلوب بنفس الطريقة بعد وفاته، خاصة بهذه الطريقة المأساوية. سيتم إعادة تقييم العمليات التي تقودها إيران في اليمن وسوريا والعراق ولبنان والعديد من الأماكن الأخرى. سيعيد الشعب الإيراني النظر في موقعه في عالم متغير، وسيواجه خيارات جديدة في صناديق الاقتراع، التي جاءت بشكل غير متوقع مع هذه الوفاة المأساوية.

ويرى السياسي التركي أن "إيران، ذات التاريخ العريق في الحداد، تعيش اليوم حالة حداد. نتقدم بخالص التعازي للشعب الإيراني. إن الوضع الذي نشأ نتيجة التحدي القائم مع إسرائيل كان بحد ذاته محزنا للغاية. والآن يواجه الشعب الإيراني اختبارا عسيرا. نتمنى لهم الصبر والثبات".

وأضاف: "في الوقت الذي تناقلت فيه وكالات الأنباء خبر تحطم مروحية رئيسي، وردت أنباء عن نقل الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى المستشفى. عادة ما يتم تحليل وتوقع التغيرات في المنطقة بناء على ما يفعله الإنسان ويخطط له. لكن في بعض الأحيان، تتدخل اليد الإلهية في الأحداث بشكل غير متوقع وغير مخطط له، وتوجهها نحو مسارات أخرى".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!