ترك برس

أعلنت السلطات التركية تنظيم مزاد عقاري ضخم يشمل مئات الوحدات السكنية والتجارية والأراضي في مدن كبرى مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير، في خطوة تهدف إلى تنشيط السوق العقاري المحلي وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتوفير فرص استثمارية مغرية للمستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء.

ويأتي هذا المزاد في إطار سياسة الدولة الرامية إلى تنشيط السوق العقاري المحلي وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، في وقت يمر فيه الاقتصاد التركي بتحديات معقدة نتيجة تقلبات أسعار الصرف وارتفاع تكاليف التمويل.

ويشمل المزاد أكثر من 500 عقار متنوع، بما في ذلك شقق سكنية في مواقع مركزية وأراضٍ في ضواحي المدن ومكاتب تجارية ومحلات قرب مشاريع حكومية كبرى مثل قناة إسطنبول وخطوط المترو الجديدة، ما يمنح هذه الوحدات قيمة إضافية ويجعلها خيارات مثالية للمستثمرين الباحثين عن عوائد مستقبلية مستقرة.

ويمكن للمستثمرين المشاركة في المزاد عبر منصات إلكترونية حديثة، إلى جانب المكاتب المعتمدة داخل المدن الكبرى. كما ستتاح آليات تسجيل سهلة بعدة لغات، بما في ذلك الإنجليزية والعربية والروسية، لضمان الشفافية وتسهيل العملية. وأكد المنظمون أن طرق الدفع ستكون مرنة، سواء عبر التقسيط أو التمويل البنكي المدعوم، ما يتيح لشريحة أوسع من المستثمرين الدخول إلى السوق دون مواجهة عقبات مالية كبيرة.

ويرى خبراء الاقتصاد أن قطاع العقارات التركي لا يزال ركيزة أساسية للاقتصاد، مستفيدين من انخفاض قيمة الليرة مقارنة بالعملات الصعبة، مما يمنح المستثمرين فرصة شراء عقارات بأسعار مغرية مقارنة بأسواق أخرى في أوروبا أو الشرق الأوسط. ويعتبر المزاد فرصة استثنائية ليس فقط للشركات الكبرى، بل أيضًا للأسر المتوسطة وصغار المستثمرين الراغبين في دخول السوق العقاري بطريقة آمنة ومنظمة.

ويعكس المزاد رغبة تركيا في إعادة التوازن بين العرض والطلب، إذ أن طرح مئات العقارات دفعة واحدة بأسعار منافسة قد يؤدي إلى استقرار نسبي في أسعار السوق، خاصة في المدن التي شهدت تضخمًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة مثل إسطنبول. كما يساهم المزاد في خلق بيئة تنافسية عادلة، حيث تعرض الوحدات بشكل علني أمام جميع الراغبين، ما يقلل احتمالية الاحتكار أو المضاربات.

ومن زاوية أخرى، يعول صانعو القرار على أن المزاد سيعزز مكانة تركيا كمركز إقليمي للإنتاج والتصدير العقاري، حيث ينظر العديد من المستثمرين الأجانب إلى العقارات التركية ليس فقط كأداة للادخار أو السكن، بل أيضًا كبوابة للحصول على الجنسية أو الإقامة الدائمة، ما يفتح أمامهم آفاقًا أوسع للعمل والاستثمار في المنطقة. كما يوفر المزاد ضمانات إضافية فيما يتعلق بالملكية وخلو العقارات من النزاعات، وهو ما يشكل عنصر طمأنة مهمًا للمستثمرين الدوليين.

ولا يقتصر البعد الاقتصادي للمزاد على تنشيط السوق العقاري فقط، بل يمتد إلى تعزيز الأنشطة المرتبطة مثل قطاع الإنشاءات والتمويل والبنوك والخدمات القانونية واللوجستية، مما يخلق دورة اقتصادية متكاملة تساهم في توفير فرص عمل جديدة وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي. ومن المتوقع أن يشهد المزاد إقبالًا كثيفًا من مستثمرين من دول الخليج وأوروبا الشرقية وروسيا، إضافة إلى الجاليات الأجنبية المقيمة في تركيا.

ويرى المحللون أن نجاح المزاد قد يدفع الحكومة التركية إلى تنظيم مزادات مماثلة بشكل دوري وربما سن تشريعات جديدة تجعل من المزادات آلية أساسية لتسويق العقارات في المستقبل، ما قد يحسن مستوى الشفافية ويحد من الممارسات غير النظامية التي طالما اشتكى منها المستثمرون. كما قد يساهم في تحقيق استقرار أكبر في السوق وتوزيع الفرص بشكل أعدل بين الشركات الكبرى والصغرى وبين المستثمرين المحليين والأجانب.

وبالنظر إلى السياق الاجتماعي، يهدف المزاد أيضًا إلى معالجة مشكلة ارتفاع أسعار المساكن، التي أصبحت عبئًا كبيرًا على الشباب والأسر الجديدة. إذ سيكون لدى هذه الفئة فرصة أفضل للحصول على مسكن مناسب بأسعار تنافسية، بما يتماشى مع خطط الدولة لتوفير مساكن بأسعار معقولة وتخفيف الضغوط الاجتماعية.

ويخلص المراقبون إلى أن المزاد العقاري الجديد يمثل اختبارًا مهمًا لقدرة تركيا على الموازنة بين أهدافها الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية وبين تلبية احتياجات مواطنيها في الحصول على سكن مناسب، وإذا نجحت التجربة فقد تتحول إلى نموذج يُحتذى به في المنطقة، خصوصًا مع ازدياد الاهتمام العالمي بالاستثمار في الأسواق الناشئة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!