ترك برس

تناول مقال للكاتب والإعلامي المصري علي أبو هميلة، المشهد الدرامي التركي في موسم خريف 2025، الذي يشهد عرض سبعة مسلسلات جديدة ليصل العدد الإجمالي للأعمال إلى 32 مسلسلًا، منها 20 عملًا جديدًا.

يستعرض الكاتب أبرز المسلسلات المتصدّرة لنسب المشاهدة مثل «المدينة البعيدة» و«هذا البحر سوف يفيض»، كما يسلّط الضوء على ملامح الإنتاج التركي المتزايد، وتنوّع الموضوعات بين الدراما الاجتماعية والعشائرية والتاريخية.

ويرصد الظواهر المتكررة في الدراما التركية مثل إطالة الحلقات واستعادة الشخصيات الميتة لإطالة عمر الأعمال، مع الإشارة إلى وعي المشاهد التركي وازدياد اهتمام الدراما بالقيم الاجتماعية الأصيلة والتنافس الكبير في سوق الإنتاج التلفزيوني.

وفيما يلي نص المقال الذي نشره موقع الجزيرة مباشر:

خلال هذا الأسبوع يدخل مجال الخدمة الدرامية عبر الشاشات التركية سبعة مسلسلات جديدة، ليصل عدد المسلسلات الدرامية المنتجة والمذاعة هذا الموسم، الذي بدأ في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، إلى 32 عملًا دراميًا، بينها ما لا يقل عن 20 عملًا جديدًا، بينما الباقي مسلسلات استمرت من الموسم السابق والذي قبله.

هذا العدد من الأعمال الدرامية المستمرة هو الذي نجا من مقصّ المشاهد لا مقصّ الرقيب، فاستمرار الأعمال يعتمد على نسب المشاهدة، ولا يتدخل الرقيب أصلًا في الدراما التركية، إذ إن طبيعة المجتمع المفتوح تتيح لكل الأفكار الانتشار والإنتاج. وتُعتبر حادثة نادرة أن يُوقَف عمل درامي هناك، إلا إذا اصطدم بالقيم المجتمعية، خاصة في ظل تزايد الاتجاهات المحافظة بفعل انتشار التعليم المرتبط بالقيم الاجتماعية الأصيلة.

في تقييم لنسب المشاهدة في الأسبوع الأخير، لوحظ أن عملين من الأعمال الدرامية المستمرة من المواسم الماضية يتصدران قائمة الأعلى مشاهدة، هما: المدينة البعيدة في موسمه الثاني، وهو عمل اجتماعي عشائري يتناول الحياة في ولاية ماردين والصراع على النفوذ داخل العائلات الكبيرة، وقد حقق نسبة مشاهدة بلغت 16.1% وجاء في المركز الأول.

أما المركز الثاني فكان لمسلسل: هذا البحر سوف يفيض، الذي حقق نجاحًا جماهيريًا فائقًا في أسبوعه الخامس، وتلاه مسلسل: حلم أشرف، في المركز الثالث بنسبة 8.14%، وهو عمل اجتماعي يتناول مجتمع رجال الأعمال في تركيا من خلال قصة شاب يتأرجح بين الجريمة والحب، ويحاول حماية الأيتام من حوله.

ويُذكر أن الممثلة دينيز بايسال حققت رقمًا قياسيًا كونها أول ممثلة في تاريخ قناة TRT تحقق نسبة مشاهدة تفوق +10 في عملين هما المنظمة وهذا البحر سوف يفيض. كما يشاركها البطولة أولاش تونا، الذي يعيد نجاحه السابق في أسرح لها أيها البحر الأسود.

يتناول المسلسل قصة الصراع بين عائلتين في قريتين متجاورتين في ولاية طرابزون، وقصة حب بين شاب وفتاة من العائلتين وسط دوامة الثأر والنفوذ. وقد لفتت الأنظار الممثلة الشابة أفا يامان (18 عامًا) التي تؤدي دور «إيليني» ببراءة لافتة وتلقائية جعلتها محبوبة الجماهير، حتى شبّهها الجمهور ببطلة مسلسل المؤسس عثمان أوزجي تورير التي أدت دور «بالا» زوجة عثمان.

العمل الذي احتل المركز الرابع هو مسلسل: ورد وذنوب، الذي يعود به النجم مراد يلدريم إلى الشاشة بعد غياب، ويشاركه البطولة جيمري بايسال.

تدور الأحداث حول رجل أعمال ناجح يكتشف خيانة زوجته وإنجابها طفلة تُدعى «قدر». تلتقي الطفلة بجارتها «زينب» (البطلة) التي تصطحبها إلى أمها التي تتعرض لمحاولة قتل.

تعيش الطفلة وجارتها في قصر البطل الذي يحاول معرفة والدها الحقيقي، وسط أجواء من الخيانة والإثارة والعواطف المتشابكة.

أما مسلسل: الخليفة أو نداء الجذور فقد جاء في المركز الخامس بنسبة مشاهدة بلغت 7.28%، وتدور قصته حول طبيب جراح شهير من أبناء الأغاوات في ولاية أورفا، يعود إلى مسقط رأسه للزواج من ابنة أغا آخر فدية لثأر قديم، فيتسبب ذلك في صراع عائلي كبير.

ورغم ارتفاع نسب المشاهدة، إلا أن المسلسل مهدد بالتوقف بسبب مشاكل مالية وإدارية تواجه القناة المنتجة، وهي القناة التي تبث أيضًا أعمالًا مثل: المحتالون، الحسد، حياة ليمان، وأطفال جنة، وهي أعمال تقع في المنطقة المتوسطة من حيث نسب المتابعة.

يشهد الإنتاج الدرامي التركي تصاعدًا كل عام، وتوسّعًا في دوائر الإنتاج اعتمادًا على الأعمال ذات الطابع الاجتماعي والعشائري التي تعكس القيم السائدة في الولايات التركية.

فقد شاهدنا هذا الموسم أكثر من ستة أعمال تتناول البنية الاجتماعية في تلك المناطق، منها: المدينة البعيدة، أطفال جنة، المشردون، وحياة ليمان، الذي يدور حول أربع صديقات في المرحلة الثانوية يتورطن في جريمة قتل، وبعد 25 عامًا تعود ابنة القتيل للانتقام.

العمل التاريخي المؤسس أورهان في حلقته الثانية تقدّم إلى المركز العاشر، وقد أثار الجدل بسبب استبدال الممثل إيمري باي الذي جسّد شخصية «أورهان» سابقًا بالممثل مارت يازجي أوغلو.

ويرى النقاد أن الشخصيتين تختلفان دراميًا، فـ«أورهان» الجديد يُقدَّم كقائد ناضج في سياق درامي مغاير، ومن المبكر الحكم على العمل قبل اكتمال حلقاته.

أما العمل التاريخي الثاني: سلطان الفتوحات محمد الفاتح، فقد دخل موسمه الثالث بالحلقة العاشرة التي أذيعت أمس، محتلاً المركز الـ 15 في نسب المشاهدة.

ورغم تأخر ترتيبه، فإن العمل يقدّم نصًا محكمًا وأداءً قويًا، لكن تراجع الإقبال على الأعمال التاريخية يعود لتشبّع الجمهور منها بعد سنوات من الإنتاج المتواصل.

ويُؤخذ على هذا العمل تضاؤل الأدوار النسائية، وهي ملاحظة تتكرر أيضًا في المؤسس أورهان.

شهدت الدراما التركية في مواسمها الأخيرة ظاهرة «إطالة الأعمال» عبر إدخال أحداث مفتعلة تفتقر إلى المنطق الدرامي، مثل عودة شخصيات متوفاة أو إعادة مشاهد بأشكال مختلفة.

حدث ذلك في: دين الروح والمشردون وورد وذنوب، إذ أعاد المؤلفون شخصيات مثل «بوران» في: المدينة البعيدة، و«الأم عزيزة» في : المشردون، و«براق» في: ورد وذنوب من الموت، فقط لإطالة عمر المسلسل واستثمار نسب المشاهدة العالية.

لكن مثل هذه الحيل لا تمر على المشاهد التركي الواعي الذي أصبح يميّز بين الدراما الأصيلة والدراما المفتعلة.

ولنا عودة أخرى مع البحر الواسع للدراما التركية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!