ترك برس

أعلن رئيس الوزراء التركي الأسبق رجب طيب أردوغان بتاريخ 28 كانون الأول/ ديسمبر 2012 خلال لقاء تلفزيوني بأن هناك عدة لقاءات تمت مع عبدالله أوجلان من أجل بدء صفحة جديدة في المشكلة الكردية في تركيا وأطلق على هذه الصفحة "عملية السلام"، وتضمنت هذه العملية إعطاء المواطنين الأكراد في تركيا الكثير من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعملية مثل؛ حق التحدث باللغة الكردية في المحاكم والمؤسسات الرسمية، حق ممارسة الدعايات السياسية الانتخابية باللغة الكردية، إمكانية تعلم اللغة الكردية في المدارس ومؤسسات المجتمع المدني بشكل حر ودون أي قيود وغيرها الكثير من الحقوق التي أقرها البرلمان التركي خلال عملية  السلام.

وعلى الرغم من جميع هذه الحقوق التي لم يكن بحلم بها المواطنون الأكراد في تركيا في يوم من الأيام إلا أن حزب العمال الكردستاني بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في 7 حزيران/ يونيو الماضي قلب الطاولة في وجه الحكومة التركية وبدأ بتنفيذ العديد من العمليات التفجيرية التي تستهدف جهاز الشرطة والجيش التركي، مما جعل الكثير من المطلعين على الشأن التركي يطرحون سؤل "لماذا انقلب حزب العمال الكردستاني على عملية السلام بهذا الشكل؟".

وللاطلاع على قضية انقلاب حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" على عملية السلام بشكل أكثر تفصيلًا وتوضيحًا تناول الباحث في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" ميديام يانيك الموضوع تحت عنوان "لماذا انقلب حزب العمال الكردستاني على عملية السلام؟".

يستهل يانيك تقريره بالقول: "عملية السلام لم تنتهِ بشكل كامل، ولكنّها دخلت مرحلة تجميدية جديدة، لأن في نهاية المطاف المشكلة الكردية لا يمكن أن تُحل إلا من خلال الطرق والأساليب السياسية، وسعى حزب العمال الكردستاني "الإرهابي" وبمساعدة جناحه السياسي حزب الشعوب الديمقراطي في الفترة الأخيرة، وخاصة بعد الانتخابات البرلمانية، إلى إدارة منطقة شرق وجنوب شرق الأناضول بصورة مستقلة بعيدًا عن الإدارة الحكومية، الأمر الذي أشعل فتيل التعارُض والخلاف بينهما وبين الحكومة التركية التي أوعزت لهم أكثر من مرة بأن ما يقومون به من جمع ضرائب ومحاكم ميدانية وغيره من الأفعال أمر غير قانوني، وسيتم أخذ جميع الإجراءات لصدّه، ولكنهم لم يُصغوا إلى ذلك بل أصمّوا آذانهم بأصابعهم وأداروا ظهورهم للحكومة التركية وهذه هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير وأشعلت الحرب والاقتتال بين الطرفين شيئًا فشيئًا".

إلى جانب هذا السبب الرئيسي يحاول يانيك إيجاز الأسباب الأخرى التي جعلت حزب العمال الكردستاني يقلب طاولة السلام في وجه الحكومة التركية بالشكل التالي:

ـ الأحداث الاستقلالية الأخيرة في شمال العراق وشمال سوريا شجعت حزب العمال الكردستاني على طلب الاستقلال في منطقتي شرق وجنوب شرق الأناضول: إن السيادة المحورية التي حُققت في إطار عمليات كوباني وثورة روجوفا الكردية والاتفاق الأمريكي الكردي الواضح والداعم بشكل كبير وتعاطف الرأي العام الضخم الذي حققته الثورة الكردية جعلت حزب العمال الكردستاني يحاول استغلال الفرصة ويقلب الطاولة على عملية السلام. عملية السلام والمفاوضات ليست من صالح المنظمات الإرهابية المسلحة لأن هذه الأحزاب تعودت على استخدام السلاح وتعودت على قياس توازن القوة عن طريق حجم العمليات الإرهابية المسلحة وعن طريق مدى استغلال الفرص السانحة للعمليات الإرهابية، وحزب العمال الكردستاني بعد رؤية فرصة الاستقلال انقلب على عملية السلام بشكل واضح.

ـ الإيدولوجية الشيوعية الثورية لحزب العمال الكردستاني: تأسس حزب العمال الكردستاني عام 1984 على أساس القومية الكردية والشيوعية الثورية، القومية الكردية تسعى للحصول على حقوق المواطنين الأكراد أما الشيوعية الثورية فهي الأسلوب الذي يسعى الحزب لتحقيق ما يهفو إليه من خلاله، وحسب الإيدولوجية الشيوعية الثورية الماركسية "لا يمكن تحقيق أي هدف سياسي أو قانوني إلا من خلال الانقلاب الجذري والمستمر والثورة الجذرية على نظام الحكم، هذه الإيدولوجية تلعب دورًا كبيرًا في جعل قادة حزب العمال الكردستاني لا يؤمنون بعملية السلام والمفاوضات.

ـ زيادة كسب تعاطف الرأي العام العالمي عن طريق إعادة الحرب مع تركيا وزيادة الحرب مع داعش: رأى حزب العمال الكردستاني من الحرب ضد داعش فرصة سياسية عظيمة لكسب شرعية عالمية أكثر قوة تمكنه من تحقيق أحلامها في الاستقلال، وللحرب ضد داعش كان لا بد من زيادة محاور الحرب ودواعيها فبدأ حزب العمال الكردستاني باتهام الحكومة التركية بأنها حكومة إسلامية متطرفة داعمة لداعش في حربها وجرائمها ضد الأبرياء، عن طريق هذه الحرب "الهيكلية الاصطلاحية" اعتقد حزب العمال الكردستاني بأن الدعم العالمي سيزيد لصالحه وسيزيد الضغط العالمي على تركيا لإعطاء الأكراد المضطهدين في شرقها وجنوب شرقها والتي تشارك تركيا في اضطهادهم  استقلال ذاتي، ولتحويل هذا الهدف الخيال إلى حقيقة واقعية كان لا بُد من بدأ الحرب ضد تركيا لتوثيق حرب حزب العمال الكردستاني ضد داعش وداعميها في المنطقة وإظهاره كمقاتل من أجل الحرية يحارب من أجل المضطهدين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!