جلال سلمي - خاص ترك برس

في تمام الساعة التاسعة والخمس دقائق في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام يقوم المواطنون الأتراك، في تركيا، بالوقوف لمدة دقيقة احترامًا لمصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية، خلال هذه الدقيقة تقف حركة المواصلات ويقف كل شخص في الشارع ويقوم الطلاب الصغار في مدارسهم بالبكاء، في السابق كان البكاء حتى ولو كان مبتذلًا إجباريًا حسب ماتروي الباحثة السياسية أوزلام البيراك، ويتلون الكلمات التالية بشكل ملحن "في قصر دولما باهتشا توفى أبانا الساعة التاسعة والخمس دقائق، أغلق أعينه فبكت الدنيا والعالم".

وحسب ماترويه الباحثة السياسية أوزلام البيراك أيضًا، التي تتناول مراسم ذكرى وفاة مصطفى كمال أتاتورك في مقال تدويني بعنوان "أتاتورك لم يمت، مازال حيا ً في قلوبنا" نُشر بتاريخ 11 نوفمبر 2015 في جريدة يني شفق التركية؛ "في السابق كان مُعلمي الموسيقا في المدارس يلقنون الطلاب هذا المقطع بكل اصرار وتصميم، وكان الطالب الذي لا يحفظ هذه المقطع أو يرفض تكراره يُستدعى ولي أمره ويُنذر بالفصل".

تضيف البيراك "كنا نظن بأن الدنيا والعالم يقفان في تلك اللحظة، ولكن بعدما بلغنا سن الرشد أيقنا بأن تركيا لا تقف حتى تقف الدنيا أو يقف العالم، لا أدري؛ بدلًا من دقيقة الاحترام هذه لماذا لا يتم قرأة الفاتحة على شخص توفى منذ سنوات طويلة؟، هذا السؤال طرحه الكثير أمامي الأمر الذي جعلني أجزم بأن هناك قسمين في تركيا؛ قسم بسيط منهم من يقف طوعًا ومنهم من يقف قسرًا، كما كنا نقف في مدارسنا، دقيقة احترام وقسم كبير لا يقف ولو ثانية واحدة".

تفيد البيراك أيضًا بأنه بعد اكتشافها لهذا القسم الكبير من الشعب التركي الذي لا يقف احترامًا لمصطفى كمال أتاتورك أصبحت تتساءل عن السبب في ذلك، وحسب استطلاعاتها فإن الأسباب كانت كثيرة ومتنوعة ولكن أهم هذه الأسباب كانت؛ "إعدام أتاتورك للكثير من العلماء المُخلصين، تغيير الأحرف التركية من الأحرف العربية إلى الأحرف اللاتينية عام 1928 وبالتالي طمس اللغة التركية القديمة"اللغة العثمانية" وعدم قدرة الجيل الحالي على قرأة لغة أجداده، تحويل الأذان من اللغة العربية إلى تركيا في سابقة لم يظهر لها مثيل، حكم تركيا بطريقة دكتاتورية إذ حكمها 16 عام دون التنازل عن موقعه للغير على الرغم من تحديد دستور 1921 ساري المفعول في ذلك الوقت فترة الرئاسة فقط لسبع سنوات وإغلاق حزب الجمهورية الحر عام 1930 الحزب السياسي المعارض الوحيد في ذلك الوقت بعد نيله تأييد الآلاف من الشعب التركي، وغيرها الكثير من الأسباب التي ترى بأن مصطفى كمال أتاتورك "لا يستحق" الاحترام".

وتُشير البيراك بأن "الأتاتوركيين، أي الذين ادعوا تأيديهم لفكر أتاتورك العلماني والحداثي، أذاقوا الشعب التركي الذي تبلغ نسبة المحافظين منه 85% الويلات والويلات، منذ موت أتاتورك وحتى عام 2002؛ كانوا يسجنون كل شخص يوجد ببيته كلمة عربية واحدة، كانوا يسجنون ويعذبون كل شخص يقف ضد العلمانية حتى ولو ببيت شعر، كانوا يمنعون النساء المُحجبات من الدخول إلى الجامعات والمدارس، ناهيك عن الانقلابات العسكرية الدموية التي قاموا بها تحت شعار حماية أسس ومبادئ العلمانية، بعد أفعال أتاتورك نفسه وبعد جرائم من يدعي تأييده ضد الشعب التركي المُحافظ؛ يبدو بأن الذي يرفضون احترامه على حق بعض الشيء!!".

وكما قامت صحيفة وقناة عقد التركية بشن هجوم شنيع على أتاتورك ومؤيديه مدعية أن "أتاتورك لم يقم بحرب التحرير بنفسه بل كان هناك إلى جانبه العديد من القادة والجنود الذين كانوا يسبحون بحمد الله وتوحيده وكان هناك الكثير من الدعم الذي أتى من مسلمي الباكستان والهند لدعم حرب التحرير "ليس التركية" بل العثمانية، ولكن بعد انتهاء حرب التحرير عام 1922 بدأ أتاتورك بجمع القادة العسكريين الذين يحملون نفس الفكر العلماني الذي يحمله وشرعوا بنشر مبادئ العلمانية وأقنعوا الغرب على أنهم حماة العلمانية والرأسمالية في تركيا الأمر الذي جعل الغرب يوافق على إقامة الجمهورية التركية من خلال اتفاقية لوزان، بعد هذا الاتفاقية تم تأسيس الجمهورية التركية تحت أسس العلمانية المتعصبة وتم حرمان الكثير من المواطنين الأتراك من حقوقهم الاجتماعية والثقافية والدينية، لا احترام لحارم أجدادنا من حقوقهم ولظالمهم وظالمن بطمس تراثنا وثقافتنا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!