ترك برس

اعتبر خبراء ومحللون أن المخاوف الأمنية المتصاعدة بسبب الأزمة السورية، تقف وراء موقف تركيا من مباحثات جنيف، لافتين إلى أن "نجاح منظمة حزب الاتحاد الديمقراطي (الامتداد السوري لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية)، في التفوّق على المجاميع السياسية الكردية الأخرى، واستغلالها الدور الذي تلعبه ضد داعش في مجال عقد علاقات مع القوى الكبرى، يشكّل عديدًا من المشاكل من وجهة النظر التركية".

رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط الدكتور "شعبان كاردش"، رأى في تقرير له بهذا الشأن، نُشر على الموقع الرسمي للمركز، تحت عنوان "التردّد: التوتر بين المصداقية السياسية وبين المواقف المبدأية"، أن "أنقرة كانت قد أرادت في بداية الأمر عقد علاقة تعاون فعّال مع الاتحاد الديمقراطي، وحتى أنها وفي صيف عام 2012 بعد أن ظهرت هذه المنظمة كقوة مهمة يعتدّ بها، دعت الرئيس المشارك لها، صالح مسلم، إلى تركيا بهدف التباحث معه حول تطورات الوضع في شمال سوريا".

وبيّن كاردش أن "رفض منظمة الاتحاد الديمقراطي العمل المشترك مع المعارضة السورية الائتلاف الشعبي السوري وتقرّبها مع النظام السوري وايران وروسيا، وانهاء منظمة بي كا كا الارهابية لوتيرة الصلح مع تركيا في الصيف الماضي، عرقل اقامة علاقة تستند على تعاون مشترك، وقد دلّت الانباء المتزايدة التي تشير الى تبنّي الاتحاد الديمقراطي اهداف توسعية ضد المجتمعات الاخرى، على ان هذه المنظمة بدأت بنشاطات معادية ليس ضد تركيا فحسب، بل مع سائر حركات المعارضة ايضا. ومن حيث النتيجة، فان تركيا وسائر مجاميع المعارضة اضحت تدافع عن فكرة مفادها عدم امكان منظمة الاتحاد الديمقراطي تمثيلها بالاشتراك مع ممثلي المعارضة في مائدة المفاوضات، وينبغي اذا ما شاركت في المباحثات ان يكون موضعها في صف النظام السوري. ان مشاركة منظمة الاتحاد الديمقراطي في المباحثات اضحت موضوعا معقدا، وان روسيا اذا ما ارادت تقويض هذه الوتيرة من اساسها فانها ستستعمل هذه الورقة لخدمة ذلك الغرض".

وأوضح الخبير التركي، أنه "لا شك أن تركيا هي من أكثر البلدان تضررًا من عدم استطاعة المجتمع الدولي وضع حدّ للأزمة السورية. وبينما يكون مصير المبادرات الدبلوماسية الفشل، فإن القتال يزداد شدّة ليتحول الى أكبر مشكلة يواجهها هذا البلد بعد فترة الحرب الباردة. وفي حين انقطعت علاقات تركيا الاقتصادية مع سائر بلدان المنطقة، فإنها أضحت تتحمل العبء المالي الثقيل بسبب استضافتها لأكثر من مليونين ونصف المليون من السوريين في اراضيها".

ولفت كاردش إلى أن "الأمن القومي التركي تأثّر بالتوسع الذي حصل في الصراع المتأزم  في سوريا، وانطلقت شرارة العنف الى هذا البلد على شكل الهجمات الإرهابية لما يسمّى بالدولة الأسلامية في العراق والشام "داعش" وحزب العمال الكردستاني، كما أن تركيا تعرضت بسبب الأزمة السورية لمخاطر وقوعها في خلاف مباشر مع روسيا، لتصل بذلك الى أهم نقطة تحوّل في سياستها الخارجية في الفترة التي أعقبت الحرب الباردة، وبالاضافة الى ذلك فقد برزت للعيان خلال هذه الحقبة الخلافات العميقة التي تعيشها حتى مع الدول الغربية الحليفة لها بسبب الأزمة السورية".

وأضاف كاردش قائلًا: "الواقع أن أي حل سياسي ينهي الصراع القائم في سوريا يكون من مصلحة تركيا. فستشهد تركيا منفعة أية خطوة نحو السلام، ذلك لأن دوام الصراعات يعني مضاعفة تكاليف الصراع المتزايدة، إن تركيا التي تشعر بمستعجلية استراتيجية لإيقاف الاشتباكات، فإنها وبالرغم من ذلك تقف صامدة أمام الخضوع للضغوط المتولدة عن الظروف المتغيّرة في ميدان الصراع، ولا شك أن تركيا التي تمتنع عن قبول التوصل الى حل سياسي مهما كان نوع هذا الحل، ترى عدم إمكان التوصل إلى وتيرة سياسية دائمة الا بتوفّر شروط محددة فيها".

وذهب إلى أن "المعضلة الرئيسية من جانب تركي، هي إمكانية تحقيق المفاوضات لظروف ميدانية تنال القبول لتأسيس وتيرة سياسية يمكن استدامتها، من عدمه، ويستند الاطار الفكري للوتيرة الحالية وفقا لتصريح فينا وقرار مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة رقم 2254 على توازن قوى معيّن في الساحة، غير أن التدخل الروسي الايراني والعمليات العسكرية المتزايدة، يهدفان إلى تغيير هذا التوازن، ومن زاوية تركيا، فإذا ما كان هنالك حظ للدبلوماسية، يقتضي المضي في الطريق وفق المفهوم الذي كان سائدا في البداية، وأن يتم تصميم الجولة الجديدة لمباحثات جنيف بشكل يأخذ في الاعتبار إيجاد مرحلة انتقالية وفقا لما تم طرحه في مباحثات جنيف 1".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!