جلال سلمي - خاص ترك برس

أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية "جون كيربي"، الثلاثاء الماضي، 9 شباط/ فبراير 2016، أن الولايات المتحدة لا تعد حزب الاتحاد الديمقراطي منظمة إرهابية، بل هو منظمة ثورية "ديمقراطية" أثبتت نفسها على أنها الأجدر في محاربة داعش بسورية، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تتفهم حساسية تركيا تجاه الأمر، ولكن لا يمكن إغفال الدور الثمين الذي لعبه وما زال يلعبه حزب الاتحاد الديمقراطي في سورية، من خلال محاربة المنظمات "الإرهابية الحقيقية".

ولم تتأخر ردة الفعل التركية على هذه التصريحات طويلًا، إذ وصف الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" هذه التصريحات "بالمستفزة"، واعتبرها تصريحات دالة على عدم نية الولايات الأمريكية المُتحدة لإيجاد حل جاد للقضية السورية العالقة منذ 5 سنوات.

وطالب أردوغان، في مؤتمره الصحفي الذي عُقد في الاجتماع الدوري بينه وبين المخاتير، الأربعاء المنصرم، 10 فبراير 2016، من الولايات الأمريكية المُتحدة تحديد الطرف الذي تقف إلى جانبه، لنعلم هل هي تقف إلى جانب الجمهورية التركية أم إلى جانب منظمة إرهابية مرهونة بتحركات جهات أجنبية؟

ومن جانبه، يرى الباحث السياسي "محمد دوغان" أن الولايات الأمريكية المُتحدة منذ 60 عامًا، وهي تستخدم سياسة المراوغة مع تركيا، وللأسف منذ 60 عامًا، والأخيرة تحاول التحرك معها بشكل مشترك، غير متعظه بتجارب الماضي الذي يُنذر بعدم تحرك الولايات الأمريكية المُتحدة الأمريكية إطلاقًا في ضوء المصالح التركية.

ويوضح دوغان، في مقاله "الولايات المُتحدة وتركيا"، نُشر في صحيفة "وحدت"، بتاريخ 8 فبراير 2016، أن الولايات الأمريكية المُتحدة خذلت تركيا تكرارًا ومرارًا، في حين كانت تركيا في أمس الحاجة إليها وإلى معاونتها، على الرغم من تقديم تركيا العديد من الخدمات اللوجستية لها ولمصالحها في المنطقة، ومن الأمثلة النموذجية على تخلي الولايات الأمريكية المُتحدة عن تركيا:

ـ سحب الولايات الأمريكية المُتحدة لصواريخ الردع الخاصة بها والموجودة في تركيا لردع الاتحاد السوفييتي عام 1962، على خلفية اتفاقها مع الأخير على تخفيف حدة الصراع، غير آخذة بعين الاعتبار حاجة تركيا إلى تلك الصواريخ.

ـ تهديد الرئيس الأمريكي "لينود جونسون" لتركيا عام 1964، في حين أقدمت على التدخل في قبرص لإنقاذ الأتراك القاطنين فيها من جرائم العصابات اليونانية، ملوحًا إلى حظر استخدامها للأسلحة الأمريكية الموجود في يدها، وفرض حصار شامل عليها.

ـ فرض الولايات الأمريكية المُتحدة حصار قاتل وشامل على تركيا عام 1974، على خلفية تدخلها العسكري في جزيرة قبرص، بعد تنامي الجرائم اليونانية في الجزيرة.

وفي مقاله "الجلوس مع الولايات الأمريكية المُتحدة على نفس الطاولة" الذي نُشر في صحيفة "وحدت"، بتاريخ 12 فبراير 2016، يبين الخبير في الشؤون الأمريكية التركية "لطفي شاهسفور أوغلو" أن غضب تركيا وشعبها تجاه الولايات الأمريكية المُتحدة التي خلت بمواقفها تجاه المصالح الأمريكية، اشتعل عام 1962، أي في العام الذي أظهرت فيه الولايات المُتحدة الأمريكية أول موقف تخلي عن تركيا، منوّها ً إلى أن الشعب التركي استمر في غضبه تجاه أمريكا إلى عام 1983، إذ بعد هذا العام عادت العلاقات التركية الأمريكية إلى عهدها السابق، حيث ربطت تركيا مواقفها السياسية الخارجية بشكل شبه كامل بالقرارات الأمريكية.

ويلمح شاهسفور أوغلو إلى أن تركيا منذ 1983 وحتى يومنا هذا، وعلى الرغم من الحكومات المتعاقبة في تركيا، إلا أن قادة هذه الحكومات ربطت قسم كبير من قرارات السياسة التركية الخارجية بالمواقف الأمريكية، إلا أن الأزمة السورية وما نتج عنها من مراوغة أمريكية، أعادت الأذهان إلى ستينات وسبعينات القرن الماضي، حيث معارضة الولايات الأمريكية المُتحدة للمصالح التركية، واضطرار تركيا إلى تنويع علاقتها واتفاقياتها الخارجية مع العديد من الأطراف الأجنبية، بعيدًا عن التبعية الكاملة أو شبه الكاملة للسياسة الأمريكية.

وفيما يتعلق بالأسباب التي تدفع الولايات الأمريكية المُتحدة للسياسة التركية في سورية، يذكر الباحث السياسي "برهان الدين دوران"، في مقاله "مغامرة الولايات الأمريكية المُتحدة مع حزب الاتحاد الديمقراطي، نُشر في صحيفة "يني شفق"، بتاريخ 12 فبراير 2016، أن عدة أسباب تجعل الولايات المُتحدة تتعارض مع الخطط التركية الخاصة بسورية، أهمها:

ـ احتلال المصالح الإسرائيلية للمقام الأول في برنامج السياسة الخارجية لأمريكا، وأي تحرك أمريكي في سورية على النهج التركي، سيوقف حرب الاستنزاف الداخلية التي تتمتع الولايات الأمريكية المتحدة وإسرائيل في مشاهدتها وتسعى إلى إدامتها إلى أطول مدة زمنية ممكنة.

ـ إقامة دويلة كردية على الحدود الشمال لسورية مع تركيا، سيعزل الأخيرة عن سورية بعيدًا، وسيبعدها عن إسرائيل، كما أن تفتيت سورية سيصب في المقام الأول في صالح إسرائيل، إذ سيظهر للسطح عناصر مضادة لبعضها البعض، ملهية وبعيدة عن إسرائيل.

ـ تمكن تركيا من تطبيق خططها في سورية، سيجعل منها قوة إقليمية بل دولية فاعلة، وبالتالي ستكون المنافس العسكري والشعبي الأول لأمريكا في المنطقة، وهذا ما لا ترغب به أمريكا إطلاقًا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!