ترك برس

وقع انفجار أنقرة بالقرب من بعض المقرات الحكومية العسكرية والمدنية الهامة، مخلفًا 28 قتيلًا و81 جريحًا. وأشار بعض الخبراء السياسيون إلى أن الانفجار يحمل في طياته العديد من الرسائل الهامة المُرسلة من عدة جهات إلى تركيا المُقدمة على التحرك العسكري في سورية، وذلك من حيث مكان الاستهداف وتوقيته.

وفي إطار تصريحاته المتعلقة بالانفجار، أوضح رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو"، بالأمس، 18 شباط/ فبراير 2016، أن مُنفذ الانفجار هو مواطن سوري يُدعى "صالح نجار"، وهو أحد عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي "بي يي دي"، محملًا المسؤولية التامة لحزب الاتحاد الديمقراطي ومن يقف خلفه من جهات داعمة.

وصرح نائب رئيس الوزراء "يالجين أق دوغان" بأن المسؤول الأول عن انفجار أنقرة هي الجهات الداعمة لحزب الاتحاد الديمقراطي، مبينًا أن هذه الجهات توفر الدعم الوافر لحزب الاتحاد الديمقراطي ليعيث في أمننا واستقرارنا فسادًا، وعقب سقوط ضحايا في صفوفنا، يهرولون مُعزين لنا، ما هذه الازدواجية الغربية؟!

وبهذا الصدد ألمحت الباحثة السياسية "أوزلام البيراك" إلى أن تنفيذ الاتحاد الديمقراطي للانفجار، لا يجعل منه طرف قوي في اللعبة بل هو بيدق بيد روسيا والنظام السوري والولايات الأمريكية المُتحدة، ومن غير تنسيق هذه الجهات له وتوجيهه، لا يمكن له التحرك بهذه الأريحية داخل الأراضي التركية، موضحة ً أن هذه الجهات "قتلت القتيل وسارت في جنازته"، إذ كانت أولى الجهات التي عزت تركيا في مصابها.

وبيّنت البيراك، في مقالها "رسالة أنقرة"، نُشر في صحيفة "يني شفق"، 19 فبراير 2016، أن تصريحات الجهات الداعمة لحزب الاتحاد الديمقراطي المستنكرة للتفجير، ما هي إلا تصريحات إعلامية تهدف إلى إظهار هذه الجهات كجهات بريئة وجادة في محاربة الإرهاب والإرهابيين، مشيرةً إلى أن هذه الجهات يمكن لها محاربة الإرهاب من خلال إيقاف دعمها المنهمر عليها وليس من خلال الاستنكار والإدانة وإبداء الاستعداد "غير الصادق" لمحاربة الإرهاب.

وأضافت البيراك منوّهةً إلى أن الإعلام الروسي الرسمي وغير الرسمي، منذ إسقاط طائرته المخترقة للأجواء التركية، وهو يدعو القيادة الروسية لتنسيق جهودها مع حزبي العمال الكردستاني والاتحاد الديمقراطي، للرد بشكل موجع على الاستهداف التركي للطائرة، ويأتي هذه الانفجار برسالة واضحة مفادها "استهدفت تركيا أحد طائراتنا على حدودها مع سورية، وتجمع اليوم الجمع للتدخل مع بعض القوات الإقليمية في سورية، ولكن انتقامنا كان موجع، إذ استهدفنا تركيا في قعر دارها وفي قلب حزامها الأمن، وأظهرنا مدى قوتنا قبل أي تحرك جاد لتركيا في سورية، فلتفكر تركيا في الآتي...".

ومن جانبه، دعم الخبير في السياسة الخارجية التركية "أفق أولوطاش" التحليل التقييمي الخاص بالبيراك، مشيرًا إلى أن النقطة الأهم في رسالة الانفجار إلى تركيا، هي أن كُفي يا تركيا عن التخطيط لأي تحرك عسكري في سورية، حيث ستبقين ضعيفة أمام قوتنا العسكرية المتغلغلة في قلب الحزام الأمني الخاص بك.

وأوضح أولوطاش، في مقاله "تفجير أنقرة؛ المُنفذ الب يي دي، والداعم النظام السوري"، المنشور في صحيفة "أقشام"، 19 فبراير

2016، أن تركيا على وقع التحرك الجاد في سورية، وبالطبع ذلك ليس بالأمر الهين إطلاقًا، مهما كانت هذه الرسائل عدائية، إلا أن تركيا يجب عليها أن تقيم لها وزنًا كبيرًا، حيث أنها تؤكد لتركيا ضرورة رفع مستوى الإجراءات الأمنية ليس على الحدود فقط بل في الداخل أيضًا.

وأضاف أولوطاش أن التحرك العسكري خارج الحدود يستدعي تيقظ جهاز الاستخبارات على أعلى مستوى ممكن، لتأمين الجبهة الداخلية التي تُصبح عرضة واضحة للاختراق الأمن من قبل الخصم.

وبهذا الصدد، أعرب الباحث السياسي "سامي كوهين" عن أمله في عدم تمكن الانفجار من ردع تركيا للتراجع عن تحركها العسكري المرتقب في سورية، مؤكدا ً أن الانفجار موجع ولا أحد ينكر ذلك، ولكن لقن تركيا درسا ً عن حالة الضعف الأمني البسيط الذي تعاني منه في الجبهة الداخلي، لذا يجب على تركيا أخذ درسها والمُضي قدمًا في تحقيق أهدافها تجاه سورية، لأن التقاعس عن تحقيق هذه الأهداف يعني أوجاع استراتيجية طويلة الأمد، لذا على تركيا ضم جراحها وعدم الرضوخ لمثل هذه الأحداث الممكنة حدوثها لأي دولة تسعى لتسطير خططها الاستراتيجية في المنطقة.

وأشار كوهين إلى أن تشديد الإجراءات الأمنية كفيل بحماية الجبهة الداخلية، وعقب تأمين الجبهة الداخلية جيدا ً، والتأكد من ذلك يمكن لتركيا بدأ التحرك العسكري المشترك مع بعض القوات الأخرى نحو سورية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!