جلال سلمي - خاص ترك برس

يُعرَف الفائض التجاري، في قاموس العلوم الاقتصادية، على أنه ظاهرة اقتصادية تظهر إذا حققت دولة ما كمية صادرات أكبر من كمية الواردات، وفي حال حدوث العكس، يُطلق على هذه الحالة مصطلح عجز تجاري.

وتسعى كل الدول حول العالم إلى تحقيق فائض تجاري في ميزانها التجاري، لتخفيف تبعيتها الاقتصادية وما ينتج عنها من انتقال لاحتياطها المادي إلى تلك الدول التي تتبع لها اقتصاديًا، وللعمل أيضًا على تحقيق احتياط مادي إيجابي يسفر عن نمو اقتصادي وتنمية شاملة.

وفي إطار حديثه عن الحساب الجاري، أي حساب الفائض أو العجز التجاري، أوضح الخبير الاقتصادي "دانيز غوكتشا" أن تركيا كانت على شفا إحداث فائض تجاري دائم في ميزانها التجاري، ولكن ثورات الربيع العربي حالت دون ذلك، وفاقمت العجز التجاري الذي كانت تركيا تعاني منه أصلًا وتحاول جاهدةً التخلص منه بكافة السبل.

وأفاد غوكتشا، في مقاله بصحيفة أقشام "الميزان التجاري لتركيا"، بأنه لم يصدر بعد التقييم الربع سنوي لخط سير الاقتصاد التركي، ولكن المؤشرات الحالية تؤكد أن اتجاه سير الاقتصاد التركي لم يبدأ بشكل إيجابي هذا العام، إذ انخفضت الصادرات التركية، في شهر كانون الثاني/ يناير، بنسبة 22%، حيث بلغت 9.6 مليار دولار، مبينًا أن انخفاض كمية الصادرات إلى ما دون العشرة مليار، هو الأول من نوعه منذ عشر سنوات، وقد بلغت كمية الصادرات لنفس الشهر في العام الماضي 12.3 مليار دولار، ولكنها سجلت هذا العام انخفاضًا بقيمة 3 مليار تقريبًا.

وعلى صعيد الواردات، بيّن غوكتشا أن الواردات أنها سجلت انخفاضًا ملحوظًا في شهر يناير بنسبة 19%، حين وصلت قيمتها إلى 13.4 مليار دولار، منوّهًا إلى أن ارتفاع حجم الصادرات وانخفاض حجم الواردات يعني الاتجاه نحو فائض تجاري إيجابي، ولكن تركيا سجلت مؤخرًا انخفاضًا كبيرًا في حجم الصادرات أكثر من حجم الواردات، وهذا يعني أنها تتجه نحو عجز تجاري وليس فائض، حيث أن حجم الواردات ما زال أكبر من حجم الصادرات كما أن هناك تدهور ملحوظ في حجم الصادرات.

وأضاف أن انخفاض صادرات تركيا كان لأسباب خارجة عن سيطرتها، منوّهًا إلى أن ثورات الربيع العربي أحدثت نكسة لقطاع الصادرات التركي، إلى جانب ذلك؛ فإن الخلاف السياسي بين تركيا وروسيا وإيران انعكس سلبًا كذلك على حجم الصادرات التركية المتجهة لأسواقها.

وأكد غوكتشا أن الانكماش العام للسوق الدولية والانخفاض الملحوظ في أسعار النفط الذي يشكل مصدر الدخل الأساسي لبعض الدول، عاملان لا يمكن إغفال حجم تأثيرهما السلبي على قطاع الصادرات ليس فقط في تركيا، بل في كافة الدول الأخرى.

وفي سياق متصل، قالت الباحثة الاقتصادية "شلالة قاداك" إن التدهور الاقتصادي الذي شهدته تركيا في الآونة الأخيرة، ليس متعلقًا بها فقط، بل هو حالة عامة أصبحت تعاني منها كافة الدول الصناعية، مبررةً ذلك بالانكماش العام لخط سير الاقتصاد حول العالم.

جاء ذلك في مقال لها بصحيفة صباح بعنوان "نحو بدائل ديناميكية"، حيث أشارت الباحثة إلى أن تركيا تأثرت سياسيًا واقتصاديًا، بالأحداث الجارية في المناطق المحيطة بها، ولا أحد يمكنه إنكار ذلك، ولكن كما تحاول تركيا تجنب الخسائر السياسية، فإنها تحاول أن تتلافي الخسائر الاقتصادية أيضًا، والتي تكبدتها من جراء حالة عدم الاستقرار العامة التي أصابت الدول المجاورة لها.

وأكدت قاداك أن تركيا تسعى في الآونة الأخيرة، لتغيير مسارها الاقتصادي بشكل جذري، حيث تحاول إيجاد أسواق بديلة صادراتها، مبينةً أن تركيا وضعت نصب عينيها منطقة أمريكا الجنوبية وأفريقيا، كمناطق اقتصادية بديلة يمكن أن توفر سوقًا استهلاكيًا لسلعها التي تبحث عن أسواق جديدة.

وأشارت قاداك إلى أن منطقتي أمريكا الجنوبية وأفريقيا تعتمدان في اقتصادهما على المعادن والمواد الخام والزراعة، وتفتقران إلى المواد الصناعية الخفيفة والثقيلة، وهذا ما يمنح قطاع الصادرات التركية فرصة ذهبية لمد هذه السوق بما يلزمها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!