ترك برس

المنظمات الكردية المسلحة:

سعى الشعب الكردي، منذ الحرب العالمية الأولى، على الحصول على دولة مستقلة مشابهة لتلك الدول التي حصلت عليها كل قومية في الشرق الأوسط، ولكن لم يحالفه الحظ في تحقيق ما يرنو إليه، حيث لم يتمكن من التوسط لنفسه لدى المملكة المتحدة أو الجمهورية الفرنسية، الدولتان القويتان آنذاك، ولم يُشمل من قبل هذه الدول في اتفاقيتي سايكس بيكو وسان رينو، ليظل الشعب الوحيد الذي يحمل هوية دون وطن.

وزعت الدول الاستعمارية الشعب الكردي على تركيا وإيران والعراق وسورية، وجعلتهم بمثابة الأقلية الأكبر في الدول المذكورة. لم يقبل قادة الشعب الكردي بتقسيمة الاستعمار، وباشر النضال السياسي والعسكري للحصول على دولة كردية مستقلة، وكان أول من قاد حركة النضال الكردية مصطفى بارزاني وقاضي محمد اللذان تعود أصولهما إلى شمال العراق، حيث تقربا إيران، وحاولا إقناعهم بضرورة تأسيس دولة كردية، وسمحت لهم السلطات الإيرانية بإقامة دويلة كردية في مدينة مهاباد الواقعة في أقصى شمال غرب إيران، وذلك في الثاني والعشرين من كانون الثاني/ يناير 1946، ولكن على ما يبدو أن حلم تأسيس جمهورية كردية في مهاباد كان حلم يقظة، إذ لم تدم جمهورية مهاباد سوى 11 شهرًا، حيث قضت عليها السلطات الإيرانية الملكية بالكامل، عقب انسحاب الاتحاد السوفييتي من إيران.

وتُعد الحركة النضالية التي أطلقها مصطفى بارزاني مع قاضي محمد، أولى حركات تحقيق الحلم الكردي، أعقبها في عام 1974 تأسيس عبد الله أوجلان سرًا لمنظمة مماثلة، في تركيا، وأصبحت هذه المنظمة منظمة علنية تحمل اسم "حزب العمال الكردستاني "بي كيكي"، غداة انتقال أوجلان إلى سوريا عام 1984، وأصبحت المنظمة تمارس بعض الأعمال "الإرهابية" ضد الجيش والشعب التركيين.

هذا وفي عام 2003، تم تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سورية، من قبل صالح مسلم، وحزب الحياة الحرة الكردستاني في إيران، من قبل عبد الرحمن حاجي أحمدي.

حقوق المواطنين الأكراد:

وتعقيبًا على مسار أهداف وتحركات هذه المنظمات، يُشير الخبير الاستراتيجي "حسن أوزان" إلى أن العامل الأساسي في طفو مشكلة الأكراد وحقوقهم إلى السطح هي الخطط الاستعمارية، وهذا ما لا يمكن أن ينكره عاقل، موضحا ً أن معظم المواطنين الأكراد أصبحوا منتمون للدول التي يعيشون بها، ولا يمكن الاعتراف بالمنظمات الكردية التي تمارس الإرهاب الاجرامي، والتي تطالب بالانفصال، على أنها الممثل الشرعي للشعب الكردي الذي لا يقبل إطلاقا ً بما تقوم به هذه المنظمات من أعمال بشعة.

ويوضح الخبير، في دراسة أكاديمية بعنوان "القضية الكردية أسسها ومجرياتها"، منشور في مركز مقالات للدراسات الاستراتيجية، 11 أبريل 2013، أنه على خلاف الحال في الدول التي احتضنت الأكراد، اختلف الوضع في تركيا نوعا ً ما، حيث ضمنت كافة الدساتير حق المواطنة الكاملة للمواطنين الأكراد في تركيا، ومنحت الدولة المواطنين الأكراد كافة الفرص للعيش وتحقيق حياة اقتصادية كريمة، ولكن لا يمكن انكار حرمان الحكومات التركية السابقة المواطنين الأكراد من بعض الحقوق الثقافية، مثل التحدث باللغة الأم، تعلم اللغة الأم، ولكن لم يتم إقصائهم أو التنكيل بهم أو حرمانهم من حق الحياة الكريمة كما تم في الدول الأخرى.

وفي سياق متصل، تبيّن الباحثة السياسية "نهال كاراجا" أن جميع المنظمات الدولية الموضوعية تشهد لتركيا ضمان المساواة بين كافة مواطنيها بلا استثناء، وتقر بدفعات الحقوق المثالية التي تم تقديمها للمواطنين الأكراد في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية، منوّهة ً إلى أن الشعب الكردي عاش في عدة دول متفرقة، وأصبح ينتمي لثقافة ومجتمع هذه الدول، وبات معظم المواطنون الأكراد المقيمون في تركيا خاصة، يرون من تركيا وطنهم الأول الذي لا يريدون الانفصال عنه، وهذا ما تشير إليه أبحاث مؤسسة "أورك" للأبحاث، حيث أظهرت، في أبحاثها، أن 69 % من المواطنين الأكراد لا يريدون الانفصال عن تركيا.

وتؤكد كاراجا أنه لا يمكن لأي دولة من الدول التي تحتضن بعض المواطنين الأكراد بين أحشائها، وعلى رأسهم تركيا، القبول بانفصال مواطنيها الأكراد عنها بشكل نهائي وتأسيسهم دولة مستقلة، ليس لرفضها حقوق الأكراد، ولكن لكون الموضوع أصبح يتعلق بالسيادة التي تم الحصول عليها بناء ً على اتفاقيات دولية جمة، لا يمكن لتركيا التخلي عن مواطنيها الأكراد أو الأتراك أو غيرهم، مبينة ّ أن هنالك 69% من الأكراد يؤكدون وبكل ثقة أنهم ينتمون إلى تركيا، وليس إلى حزب العمال الكردستاني الشيوعي "الإرهابي" الذي يعمل بناء ً على أجندة الجهات الخارجية المعادية لتركيا ومصالحها، ولا يمكن لتركيا أن تخيب آمال هؤلاء المواطنين، من خلال توفير لهم الحماية والأمن وكافة فرص الحياة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!