ترك برس

انقطعت العلاقات الأوروبية التركية منذ عام 2004، واستمرت على حالة من الانقطاع حتى عام 2015، حين ظهرت أزمة اللاجئين التي أحدثت توترًا في العلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي الذي دخل في حالة تخبط.

وفي ظل التأزم الملحوظ الذي طرأ على الاتفاقيات المؤسسة للاتحاد الأوروبي، بعد قيام دول أوروبية بمخالفة أسس هذه الاتفاقيات، مثل إقامة السياج الحدودي وتعليق العمل باتفاقية "شنغين"، لجأ الاتحاد الأوروبي إلى تركيا لإنقاذه من هذه الأزمة، فعاد يلوح بنيّته إعادة عملية التفاوض مقابل التوصل إلى حل ممكن لأزمة اللاجئين.

وفي ظل استمرار المفاوضات بين الطرفين، يُشير الخبير في شؤون الاتحاد الأوروبي "غونغور مانجي" إلى أن مُجريات المفاوضات الأوروبية التركية بدأت بابتسامة واسعة رسمت الصورة العامة لكلا الطرفين، حيث تأملا معا ً الوصول إلى أهدافهم بواسطة هذه العملية، فالاتحاد الأوروبي رأى أنه سيعود للاستلقاء بكل أريحية، دون أن يقض اللاجئون مضجعه مرة أخرى، من خلال منع تركيا لتدفقهم إليه، أما تركيا فوجدت في ذلك فرصة ذهبية لإحراز تقدم إيجابي في قضية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي في إطار العضوية الكاملة، ولكن اليوم، وبعد مرور ثلاث شهور على تاريخ بدء المفاوضات، نرى أن الابتسامة الأوروبية تغيرت إلى ابتسامة صفراء تهديدية تلمح إلى تعليق المفاوضات في حال لم تُبدي تركيا تحركات جادة في عملية منع انتقال اللاجئين إلى أوروبا.

ويوضح مانجي، في إطار تقييمه لمجريات المفاوضات الجارية بين الطرفين، في مقاله بصحيفة وطن "أعصاب الاتحاد الأوروبي تخطت مرحلة الصبر"، أن الوجه التهديدي لأوروبا ظهر من خلال تصريح رئيس الوفد الدبلوماسي الأوروبي المفاوض رئيس البرلمان الأوروبي "دونالد تاسك"، بالأمس، 5 آذار/ مارس 2016، أمام وسائل الإعلام، بأنه إذا لم تتمكن تركيا من منع المهاجرين المتدفقين منها إلى اليونان حتى الأول من حزيران/ يونيو للعام الجاري، فإن الاتحاد الأوروبي سيوقف إجراءات رفع التأشيرة عن انتقال المواطنين الأتراك إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وعلى صعيد متصل، يبيّن أستاذ العلاقات الدولية "عاكف أوزار"، أن الاتحاد الأوروبي قدم لتركيا إلى الآن 400 مليون يورو من الثلاث مليارات التي أعلن نيّته تقديمها لها، مشيرًا إلى أن تراخي الاتحاد الأوروبي في إبداء نية جادة لحل الأزمة كان هو سبب تعثّر المفاوضات، فهو لم يلتزم بما تم الاتفاق عليه مع تركيا ممّا جرّها نحو التردد في تنفيذ المتفق عليه، موضحًا أن مصادر مطلعة أكّدت أن البرلمان الأوروبي رفض الموافقة على تقديم 3 مليارات يورو إلى الاتحاد الأوروبي، واكتفى بتقديم 95 مليون يورو فقط، الأمر الذي دفع تركيا إلى التوجس والوقوع في الحيرة من أمرها، حول تنفيذ الاتفاقيات أو التريث ريثما يُبدي الاتحاد الأوروبي نية صادقة في التوصل إلى اتفاق.

ويردف أوزار منوّها ً إلى أن حلول مسار سلبي على مجريات المفاوضات الجارية بين الطرفين، لم يكن سببه احتجاج الاتحاد الأوروبي على خمول تركيا في التحرك نحو إيقاف عملية الهجرة الغير شرعية بشكل كامل، بل أن تراخي الاتحاد الأوروبي في إبداء نية جادة في حل الأزمة، من خلال عدم التزامه بما تم الاتفاق عليه مع تركيا، دفع الأخيرة إلى القلق، وبالتالي جعلها تنجر نحو التردد في تنفيذ المتفق عليه، موضحا ً أن مصادر مطلعة أكّدت أن برلمان الاتحاد الأوروبي رفض الموافقة على تقديم 3 مليار يورو إلى الاتحاد الأوروبي، واكتفى بتقديم 95 مليون يورو فقط، الأمر الذي دفع تركيا إلى التوجس والوقوع في الحيرة من أمرها، حول تنفيذ الاتفاقيات أو التريث ريثما يُبدي الاتحاد الأوروبي النية الصادقة في التوصل إلى نقاط مؤكدة في إمكانية تقديم مقابل لتركيا في حين أحكمت عملية تدفق اللاجئين.

وفي إطار تعقيبه على المفاوضات عبر مقاله المدرج تحت عنوان "تركيا وإمكانية الحصول على عضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي"، والمنشور عبر الصفحة الإلكترونية لكلية العلاقات الدولية التابعة لجامعة غازي، يُؤكد أوزار أن تريث تركيا يسبب حالة غضب لدى الاتحاد الأوروبي الذي اتجه بدوره نحو إجراء بعض التصريحات الدبلوماسية التهديدية، منوّها ً إلى أنه في حين تم تتبع السبب الرئيس لحالة التوتر التي طرأت على سطح المفاوضات الجارية بين الطرفين مؤخرا ً، في إطار العلاقة المنطقية السبب ـ النتيجة، يظهر أن الاتحاد الأوروبي هو السبب الرئيس في إشحان مجريات المفاوضات سلبا ً، وفي حين لم يُبدي الاتحاد الأوروبي نية صادقة وعزيمة أكيدة لحل الأزمة فإن مجريات المفاوضات ستظل على حالها في الانزلاق نحو السلبية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!