جلال سلمي - خاص ترك برس

بدأ الأسبوع الجديد، يبدأ الأسبوع في تركيا يوم الاثنين، في أنقرة، على وقع من الألم والحزن والقلق والغضب. أحاسيس سلبية رُدت إلى الانفجار الإرهابي الذي استهدف أنقرة، وأسفر عن 37 قتيلًا و125 جريحًا.

مسرحية مأساوية حاول الإرهاب تشكيلها بشكل واقعي، وعلى حساب أكبر عددِ ممكن من القتلى والجرحى، للحصول على كمية مشاهدة عالية لا تُذهب أهدافه في خلق الرعب والذعر والضغط على الحكومة سُدى. ولا بد من الاعتراف أن التفجير الإرهابي لم يذهب صرخة في واد، بل شكل عنصر نجاح للإرهاب لتحقيق الأهداف التي سعى إليها من خلال هذا المشهد.

شملت المسرحية المأساوية 37 شخصًا مثلوا دور القتيل و125 شخصًا لعبوا دور الجريح، ولكنها أدوار حقيقية تبعد عن المكياج والخدع السينمائية. أدوار تُفرض على الإنسان حتى ولو رفضها أو تجنبها، حيث أنها مسرحية واقعية مغلفة بعنصر المفاجأة، ويقع الاختيار على ممثليها بناء ً على قدرتهم الإبداعية لإحداث صدى إعلامي، فكلما ارتفع مستواهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بات الصدى الإعلامي الذي يمكن أن يحدثوه للمسرحية أكبر وأوسع، ولكن يمكن للمواطنين العاديين أيضًا أن يصبحوا أبطال عظماء ويحدثوا صدى إعلامي ضخم، في حين تواجدوا في نقطة ذات أهمية عالية، تعود عليهم بالأهمية والمحورية.

يلتمس الإرهاب السياسي، بشكل عام، صنع الأحداث الإرهابية الأجدر في إحداث صدى إعلامي واسع وشامل يكفل لها الدعاية السياسية المطلوبة التي عادة ما تهدف إلى نشر الرعب وتشكيل أداة ضغط على الحكومة لاضطرارها لتنفيذ بعض الخطوات التي تخدم مصالحه، هكذا هي آلية تفكير الإرهاب.

وعند النظر إلى الانفجار الإرهابي الذي أصاب أنقرة الأحد الماضي، 16 آذار/ مارس 2016، نلامس بصمات الإرهابيين في اختيار مكان وكتلة بشرية واسعة، حيث أراد الإرهابيون من خلالهما إحداث ضجة إعلامية عارمة تضر بالأمن التركي ومصالح تركيا على الصعيدين الداخلي والخارجي.

تهويل وسائل الإعلام للأحداث المأساوية هو من أكثر الهوايات المرغوبة لدى المنظمات الإرهابية، إذ تعلم جيدًا أن الأحداث المأساوية تجذب لها كمية كبيرة من المتابعين، ومعيار نجاح الإرهاب في كسب خدمة وسائل الإعلام لتهويل حدثه ومتابعاته، مرهون بنوعية الهدف ومستواه، واستهداف الإرهابيون لأكبر ميادين أنقرة، وسط عدد ضخم من المدنيين، يعني أن الإرهاب نجح في كسب خدمات وسائل الإعلام الترويجية.

من خلال الطرح أعلاه، يمكن استيعاب نوعية العلاقة الرابطة بين الإرهاب والإعلام، فالإرهاب من غير إعلام لا يصل إلى تحقيق ما يشاء، ولكي يجبر الإرهاب الإعلام على توجيه كاميراته نحوه لأطول فترة زمنية ممكنة، كما أسلفنا، يحاول اختيار الأهداف والأماكن النوعية.

الحكومة التركية وغيرها من الحكومات قادرة على كبح العمليات الإرهابية من خلال متابعة الأهداف التي يمكن أن يقع عليها الاختيار من قبل الإرهاب، لإحداث صخب إعلامي، بشكل حازم، ولا بد من الإشارة إلى أن حماية هذه الأماكن مرهونة بإجراءات أمنية عالية المستوى تشمل الوصول إلى حالة الطوارئ، إذا استدعت الحاجة.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس