أفق أولوطاش – صحيفة اكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

مع استمرار الصمت النسبي على الجرائم المتزايدة التي يقوم بها نظام الأسد بالتعاون مع الطائرات الروسية، تعيش حلب هذه الأيام محرقة حقيقية باستهداف قوى الاجرام كل ما هو حي وإنساني فيها، وباتفاق التهدئة التي أبرمتها الولايات المتحدة مع روسيا والأسد في اللاذقية والشام تم ترك حلب وأهلها تحت رحمة الإجرام الروسي والنُصيري. وباستمرار استهداف الأسد للمدنيين يهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف: 1) جعل الحياة مستحيلة باستهداف البنى التحتية من مدارس ومستشفيات وغيرها من المرافق 2) عمل على رفع مستوى سخط الشعب على قوى المعارضة باستهداف الناس في أرواحهم وأملاكهم 3) معاقبة كل مؤيدي المعارضة وتغيير التركيبة السياسية والديمغرافية في مناطقهم في إطار الحرب الطائفية بدفع الناس نحو الهجرة وترك بيوتهم.

يهدف الأسد في أعماله الوحشية التي لا تعرف للأخلاق والقيم الأخلاقية أي مكان إلى زيادة أعداد المهاجرين والنازحين وذلك لـ 1) محاولة ضبط الإيقاع الاجتماعي وجعله متجانس ومنسجم مع أصوات مؤيديه 2) الضغط على الدول المجاورة والدول الأوروبية عبر مسألة اللاجئين، وهو ما نجح فيه بالفعل عندما اضطرت أوروبا إلى تذكر الأزمة السورية بعد تفاقم التهديدات حسب روايتها جراء أزمة اللاجئين، فأصبحت تركض يمنة ويسرة من أجل إيقاف تدفق اللاجئين لا لإيقاف الحرب أو الأزمة.

ما هي أهمية حلب؟

تعد مدينة حلب مركز ثقل للمعارضة السورية، كما تُعد عاصمة اقتصادية وسياسية ومركز كثافة سكاني تنافس فيه دمشق. ومع التوسع الذي تحرك به كل من حزب الاتحاد الديمقراطي وتنظيم داعش من عفرين إلى عين العرب ومن الفرات إلى أعزاز فإن الخط والشريان الوحيد الواصل بين المعارضة وتركيا تم قطعه، وزادت الأزمة وأُحكِم الحصار بتوغل قوات الأسد مدعومة بالقوات الروسية والشيعية حول المدينة باتجاه قريتي نبل والزهراء الشيعيتين لفك حصارهما، ومع استمرار توسع الأسد تم إحكام الإغلاق على مدينة حلب.

تنبع أهمية حلب من ثقلها الاستراتيجي والسياسي واللوجستي لمدينة إدلب التي سيطرت عليها المعارضة وأكملت سيطرتها مؤخرا، فإسقاط المدينة سيشكل ضربة قوية للمعارضة ستؤثر على معنوياتهم وتُرجح كفة ميزان الأسد في حسابات إدلب والهندسة الديمغرافية التي يعمل عليها. وتزيد صعوبة المهمة بوجود جبهة مفتوحة مع حزب العمال الكردستاني في شيخ مقصود، وجبهة أخرى مع داعش في الشمال. كما وتتعقد الحسابات بتخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن المعارضة باتفاقها المُبرم مع روسيا الذي تناول حصرا قضية اللاجئين وعدم رفع اعدادهم فقط دون أي اعتبار لأي أمر آخر، وتستمر الأمم المتحدة في نفس الوقت بلعب دور المتفرج الذي لا يعنيه من الأمر شيئا. ومع استمرار تفتت المعارضة وظهور ضعفها، يُطرح في النهاية سيناريو استمرار الثورة من دون حلب.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس