محمد حامد - خاص ترك برس

كغيرها من وسائل الإعلام العربية والدولية اهتمت الصحف الإسرائيلية بإعلان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو تنحيه عن منصبه رئيسا لحزب العدالة والتنمية، ورأى بعضها أن هذه الاستقالة ستجعل تركيا أقل انفتاحا على الغرب الذي يقلقه تطبيق اتفاق اللاجئين، وأشارت صحف أخرى إلى أن الاستقالة لن تؤثر على مكانة أردوغان وقوته أو تحدث تمردا داخل صفوف الحزب، لكن تعليقات الصحف الإسرائيلية أجمعت على أن السبب الرئيس وراء استقالة أوغلو ترجع إلى رفضه تغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي.

صحيفة يديعوت أحرونوت لم تخف شماتتها باستقالة أوغلو فعنونت "مسلمون يتخذون مواقف متطرفة بسبب إسرائيل". وكتبت الصحيفة أن استقالة أوغلو تعد نهاية حزينة لعلاقة وثيقة بين الرجلين الذين قادا تركيا لسنوات، وأدارا حملة دبلوماسية عنيفة ضد إسرائيل.

واستعرضت الصحيفة في تقرير موسع مواقف أوغلو المعادية لإسرائيل منذ أن كان وزيرا للخارجية، فقد دأب داود أوغلو على مدى سنوات على مهاجمة إسرائيل، وزادت حدة تصريحاته ضدها منذ حادثة الاعتداء على السفينة مرمرة، وأعلن اتخاذ إجراءات عقابية ضد إسرائيل، وقال حان الوقت لكي تدفع إسرائيل الثمن على ما تفعله، وتكف عن اعتبار نفسها فوق القانون.

وفي عام 2012 وفي ذروة الهجوم على قطاع غزة، وصل أوغلو إلى القطاع ضمن وفد الجامعة العربية للتعبير عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني، وعندما زار مستشفى الشفاء انفجر في البكاء بسبب المشاهد المروعة. وفي العام نفسه رافق أوغلو الرئيس الفلسطيني أبو مازن إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل الاعتراف بفلسطين دولة مستقلة . وفي العام الماضي وصف داود أوغلو رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بأنه لا يقل عن الإرهابيين الذين نفذوا نذبحة شارل إبدو في باريس.

وبعيدا عن الشماته وفي تعليق كتبه للصحيفة نفسها، رأى الدكتور نمرود جورن رئيس المعهد الإسرائيلي للسياسات الإقليمية أن الإجراء الذي أقدم عليها أردوغان بتغيير داود أوغلو يعد خطوة أخرى في تغيير قواعد اللعبة السياسية في تركيا، حيث يطمح أردوغان في تغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، وهو ما صار أمرا واقعا بعد تنحي داود أوغلو.

وكتب نمرود أن استقالة داود أوغلو تؤشر إلى نهاية مرحلة في السياسة الخارجية التركية سعى خلالها داود أوغلو إلى تطبيق النموذج الذي طوره في كتاباته، حيث أبعد السياسة الخارجية التركية عن طابعها المحافظ الحذر الذي اتسمت به طيلة عقدين، ووجهها إلى نهج استباقي طموح.

وأشار الكاتب إلى أنه لم ينشب بين أردوغان وداود أوغلو خلافات فكرية أو سياسية من حيث المبدأ دفعت الأخير إلى الاستقالة، لكن بوادر الخلافات بينهما بدأت قبل عام، ودارت حول سعي داود أوغلو لإعطاء دور لمنصب رئيس الوزراء، سواء في محاولته الفاشلة لضم رئيس المخابرات السابق هاكان فيدان إلى البرلمان، أو دوره الناجح في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.

وختم نمرود تعليقه بأن من مفاراقات القدر أن الغرب الذي كان ينظر إلى داود أوغلو عندما كان وزيرا للخارجية على أنه يعمل على إبعاد تركيا عن سياستها التقليدية الموالية للغرب،  صار يكيل له المديح الآن بعد استقالته.

وفي الاتجاه نفسه كتب جاي إلستر في موقع والا الإخباري متحدثا عن الخلافات بين أردوغان وداود أوغلو، وقال إن الأكاديمي السابق داود أوغلو كان يأمل في أن يطور لنفسه موقعا خاصا في السلطة، لكن ذلك كان مقامرة أدت إلى تنحيته في ظل وجود الرئيس الحالم بأن يصير سلطانا.

وأضاف المحلل الإسرائيلي أن أوغلو لم يسارع إلى تبني خطة أردوغان لتغيير النظام السياسي في الدولة من برلماني إلى رئاسي، ورفض تصريحات رئيس البرلمان بأن الدستور يجب أن يقوم على أساس ديني وأوضح أن المبادئ العلمانية ستبقى في الدستور، كما أن خلافا نشب بين الاثنين حول عودة المفاوضات مع الأكراد بهدف إنهاء الصراع المسلح الذي استؤنف في الصيف الماضي.

أما القشة التي قصمت ظهر البعير فكانت، بحسب الكاتب، الاتفاق الذي وقع في آذار/ مارس الماضي بين تركيا والاتحاد الأوروبي بهدف وقف تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا عبر تركيا، فقد كان داود أوغلو مصمما على تمرير الاتفاق لتحسين صورة تركيا في الغرب، بينما كان أردوغان أكثر تشككا، ويرغب في فرض شروط تركيا على الغرب.

أما موقع إن آر جي فتساءل عن انعكاسات استقالة أوغلو على السياسة الخارجية التركية. وكتب إن أردوغان يعد أقل ترحيبا وانفتاحا على الغرب، ويحمل أفكارا أكثر تشددا وصقورية تجاه الغرب من داود أوغلو. وقد أثارت تصريحاته الأخيرة قلق الاتحاد الأوروبي من الطريقة التي ستدار بها العلاقات مع أنقرة، وتطبيق اتفاق اللاجئين.

وفي صحيفة هآرتس تحدث الدكتور تسفي برئيل محلل شؤون الشرق الأوسط عن الخلافات بين أردوغان وداود أوغلو، ورأى أن أوغلو الأستاذ الشهير في العلوم السياسيه وصاحب استراتيجية صفر مشاكل مع الجيران، لم يسبه سحر الزعيم أردوغان، فعارض طموحه لتغيير نظام الحكم في تركيا إلى النظام الرئاسي على الطريقة الأمريكية، كما أظهر فتورا تجاه فكرة أردوغان لتعديل الدستور.

ولفت برئيل إلى أن غياب داود أوغلو لا يتوقع أن يكون له تأثير على مكانة أردوغان وقوته، أو إحداث تمرد في صفوف حزب العدالة والتنمية، ذلك أنه ليس بمقدور خصومه السياسيين في هذا الوقت إيقاف حملته لتغيير الدستور أو طرح بديل لرئاسته التي ستستمر خمس سنوات أخرى على الأقل.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!