سيفيل نوريفا – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

مع توالي الاحداث وتسارعها بدأت المواقف الأوروبية الممتعضة من روسيا تخف شيئا فشيئا، وكان آخرها ما قامت به كل من ألمانيا وفرنسا عندما رفعت كل منهما الحواجز مع روسيا، ليعود من بعدها مجرى المياه مع الأخير كما كان في سابق عهده، فاستفادت روسيا من ذلك وانتعشت اقتصاديا، لكن وجع الراس الذي لازمها من بعض الأماكن النائية فيها مثل الكرم كان وما زال مستمرا ويشكل لها نقطة سوداء تحتاج محوها والتخلص منها، وفي هذا يجب أن نعلم أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية كان قد نسي أمر احتلال القرم وتغاضى عنه، فكيف ذلك؟

دعمت أمريكا الاحتلال الروسي لجورجيا والقرم بسكوتها عنهم، في المقابل نجحت وفسخت كل الصلات التي تجمع روسيا بأكرانيا كما كانت تريد. يعتبر القرم حملا ثقيلا يتعب الدب الروسي، ولهذا فقد عمل جاهدا على اخضاعه، واستخدم من أجل ذلك كل ما هو متاح من مال وغيره، لكن دون أي جدوى. في المقابل فإن روسيا وإعلامها يرى أن مسبب مشكلة القرم هم الأتراك والدولة التركية، ويعمل جاهدا كل يوم في تعبئة الشارع عليهم. فلماذا تترك روسيا خصمها اللدود أمريكا ولا تنقده وتتمسك في المقابل بتركيا لتهاجمها بدلا عن الأول؟

تحتاج روسيا في هذه المرحلة أن تختار حليفها وعدوها حسب الإمكانيات والأهداف المرسومة، ومن أجل ذلك فقد اختارت أن تعادي تركيا في إطار استراتيجيتها التي تعتمد على حزب العمال الكردستاني في سوريا، كما كانت تركيا شماعتها أمام شعبها في تبرير الانحدار والفشل الاقتصادي المستمر، وتعمل روسيا أيضا في استراتيجية إنهاء كل المخاطر المتجهة إليها في أراضي الغير قبل أن تصل المناطق الروسية.

تعمل روسيا على تفعيل الدور السياسي في وسط آسيا والقوقاز والتي ترى فيها المفتاح من أجل استباق المخاطر المحتملة، فهي باتت تتحرك في وسط آسيا بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الأمريكية. في نفس الوقت كانت العلاقات التركية الروسية تأخذ مجرى آخر بانهيارها المستمر، فقد كانت روسيا هي من صممت وأسست القواعد العامة لحزب العمال الكردستاني في سوريا.

تظهر التحركات الروسية المدعومة أمريكيا في سوريا وكأنها نجاحات روسية بحته، لتكون هذه النتائج أول مخرجات استراتيجيتها الجديدة المعتمدة على اخذ أدوار أوسع في المحور السياسي. وفي مواجهة ذلك يجلب علينا ان نعيد تقييم الصورة لنخرج بقراءة واستراتيجية مناسبة مع هذه التغيرات والتطورات في الساحة المحلية والعالمة.

عن الكاتب

سيفيل نوريفا

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس