ترك برس

أفاد الباحث في الشأن التركي العراقي "تشاتينار تشاتين" بأن داعش شكلت صدمة صاعقة للمحللين السياسيين والقادة الميدانيين العسكريين جميعهم، ففي الوقت الذي كان  ينتظر فيه الجميع اتباعها أسلوب الدفاع التحصيني ضد القوات الساعية لتحرير الموصل، تفاجؤوا بأنها تتبع الأسلوب الهجومي من خلال نقلها لوقائع المعركة من الموصل إلى كركوك.

وأضاف في دراسته المنشورة عبر الموقع الإلكتروني لمركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية "أورسام" أن كافة القوات المشاركة على قناعة بأن تحرير الموصل بات قاب قوسين أو أدنى، ولكن لم يحدد أحد الموعد المتوقع لذلك التحرير سوى القادة الأكراد الميدانيين الذين اكشتفوا أن العملية يمكن أن تستغرق ستة شهور.

ويتوقع الكثير من الخبراء أن تحرير الموصل لا يعني تبديد داعش بشكل كامل، لأن ثلة كبيرة من قادتها وجنودها انتقلوا إلى سوريا، مما ينذر بأن المعركة الكبرى ستكون على الأراضي السورية وليس العراقية.

وكانت الاستخبارات العراقية قد أفادت أن ألفين و300 عنصرا من داعش انتقلوا من الموصل إلى سوريا منذ ثلاثة أسابيع.

ومن جهته، رأى تشاتين أن هذا التكتيك يُشير إلى أن داعش ترمي إلى تطبيق أسلوب حرب الشوارع والعصابات في الدفاع عن الموصل، للحفاظ على قوتها من دون استنزاف وإطالة عمر الحرب لأكبر وقت ممكن، وينبثق عن ذلك احتمال أكيد لاستخدام داعش المدنيين كدروع بشرية أمام الضربات الجوية والمدفعية لقوات التحالف والقوات العراقية وقوات البشمركة.

وأشار تشاتين إلى أن المدنيين لن يكونوا عرضة لجرائم داعش فقط، إنما من الممكن أن يكونوا عرضة لجرائم الحشد الشعبي المشبع بالطائفية أيضا، مبيناً أن الإجراءات التي ستقوم بها الحكومة المركزية عقب تحرير الموصل هي التي ستحدد مصير المواطنين السنة هناك، فإن اتبعت الحكومة موقفا صارما ضد الحشد الشعبي لعدم دخوله إلى مركز المدينة، فذلك سينجي المدنيين من تلك الجرائم، ولكن إن تخاذلت فهذا سيصيب المدنيين بخسائر بشرية ومادية ضخمة.

وأوضح تشاتين أن تلعفر وسنجار وبعض المناطق المترامية في الموصل تحتضن عددا كبيرا من المواطنين التركمان السنة، منوّهاً إلى أن تركيا بدأت الآن تلوح بردها الصارم في حين تعرض هؤلاء المواطنون لأي ضرر. وللضغط الدبلوماسي والعسكري التركي الأثر الأكبر في دفع الحكومة العراقية لاتخاذ إجراءات وقائية ضد جرائم الحشد الشعبي.

ووفقاً لما توضحه الدراسة، فإن من صالح تركيا المحافظة على المواطنين السنة العرب والتركمان في الموصل، لللإبقاء على القاعدة الشعبية الرافضة لتمدد قوات حزب العمال الكردستاني "الإرهابي" داخل الأراضي العراقية، فاستبدال هذه القاعدة بقاعدة شيعية أو كردية سيشكل حاضنة شعبية واسعة لقوات العمال الكردستاني، لذا تحاول تركيا كبح ذلك التوجه قبل تحوله لأمر واقع.

واقترح تشاتين في دراسته توجيه تركيا دعمها اللوجستي والعسكري نحو منطقتي حمام العليل والشورة، مستنداً في ذلك إلى المقاومة الأبية التي أبرزتها هاتان المنطقتان إبان الاحتلال الأمريكي للعراق، مشيراً إلى أن توجيه تركيا لهذه المناطق يمكن أن يكون ضد قوات العمال الكردستاني والحشد الشعبي وليس ضد القوات العراقية والبشمركة بطبيعة الحال.

وأردف تشاتين مشيراً إلى أن هاتين المنطقتين تحتضنان عشائر قوية تقطن في العراق وسوريا مثل عشيرة الجحيش والشمر والجربا، حيث يمكن لتركيا تقديم الدعم لهذه العشائر التي لطالما رفضت أي سيطرة كردية أو طائفية على المناطق التي تقطنها، وبذلك تضمن تركيا عدم حدوث أي تغيير تركيبي في مكونات المدينة.

تقع تلعفر في بداية الطريق الواصلة العراق بسوريا، الأمر الذي يكسبها أهمية استراتيجية عالية تجعل القوات الساعية لتحرير الموصل تستميت من أجل السيطرة عليها على حد ما يوضحه تشاتين الذي أكد أن لتطبيق تركيا سياسة الدعم للتركمان سيجعلها عنصرا فاعلا دون الحاجة إلى المشاركة في عملية تحرير الموصل، موضحاً أن آليات إيصال الدعم وتنظيمه وتوجيهه تحتاج إلى جهود دبلوماسية وعسكرية حثيثة تقوم بها تركيا من خلال تنسيق جهودها مع الدول الفاعلة وعبر جهاز استخباراتها.

وأكّد تشاتين أن العائق الأساسي أمام تركيا هو الممر الإيراني، موضحاً أن إيران تركّز على دفع الحشد الشعبي نحو تلعفر ومحيطه كونه يمثل لها موقع استراتيجي لمد طرقها التجارية وخطوطها الناقلة للغاز المسار نحو سوريا ومنها إلى أوروبا.

وكشف تشاتين عن أن إيران قد تتخلى عن كافة بلدات الموصل باستثناء تلعفر وسنجار كونهما ودهوك وسوران حلقة الوصل بين إيران وسوريا، مشيراً إلى أن الحرب بين تركيا ووكلاء إيران ستطرأ على أشراف تلعفر التي لا تبعد عن كثيراً عن المخيم التدريبي الذي تتمركز به القوات التركية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!