ترك برس

صرح الدبلوماسي الإسرائيلي السابق رئيس مركز القدس للشؤون العامة دوري غولد بأن القلق التركي تجاه الموصل طبيعي لأنها كانت جزءًا من الإمبراطورية العثمانية وتصل اليوم بين تركيا والدول العربية.

وأكّد غولد أن التمدد الإيراني لا يشكل خطرًا على إسرائيل فقط، بل يشكل خطرًا كبيرًا على تركيا أيضًا، موضحًا أن بغداد بنت موقفها المعارض لتركيا بناءً على ضغط من طهران التي "تنشط في المنطقة من خلال حزب الله وحماس".

وقد لعب غولد دورًا أساسيًا في إعادة تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية عشية تدهورها جراء الاعتراض الإسرائيلي لسفينة مرمرة التركية التي كانت في طريقها إلى قطاع غزة، كما كان العقل الأساسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمدة طويلة، وبعد خدمته للدبلوماسية الإسرائيلية لما يقارب 25 عامًا أصبح يطلق عليه لقب "الصندوق الأسود" للسياسة الخارجية الإسرائيلية.

وشكّل تقديم غولد استقالته الشهر الماضي مفاجأة كبيرة لإسرائيل والدول الإقليمية، مبررًا ذلك بأسباب شخصية فرضت عليه الاستقالة في لقاء هاتفي مع صحيفة خبر ترك التي أعادت سؤاله عن الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء تقديمه للاستقالة، وأفاد غولد بأنه يعيش في إطار مسؤوليات عائلية ووطنية وأن المسؤوليات العائلية الخاصة به طغت على المسؤوليات الوطنية واضطرته للاستقالة.

وردًا على سؤال خبر ترك له عن سبب عدم استبدال تركيا وإسرائيل سفيريهما بعد اتفاق الشهر الماضي مباشرة، أوضح غولد أن السبب غير متعلق بتعثر المصالحة بين الطرفين، بل الأمر متعلق بتقديمه للاستقالة، مضيفًا أنه كان يرأس لجنة تعيين وتبادل السفراء، واضطر للاستقالة معطلًا بذلك عمل اللجنة التي اجتمعت في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر لاختيار رئيس جديد.

واستوضحت خبر ترك عن مستوى ردة الفعل الإسرائيلية المستنكرة لمحاولة انقلاب 15 تموز/ يوليو الفاشلة، ليجيب غولد على ذلك بالإشارة إلى أن إسرائيل أبدت ردة فعل دبلوماسية إيجابية، مشيرًا إلى أنه لا ينبغي انتظار ردة الفعل على مستوى عالٍ، ففي نهاية المطاف ما حدث في تركيا هو أمر داخلي لا يمكن لإسرائيل التدخل به.

وتحفظ غولد على الإجابة عن التنازلات التي قدمتها الدولتان لبعضهما، موضحًا أن وجود اتفاقية مناسبة لكلا الطرفين يغنيهما عن الحديث عن التنازلات، ولا شك أن الطرفين قدما تنازلات ليتم الاتفاق، فالطرفان تجمعهما الكثير من المصالح المشتركة، والمهم هو النظر نحو الأمام وليس الخلف.

وحول تساؤل الصحيفة عن مدى تغيُّر السياسة التركية حيال حماس، رأى غولد أن "حماس فرع للإخوان المسلمين في فلسطين، وقد فتح حكم الإخوان المسلمين الوجيز في مصر فرصة واسعة لتطوير قوتهم السياسية والعسكرية ولكن عقب الانقلاب عادت لتقوية علاقاتها مع إيران"، موضحًا أن "حماس تؤكّد بذلك أنها تتمتع ببعض البراغماتية، فقد كتبت في كتابي الذي سطرته عام 2003 أن السعودية المصدر الأساسي لحماس، ولكن الآن لا تأخذ أي دينار من السعودية، بل جل دعمها قادم من إيران مثل حزب الله بالضبط، وتعاملها مع كافة الدول دليل قاطع على البراغماتية، لذا أنصح الحكومة التركية التي لم تظهر تغييرًا في سياستها حيال حماس بالحذر منها وتخفيف نشاطها داخل تركيا".

وفي معرض إجابته على احتمالية ارتكاب إسرائيل خطأً في مهاجمة مافي مرمرة، نوّه غولد إلى أن إسرائيل في تلك الفترة كانت قلقة جدًا من السفن التي تنقل السلاح الإيراني لحماس، وتزامن قدوم سفينة مرمرة مع وصول هذا القلق إلى أوجه، مضيفاً أن "المواطنين الأتراك الذين ركبوا السفينة انطلقوا من منطلق حرمان أهل غزة من الطعام والشراب، وهذا السبب الرئيس في تدهور العلاقات التركية الإسرائيلية، حيث انطلق قسم معين من تركيا بدوافع عاطفية غير مستندة إلى معلومات صحيحة."

"إن كانت المعلومات التي انطلقت على إثرها جماعة معينة من الشعب التركي خاطئة، هل كان ذلك يستدعي هذا الهجوم الشرس الذي أودى بحياة 9 مواطنين أتراك؟"، هكذا تساءلت الصحيفة الذي طلبت منه الرد بإجابة "منطقية" على سؤالها، ليرد غولد بالقول: "لا أريد أن أعود إلى الماضي، فنحن اعتذرنا ودفعنا التعويضات، ولكن عليكم توجيه هذا السؤال إلى جمعية ال"إي ها ها" التي حركت القافلة بناءً على معلومات خاطئة."

وفيما يتعلق بقضية الموصل، أوضح غولد أن عملية الموصل تشارك بها عدة قوى خارجية، وعلى الرغم من الحساسية الشديدة التي تشكلها العملية بالنسبة لتركيا، إلا أن بغداد التي تتحرك وفقًا "لتعليمات إيرانية" تسمح لجميع القوى بالتدخل باستثناء تركيا، مضيفًا أن تل أبيب تتفهم حساسية أنقرة حيال الموصل.

وأضاف أن تل أبيب تدعم أيضًا الموقف الإنساني التركي حيال قتل المليشيات الشيعية للمواطنين السنة، مشيرًا إلى أن وجود قاسم سليماني الذي تصنفه الولايات المتحدة على أنه إرهابي أكبر دليل على التحرك الإيراني المستفحل داخل العراق، ومن حق تركيا الطبيعي أن تظهر الحساسية إزاء التدخل الإيراني "المذهبي".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!