حسين يايمان – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

بدأ رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو حملته الانتخابية فعليا يوم أمس في مدينة قيصري. هذه الزيارة المليئة بالرموز والشعارات كانت تحمل في طياتها أسرار سياسة المرحلة الجديدة، وكما تعلمون أنّ داود أوغلو يتحدث دوما في خطاباته بلغة الاستعارة والرموز.

زيارة داود أوغلو جعلت الناس تخرج عبر نوافذ منازلهم، وجعلت الشوارع مزدحمة عن بكرة أبيها، لكونها الزيارة الأولى لداود أوغلو لمدينتهم كرئيس للوزراء، والذي بدأ زيارته بقراءة الفاتحة عند ضريح "سيد برهان الدين".

هذا الرجل، "سيد برهان الدين"، كان أحد أساتذة مولانا جلال الدين الرومي، وكان –كما ذكر داود أوغلو- أحد المساهمين في نشر الدعوة الإسلامية في بلاد الأناضول خلال القرن الحادي عشر، وكان يشكل رمزا للحياة والنشاط والحيوية.

هذه الزيارة كانت هامة بالنسبة لداود أوغلو، وخطوته الأولى في هذه الزيارة المتمثلة بالدعاء عند ضريح سيد برهان الدين له دلالات هامة، فقيصري هي قلعة حزب العدالة والتنمية، والخطاب في الجماهير المكتظة هناك يجب أن يبتعد عن التحليل السياسي والمواقف السياسية.

اتجاهان سياسيان لداود أوغلو

تشكل مدينة قيصري اليوم، نموذجا عصريا لبناء الحضارة التركية الإسلامية. فالمدينة التي تقع وسط الأناضول تضم في جنباتها المحافظين والقوميين والثوريين، ويشكلون مع بعضهم فسيفساء جميلة لبناء الحضارة الجديدة.

في داخل قيصري تجد المناطق الصناعية المتعددة، والتي لا تشكل عائقا أمام التحضر المدني، ولا تؤثر على هوية المدينة الدينية المحافظة.ولا شك أنّ قيصري تمثل المدينة التي يحلم بها داود أوغلو لتكون نموذجا جديدا للعالم أجمع، وهذا ما ركّز عليه داود أوغلو خلال خطابه، حيث أشار إلى الأدباء والسياسيين الذين قدمتهم هذه المدينة لتركيا وللعالم، وأشار إلى محافظة هذه المدينة إلى جانب مدن "قونيا" و"تشوروم" على "بوصلتها السياسية"، وتمسكها بطابعها الديني المحافظ، بالإضافة إلى تعزيز مبادئ الديمقراطية والحرية شأنها شأن باقي المحافظات في البلاد.

هل ستجري الانتخابات بصورة مبكرة؟

ستجيب الأيام عن هذا السؤال، لكن ما نراه هو أنّ الحكومة لا ترغب بإجراء انتخابات مبكرة، مع هذا فإن رئيس الوزراء قد أطلق إشارة الانطلاقة للانتخابات العامة خلال خطابه في قيصري.

وهذا يعني أنّ داود أوغلو سيزور الأناضول مرتين قبيل إجراء الانتخابات القادمة، حيث أنه سيتحدث أيضا في بداية الأسبوع القادم في مدينة "أفيون" عن إستراتيجيته للانتخابات القادمة، وهناك سيعقد أول اجتماعاته الاستشارية من أجل الانتخابات العامة التي ستجري العام المقبل.

وما يثير الانتباه، هو أنّ رئيس الوزراء سيجتمع بنفسه في المؤتمرات التي ستجري في المدن من أجل التحضير للانتخابات، وبذلك سيكون قد أسس بنفسه كل التشكيلات والمجموعات الجديدة التي ستقود الحملة الانتخابية لحزبه خلال المرحلة الجديدة الحالية، وهذا يعني إيجاد طاقة ديناميكية جديدة داخل أروقة الحزب.

لا شك أنّ استلام داود أوغلو لرئاسة الوزراء خلفا لاردوغان جعله يتحمّل مسؤولية كبيرة وصعبة، فمهما عمل، ومهما قال وفعل، سيتم مقارنة أفعاله وأقواله ونتائج أعماله باردوغان، ولا شك أن وجود "يالتشن أكدوغان" في الحكومة خلال هذه الفترة سيشكل مرساة سياسية يعتمد عليها داود أوغلو خلال المرحلة المقبلة.

ماذا يريد داود أوغلو من جولاته الحالية عبر المدن؟

منذ توليه رئاسة الوزراء يحاول داود أغلو التدرّب على الخطابات في الميادين بحضور الجماهير، حتى يصل إلى أفضل أداء له قبل زياراته الرسمية للمدن خلال حملته الانتخابية.

 يعمل جاهدا من أجل سد الفراغ الذي تركه اردوغان، من خلال ظهوره القوي ومشاركته الدورية في تشكيلات الحزب، حتى يحافظ على نفس وتيرة العمل المرتفعة.
يريد من خلال هذه الزيارات أن يخاطب الشعب بصورة مباشرة، خصوصا بعد عمله السابق كوزير للخارجية، فهو اليوم يريد أن يكون قريبا أكثر من شعبه من خلال التواصل المباشر معهم عبر الخطابات في الحشود الجماهيرية.

ويسعى داود أوغلو أيضا إلى تجاوز الامتحان الصعب المتمثل بمقدرته على ملئ الفراغ الذي تركه اردوغان أم لا، ولا شك أنه نجح بتحقيق خطوات هامة في هذا الموضوع.

يقدم لنا رئيس الوزراء اليوم نموذجا جديدا يعتمد على "طاقم العمل/والعمل"، بدل النموذج الذي كان يقدمه اردوغان والذي يعتمد على "الكاريزما/والعمل".

يريد داود أوغلو تأسيس تشكيلات جديدة بنفسه لتقود حزب العدالة والتنمية خلال المرحلة المقبلة.

كما ويخطط لحل المشاكل العالقة، ليس من خلال المعلومات التي تصله إلى أنقرة، بل من خلال مشاهدته ومتابعته المباشرة في مكان حدوث هذه المشاكل والأمور العالقة.

ويهدف إلى زيادة وجوده في عقلية المواطن التركي، من خلال خطاباته التحضيرية التي يقوم بها حاليا عبر المدن التركية المختلفة.

كما يريد أنْ يوضّح للشعب أهداف المرحلة المقبلة، من أجل أن يكونوا جاهزين للمساهمة بصورة فاعلة من أجل تحقيقها.

رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو يسعى اليوم لجمع الحشود الجماهيرية حوله، ليشرح لهم المرحلة المقبلة، وأهدافها، من أجل أن يساهموا معه في كتابة تفاصيل الحكاية الجديدة لتركيا الجديدة.

عن الكاتب

حسين يايمان

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس