جلال سلمي - خاص ترك برس

عُين رئيساً للاستخبارات الوطنية وهو صغير السن مقارنة بأقرانه الذين تسلموا منصبه من قبل، إذ كان لا يتجاوز عمره سوى 42 سنة. وصفه أردوغان "بمكعب سره". يعتبر المفتاح الأساسي لعملية "الحل السلمي" التي قامت بها الحكومة مع حزب العمال الكردستاني.

تسلم هاكان فيدان في 25 أيار/ مايو 2010، منصب رئاسة الاستخبارات القومية في تركيا، ولا زال يشغل ذلك المنصب حتى يومنا هذا. قدم فيدان استقالته عام 2015، ليترشح كنائب عن حزب العدالة والتنمية، إلا أن رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان عبر عن اعتراضه الشديد لذلك، وعلى الرغم من استقالته لمدة شهر، عاد لتسلم منصبه نزولًا عند رغبة أردوغان. تقدم فيدان باستقالته في 10 شباط/ فبراير 2015، وبعد الضغط عليه للعود لمنصبه عاد ليسحب ترشحه عن حزب العدالة والتنمية في 9 آذار/ مارس، وتم تعيينه كرئيس للاستخبارات بشكل مباشر.

ـ ضابط جيش:

وُلد فيدان عام 1968 في العاصمة التركية أنقرة، والتحق بأكاديمية القوات البرية متخرجاً منها عام 1986، وانضم إلى القوات التركية المسلحة برتبة ضابط، وشكلت عملية تعيينه في قسم رئاسة العمليات الخاصة والاستخبارات السريعة التابعة لحلف الشمال الأطلسي "ناتو" في ألمانيا، نقطة التحول في حياته، إذ درس الإدارة والعلوم السياسية في جامعة ماريلاند أثناء عمله هناك، وبعد عودته إلى تركيا التحق بجامعة بيلكانت لدراسة مرحلة الماجستير في قسم العلاقات الدولية، وكانت رسالة تخرجه التي قدمها عام 1999 بعنوان "الاستخبارات والسياسة الخارجية: مقارنة بين أنظمة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والتركية، مؤكّداً في ختام دراسته أن تركيا بحاجة ماسة لاستخبارات قوية تساندها في اتخاذ قرارتها الخارجية.

واستمر هاكان في ذات الجامعة لاستكمال درجة الدكتوراه، وأنهى دراسته عام 2006 برسالة حملت عنوان "الدبلوماسية في عصر المعلومات: استخدام المعلومات التكنولوجية في مراجعة الاتفاقات الدولية".

وقد وصف مشرف هاكان في تحضير كلا الرسالتين البروفسر مصطفى كيبار أوغلو، عبر إحدى مقالاته المنشورة في صحيفة طرف بتاريخ 18 نيسان/ أبريل 2010، بالقول "كانت رسالة إحدى طلابي بعنوان "الدبلوماسية في عصر المعلومات: استخدام المعلومات التكنولوجية في مراجعة الاتفاقات الدولية"، فعلى سبيل المثال، تعمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على متابعة أنشطة بعض الدول، وفي ظل المتابعة التي تقوم بها، تؤكد مدى التزام الدول بمسؤوليتها الناتجة عن الاتفاقيات الدولية، وبدوره اقترح هو القيام بتعزيز عمليات الرقابة والمتابعة بمواد تكنولوجية. كان طالب وفي دومًا، طالب ذو موهبة عالية في العمل المنظم، ولا شك في أنه رجل ديمقراطي منفتح على جميع الأفكار، يقبل المناقشة بشكل يُشير إلى أنه إنسان حديث ومدني. أهم ما يميزه هو متابعته للدنيا من عدة جهات".

كان يجب على هاكان أن يخدم في الجيش لمدة 15 عامًا لقاء تلقيه التعليم في الأكاديمية العسكرية، وبعد انهائه لتلك المدة ترك الخدمة عام 2001. عقب عودته للحياة المدنية عمل كمستشار سياسي واقتصادي في السفار الأسترالية بأنقرة، وفي الوقت نفسه استمر في أبحاثه الأكاديمية من خلال منظمة الطاقة النووية الدولية في فيينا، ومعهد نزع السلاح التابعة للأمم المتحدة في جنيف، ومركز بحث وتصحيح وتدقيق المعلومات في لندن.

تولى عام 2003 منصب رئاسة وكالة التنسيق والتعاون التركية "تيكا"، واستمر على رأس عمله حتى عام 2007، وأثناء عمله في تلك الوكالة التابعة لرئاسة الوزراء، لم يترك بقعة في البلقان أو القوقاز أو وسط آسيا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا إلا وداس بقدمه عليها.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2007 أصبح مستشارًا لرئيس الوزراء السابق رجب طيب أردوغان" في مجال السياسة الخارجية والأمنية، ومن ثم في عام 2009، بات مستشارًا لوزير الخارجية السابق "أحمد داود أوغلو" أيضًا.

مثل تركيا في قمة الأمن النووي المنعقد في واشنطن، ما بين 12 إلى 13 أبريل عام 2010، وكان عضو في الهيئة الإدارية لجامعة أحمد ياسوي التركية ـ القوقازية، من مارس 2008 وحتى فبراير 2011.

عطفًا على النجاح الباهر الذي أظهر فيدان أثناء توليه منصب رئاسة التيكا ومستشار رئيس الوزراء، وبناءً على معلوماته الجيدة في مجال الاستخبارات، تم اختياره كمساعد لرئيس جهاز الاستخبارات الوطنية في 15 أبريل 2010، وفي 27 مايو 2010 تم اختياره كرئيس لجهاز الاستخبارات، وكان في سن 42 عامًا، وبذلك أصبح أكثر رئيس شاب يتولى ذلك المنصب.

وما لبث فيدان في توليه لرئاسة الاستخبارات حتى عمل على تقسيم مجال عمله إلى قسمين؛ قسم الاستخبارات الداخلية، وآخر باسم قسم الاستخبارات الخارجية، واتبع فيدان في ذلك هيكلية الاستخبارات الأمريكية المنقسمة إلى "في بي أي" ـ استخبارات داخلية ـ و"سي أي إي" ـ استخبارات خارجيةـ وكان لذلك فضل كبير على تقوية عمل جهاز الاستخبارات في تركيا.

وذاع صيت فيدان عقب حادث سفينة "مافي مرمرة" التي كانت في طريقها لنقل المساعدات لغزة واعترضها الجيش الإسرائيلي في المياه الدولية، إذ اتهمه وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك بالمحرك الأساسي لهذه السفينة التي نتج عنها حادثة رمي بواسطها رئيس الاستخبارات الجديد "المقرب لإيران" تخريب العلاقات الاستراتيجية الحميمية بين تركيا وإسرائيل، وروجت صحيفة "هآرتز" الإسرائيلية لذلك الادعاء الذي أحال فيدان ليكون معروفًا على صعيد الساحة الدولية.

التقى فيدان عام 2009، بتوجيه من رئيس الوزراء حينذاك رجب طيب أردوغان، بممثلين عن حزب العمال الكردستاني في العاصمة النرويجية أسلو، واستمر في إجراء اللقاءات والتفاوض حتى استطاع إحراز عملية "السلام" بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني من أبريل 2013 وحتى تموز/ يوليو 2015.

وفي ضوء نشوب أزمة "نفوذ" بين حكومة حزب العدالة والتنمية وجماعة غولن أو ما بات يعرف باسم "الكيان الموازي"، تعرض فيدان الذي كان تراه الجماعة على أنه العائق الأساسي أمامها للتغلغل داخل الدولة، لمحاولة اعتقال في 7 فبراير 2012، بتهمة التعاون مع جهات خارجية، إلا أن أردوغان خرج أمام وسائل الإعلام مدافعًا عن فيدان وواصفًا له "بمكعب سره الخاص، مكعب سر الجمهورية التركية، مكعب سر مستقبل تركيا"، رافضًا عملية اعتقاله.

ما زال فيدان إلى اليوم يشغل منصب رئاسة جهاز الاستخبارات، وبالرغم من دوره الفعال في صد محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو من العام الماضي، إلا أن وسائل الإعلام التركي لوحت بأن الحكومة التركية تنظر في نقله إلى منصب آخر، ولكن إلى الآن لم يصدر أي قرار رسمي حول ذلك الموضوع.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس