سيما نعناعة - خاص ترك برس

في حين يتذمر الكثيرون من قلة فرص العمل وندرتها، يوجد هناك مجمع صناعي كامل في مدينة "أنطاليا"، الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط جنوب غرب تركيا، يشكو من قلة العمال المؤهلين ويدعو لتربية المزيد منهم لتلبية احتياجات العمل المتصاعدة مع نمو الاقتصاد التركي.

أكـبـر مـجـمـع صـنـاعـي

أفاد "محمد أوز تورك"، الرئيس التنسيقي في مجمع "أك دنيز" الصناعي في مدينة "أنطاليا"، اليوم الأحد، أنهم يعانون من نقص حاد في العمالة المؤهلة، ودعا لتأهيل المزيد منهم بغية حل الأزمة التي يعاني منها المجمع، الأمر الذي يؤثر على مستوى وكمية الإنتاج، بحسب موقع "هبر 3".

يعد مجمع "أك دنيز"، أحد أكبر وأهم المجمعات الصناعية في "أنطاليا"، ويعمل فيه قرابة الـ 15 آلاف عامل، ويوجد فيه نحو 2500 من أصحاب المحال التجارية التي تؤمن احتياجات الورش والعمال.

هذا ويتم إنتاج مختلف الصناعات والآليات، بالإضافة للمفروشات والنجارة، فضلاً عن قطاع السيارات الذي يشكل القسم الأكبر والأهم من المجمع، وفق "أوزتورك".

1000 فـرصـة

في محضر حديثه عن معاناة المجمع من نقص العمال، أشار "أوزتورك" إلى أن المجمع يؤمن جميع احتياجات المنطقة الزراعية والسياحية، من المعدات والآليات.

إذ تعد أنطاليا مدينة صناعية، زراعية وسياحية أيضاً، وتشكل واحدة من أهم المدن التركية الناشئة على مختلف الأصعدة.

وتابع "أوزتورك" قائلاً : "يدخل إلى المجمع نحو 50 ألف عربة يومياً." مشيراً إلى حجم العمل وكثرة الإنتاج.

وهنا أوضح "أوزتورك" أن المجمع بحاجة لقرابة 1000 عامل مؤهل برواتب تتراوح ما بين 1500-3000 آلاف ليرة تركية شهرياً، بحسب المهنة وطبيعة العمل.

شـبـاب كـسـول

من جهة أخرى، وبسبب توفر فرص عمل تحتاج جهداً وخبرة أقل في مدينة أنطاليا السياحية، وإن ندرت، يتوجه شباب اليوم إلى قطاعات أخرى، على الرغم من الحاجة الماسة إليهم في هذا المجال، وفق "أوزتورك".

إذ يمكن للشباب الحصول على عمل وظيفي داخل مكتب أو بمجال السياحة، أو غيرها، دون الحاجة للتدريب الطويل والعمل الشاق في مجال الصناعة والإنتاج، وربما الحصول على معاش مواز وظروف عمل أفضل.

ويرى "أوزتورك"، أن شباب اليوم، يفضلون الأعمال السهلة التي لا تحتاج الكثير من الجهد والتعب، فضلاً عن الخبرة الطويلة منذ سن الصغر.

مشيراً إلى أن تنشئة عمال مؤهلين ليصبحوا قادرين على الإنتاج ومواكبة سوق العمل، يستغرق على الأقل 5 سنوات من التدريب والعمل الطويل، ما يجعل الشباب لا يتوجهون نحو قطاع الصناعة والهرب نحو أعمال أسهل وذات مردود جيد، في الجانب الساحلي من المدينة.

الـتـعـلـيـم الإلـزامـي "ضـربـة قـاضـيـة"

تذمر "أوزتورك"، من ندرة "الصنّاع"، وهم عمال تحت سن الـ 18، وأضاف قائلاً، "برفع مدة التعليم الإلزامي لـ 12 عاماً، تم توجيه ضربة قاضية لتنشئة عمال مؤهلين، إذ يصعب تدريب الشباب فوق سن الـ 18، فهم لسيوا كالصغار."

إذ كان يبدأ بعض الشباب سابقاً، بالعمل لدى معلمي المهن بسن مبكر، وربما يكتفي بعضهم الآخر بالذهاب أوقات العطل، هذا إن استمروا بتعليمهم، أمّا الآن وقد تم فرض التعليم الإلزامي حتى سن الـ 18، بات هذا الأمر صعباً عليهم.

الـمـحـبـة تـأتـي أولاً

بالنسبة لـ "سركان متة" (22)، خريج مدرسة مهنية، تحتاج هذه المهنة للرغبة بالدرجة الأولى، ليتمكن صاحبها من العمل والإستمرار بها.

فقال "أنا مسرور في عملي. تخرجت من المدرسة المهنية، وكنت أتي في العطل الصيفية للعمل كصانع. أمّا متدربي اليوم يأتون ويرون الواقع، فيهربون من مشقة العمل وظروفه الصعبة."

لا فـائـدة تـرجـى مـن الـمـدراس الـمـهـنـيـة

على الرغم من جهود الدولة لحل الأزمة، وفتح مدارس مهنية، لمواكبة حاجة السوق المتزايدة في السنين الأخيرة مع نمو السوق التركي، لا يوجد فائدة ترجى من طلاب المدارس المهنية، بحسب "أوزتورك".

وفي هذا السياق، قال، "إن المدارس المهنية ليست كافية لتعليم وتأهيل الشباب، كما هو الحال لدى أصحاب العمل والورش وغيرها." مؤكداً أن الثانويات المهنية لم تحل من مشكلة نقص العمالة المؤهلة.

10 آلاف مــتـقـدم

توجه "أوزتورك"، الرئيس التنسيقي للمجمع، إلى المقارنة بين نسب الإقبال على الوظائف والأعمال الصناعية، حيث قال "يتقدم نحو 10 آلاف شخص لإعلان عمل يطلب 100 موظف. في حين لا يتقدم أحد إلينا إن قلنا أننا بحاجة لعامل أو خمسة حتى."

وفي نهاية حديثه، أردف "أوزتورك"، أن المنشآت والورش الصناعية في المجمع تعمل بطاقة عمالية لا تتجاوز الثلاثة عمال في حين أن كل ورشة تحتاج لـ 10 عمال على الأقل، وهم  غير قادرين على تأمين حاجتهم من العمال المؤهلين، لتأمين عمل نوعيّ وكميذ يواكب احتياجات السوق المتنامية.

وهنا قال "جمال شاهين"، صاحب أحد الورش داخل المجمع، "العمال الذين نعمل معهم غير مؤهلين. نحن بحاجة لموظف ملم بالمهنة. أمّا الصنّاع فلا تحدث. كنت دربت ولدي وهم يعمل معي. أنا بحاجة لـ 5 موظفين على الأقل، لكن لا يوجد سوانا نحن الإثنان هنا."

فهل يكون إعلانهم المغري لـ 1000 فرصة عمل براتب يصل لـ 3000 ليرة، وهو مبلغ جيد بالنسبة لتركيا، حافزا كافيا للشباب لكي يتقدموا للعمل لديهم، أم هل يبقى الشباب يفضلون المهن السهلة على الرغم من ندرتها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!