حليمة كوكتشة - جريدة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

في ندوة لمؤسسة الأبحاث السياسية والإقتصادية المجتمعية التركية أجاب الرئيس التركي أردوغان على سؤال تم طرحه وهو "ماذا سيحدث في ما بعد أردوغان؟"، حيث قال: "سيحدث ما يريده الشعب ويريده الله". إجابة أردوغان هذه تشكل إجابة على جميع الأسئلة العالقة بأذهاننا فيما يتعلق بهذا الموضوع من جهة، ومن جهة أخرى كشفت نوايا الجهات التي تحاول إشغال الرأي العام بمثل هذه القضايا.

قبل يومين قامت إمرأة متعصبة للمبادئ العلمانية بمهاجمة طالبة ثانوية محجبة في باص للنقل العام وقامت بسحب حجابها والتفوه بكلمات نابية تمس المحجبات والحجاب بشكل عام. رأينا أحداثا كثيرة مشابهه لهذه في 28 فبراير/ شباط الماضي وغيرها. قانون منع الحجاب في تركيا كان يحرم آلاف المحجبات من العمل والتعليم ويؤثر بشكل مباشر في حياتهن الخاصة.

هذه المضايقات لهذا الحق الطبيعي الذي يبدو لنا صعب المنال في بعض الأحيان تركت أثرا سلبيا دائما في نفوس الكثيرين. على الأقل يمكن تفهم سؤال هذه الشريحة التي تتعرض للمضايقات عن "ماذا سيحدث في ما بعد أردوغان"؟. ولكن ليس لهذا علاقة بالاستفتاء المُزمع إجراؤه في 16 أبريل/ نيسان من العام الجاري.

من أدخل تركيا بنفق مظلم في الماضي ومن قسم النساء إلى محجبات وغير ومحجبات ومن لم يعترف بحقوق المرأة المحجبة لم يصل إلى الحكم بأصوات الشعب وبالديمقراطية، بل وصل بتشكيل حكومات ائتلافية بعد انقلاب ظالم على الأحزاب التي حازت على أصوات الشعب وكسبت ثقته. في الأساس لو كانوا وصلوا للحكم عن طريق الديمقراطية وأصوات الشعب فإنهم لن يقوموا بمنع هذه الحقوق الأساسية.

ماذا لو أصبح كمال كيليتشدار أوغلو (زعيم الحزب الجمهوري المعارض) رئيسا للدولة؟

نتلقى أسئلة من هذا النوع من آن لآخر عندما نقوم بإجراء اجتماعات في منطقة الأناضول، حيثُ يسأل بعض الناس "ماذا لو أصبح كيليتشدارأوغلو رئيسا؟ وماذا لو أصبح صلاح الدين ديميرطاش (رئيس حزب الشعوب الديمقراطي الكردي) رئيسا؟". لا شك في أن المخاوف التي تحملها هذه الأسئلة تنبع من السياسات التي يتبعها هؤلاء الأشخاص. في الأساس من يبني سياساته على أساس عرقي وأيديولوجي لن يكسب ثقة الشعب ويُنتخب رئيسا لهم وحتى أنه لن يحوز على أغلبية في مجلس النواب بهذه السياسات. والنظام الرئاسي المُقترح يجعل انتخابهم كممثلين عن الشعب أمرًا مستحيلًا أيضًا.

ولكن في النظام الحالي لا يزول هذا الخطر. إذ أن النظام الحالي يشكل منظومة نستطيع أن نقول إنها "نظام وصاية برلماني" مبني على مبدأ السياسة الضعيفة والوصاية القوية. ولا يركز على مبدأ تقوية السياسات.

لنتذكر العقبات التي وضعت أمام حزب الرفاه في الماضي من أجل عدم السماح له بتشكيل الحكومة. حتى أن كاتبا صحفيا من الذين يرفضون النظام الرئاسي المُقترح الحالي رفض رفضًا قاطعًا اقتراح النظام الرئاسي في ذلك الوقت من أجل منع حزب الرفاه الحائز على 21% من الأصوات من تشكيل الحكومة. لنتذكر أيضا انتخابات 7 يونيو/ حزيران، حيث لم يتمكن حزب العدالة والتنمية الحائز على 40% من أصوات الشعب من تشكيل الحكومة. كل ذلك تشكل نتيجة نظام حالي لا يركز على السياسات وإنما على مبدأ الوصاية كما ذكرنا مسبقا.

أرى أن الذين يسألون "ماذا سيحدث بعد أردوغان؟" بشكل ودي، يعبرون عن مخاوفهم من خلال تجاربهم واللحظات الصعبة التي عايشوها على مر السنين. أما الذين يرفضون مقترح النظام الرئاسي فإنهم يهدفون من خلال هذا السؤال إلى إشغال الرأي العام بما يدعون أنه "نظام الشخص الواحد".

 في الأساس النظام الرئاسي سيكون ضروريا في مرحلة ما بعد أردوغان. من أجل ضمان استمرارية ارتقاء تركيا في مختلف المجالات والقضاء على الازدواجية والعنصرية ولتقوية السياسات نحتاج لهذا النظام الرئاسي. نحن نثق بشعبنا الذي سيعطي ثقته للشخص والكادر الذي يرى فيه تلك الإرادة والعزيمة للاستمرار بنهضة دولتنا.

وكما قال الرئيس أردوغان في ندوة مؤسسة الأبحاث السياسية والإقتصادية المجتمعية: "إنهم لا يثقون بالشعب وليس بالشخص الذي سيكون رئيسًا". ماذا سيحدث في ما بعد أردوغان؟... سيحدث ما يريده الشعب ويريده الله.

عن الكاتب

حليمة غوكتشة

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس