جلال سلمي - خاص ترك برس
حزب العمال الكردستاني، وحزب ـ جبهة الخلاص الثورية، وتنظيم الدولة "داعش"، وغيرها الكثير هي المنظمات الإرهابية التي تستهدف الأمن والاستقرار التركيين.
وفي ظل التنقيب عن آلية فعالة في تقليم أظافر هذه المنظمات وصدها عن استهداف تركيا، يتساءل الكاتب والمحلل السياسي "أيدين أونال"، في مقاله "مكافحة الإرهاب ونظام الحكم الجديد، عن العوامل التي تحول دون تمكن تركيا عن تبديد جذور المنظمات الإرهابية التي تستهدفها منذ 1984؟
وفي معرض رده على تساؤله، يؤكّد أونال على أن البيروقراطية الشرسة المعيقة لعملية اتخاذ القرار الحازم في تركيا وعدم وجود ارتباط عضوي ومتين بين مؤسسات الدولة هما العاملان الأساسيان في عجز تركيا عن توجيه ضربات قاضية لهذه المنظمات.
وإلى جانب ذلك، يعترف أونال بأن الدعم الدولي، والحاضنة الاجتماعية والسياسية الداعمة للمنظمات الإرهابية، ووعورة الأراضي التي تتمركز بها المنظمات الإرهابية، والحرب بالوكالة التي توفر الدعم اللوجستي للمنظمات الإرهابية، إلا أنه يعود ويؤكد على أن تنافس الأجهزة الأمنية والمدنية الذي طفى على السطح بعد عام 2012، وعدم وجود مؤسسة تفتيش مؤثرة في كبح تغلغل الجماعات ذات المصالح غير الوطنية كجماعة غولن، وعدم وجود جهاز رقابي يصب تقاريره في مؤسسة مركزية تتابع التجاوزات بشكل حازم عوامل أسهمت جميعها في عجز الدولة عن محاربة المنظمات الإرهابية.
جاء تحليل أونال في مقاله المنشور بصحيفة يني شفق في 2 آذار/ مارس 2017، حيث يُشير أونال أيضًا إلى أن انتخاب رئيس وقائد المؤسسة العضوية والرابطة لجميع المؤسسات من قبل الشعب، سيجعل إخلاصه في خدمة الشعب أقوى وأفضل، مبينًا أن الرئيس المنتخب سيكون همه الشاغل الحفاظ على وجوده وكيانه السياسي أمام الشعب، للحصول على فرصة ثانية للترشح في دورة انتخابية أخرى، وضمان عدم الخروج ضده خلال الدورة الرئاسية، وهذا ما قد يساهم في قضم جذور المنظمات الإرهابية بشكل أفضل مما عليه الحال الآن.
يُذكر أن أول عمل إرهابي منظم تعرضت له تركيا كان بتاريخ 15 آب/ أغسطس 1984، حيث استهدف حزب العمال الكردستاني عمليتين إرهابيتين مزدوجتين في بلدة أروه في بلدتي أروه وشمدينلي الواقعتين في مدينة شرناق.
ووفقًا لمصادر إعلامية متطابقة، بلغ عدد قتلى الجنود الذين قضوا حتفهم نتيجة الأعمال الإرهابية منذ عام 1984 وحتى يومنا هذا ما يقارب 8 آلاف جندي، أما عدد القتلى المدنيين فقد بلغ حوال 50 ألف شخص.
ووافق المدير العام للقوات الخاصة المتقاعد "ياسوجاي أك ساكال" أونال، مبينًا أن أكبر عائق يواجه القوات المكافحة للإرهاب هو بطء عملية اتخاذ القرار، فالتقرير يأخذ فترة زمنية طويلة حتى يصل إلى رئاسة الأركان ويستغرق فترة زمنية أطول ليصل لوزارة الدفاع وحتى ينتقل من هناك إلى رئاسة الوزراء يصبح فاقدًا لأهميته، الأمر الذي يعيق التحرك اللوجستي للقوات المكافحة للإرهاب على حد زعمه.
وفي محور لقائه عبر قناة "شاي" التركية، بتاريخ 29 كانون الثاني/ يناير 2017، أكّد أك ساكال أن القضية ليست متعلقة فقط بعملية اتخاذ القرار، بل هنالك حاجة ماسة لتطوير الصناعات العسكرية في معامل عسكرية محلية توفر لجنودنا ما ينقصهم من عتاد عسكري دون انتظار توريد ذلك من دول أجنبية لا توفر لجنودنا التدريب الجيد واللازم، وهذا ما عجزت الحكومات التركية المتتالية عن تحقيقه، ولكن يبدو أنه ممكن التحقق في إطار مؤسسة الرئاسة التي ستصدر القرارات المركزية بشكل سريع يواكب مصالح الدولة العاجلة.
وتعاني تركيا معضلات حادة نتيجة العمليات الإرهابية، فإلى جانب حرمان هذه العمليات المواطنين الأتراك الأمن الذي يبحثون عنه، يؤثر سلبًا في القطاعات الاقتصادية المتمثلة بالسياحة والصادرات والاستثمار.
وفي هذا الصدد، أوضح الكاتب والمحلل السياسي البروفسور "ياشار حجي صالح أوغلو" أن النظام الرئاسي سيقضي على الأزمات التي كانت تنتج عن الفترة الزمنية الطويلة التي كانت تستغرقها الأحزاب حتى تتفق وتؤسس الحكومة الائتلافية، وكثيراً ما كان يتمخض عن هذه الحكومات حالة من النزاع الداخلي المفعم بالاندفاع الحزبي، مما كان يشكل حائلاً أمام إجراء محاربة حقيقية للإرهاب.
وحمل مقال صالح أوغلو المنشور عبر صحيفة أقشام في 3 مارس 2017، عنوان "تاريخ أزمات الحكومات الائتلافية والاستفتاء الشعبي". وشدد فيه على أن النظام الرئاسي من خلال ربط الجيش بمؤسسة الرئاسة بشكل مباشر سيكبح جماح أي طرف ينوي دفع الجيش للانقلاب على الشرعية، وهو ما تحتاجه تركيا بشكل أساسي للقضاء على الإرهاب الذي ظهر للسطح من رحم انشغال الجيش بالعملية السياسية.
وتجري التحضيرات لإجراء عملية الاستفتاء حول التعديلات الدستورية التي تحتوي، بشكل أساسي، مواد تحوّل نظام الحكم في تركيا من البرلماني إلى الرئاسي، في 16 نيسان/ أبريل المقبل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!