ترك برس

بذلت بريطانيا جهود كبيرة لإخفاء هزيمتها الساحقة أمام الدول العثمانية في معركة "كوت العمارة" يوم 29 أبريل/نيسان من العام 1916، وحاولت حذف المعركة من المناهج الدراسية في تركيا لجعل الأتراك يجهلون الانتصار التاريخي الذي حققه أجدادهم ضد البريطانيين آنذاك.

واعتاد الأتراك حتى بعد سقوط الدولة العثمانية ونشوء الجمهورية التركية، على الاحتفال بنصر الكوت، بل بقي مجدولاً على قائمة الاحتفالات الوطنية الرسمية حتى عام 1952، حيث تم تقليص حجم الاحتفالات به تحت الضغط البريطاني إبان انضمام تركيا إلى حلف الناتو.

ويقول المؤرخ التركي مصطفى أرمغان، إن بريطانيا أرادت مسح الانتصار العثماني الكبير عليها من ذاكرة الأتراك لأن الحد لم يكن بسيطًا، بل هو انتصار على جيش دولة قوية على مستوى العالم آنذاك، لذلك سعت جاهدة إلى تضليل الرأي العام التركي والعالمي في هذا الخصوص.

ويضيف أرمغان: "تصوّر أنك تهزم الجيش الأمريكي اليوم، وتأسِر كل جنوده، ألَن تخسر الولايات المتحدة هيبتها جراء هذا الأمر؟ وكذلك سيكون انتصارا ساحقًا بالنسبة لنا، هذا ما حصل في العام 1916 حيث نجح الجيش العثماني في هزيمة نظيره البريطاني الذي كانت قوته تعادل قوة أمريكا اليوم".

وأشار إلى أن الهزيمة كانت محرجة جدًا بالنسبة للبريطانيين الذين اقترحوا حوالي مليون جنيه استرليني إلى الدولة العثمانية لإخفاء الحقائق، لكن الأخيرة رفضت ذلك وقالت إنها لا تبيع انتصارها الكبير، الأمر الذي دفعهم لمضاعفة المبلغ لكن محاولاتهم باءت بالفشل.

وأردف المؤرخ التركي: "كتب التاريخ الحديثة لا تستطيع أن تقول إننا انتصرنا على البريطانيين في كوت العمارة، وتكتفي بالإشارة إلى هزيمتهم دون إظهار الطرف المنتصر، ونواجه اليوم محاولات لإخفاء هذه الحقيقة التاريخية".

ويُصادف يوم 29 نيسان/ أبريل من كل عام ذكرى معركة حصار الكوت الواقعة جنوب شرقي العاصمة العراقية بغداد، التي سجّل فيها الجيش العثماني ثاني أكبر انتصاراته خلال الحرب العالمية الأولى، وعُدّ حصار الكوت الأطول والأشد خلال الحرب. وانتهى الحصار بعد 147 يومًا بهزيمة الجيش البريطاني بالكامل وقوامه 13 ألف جندي واستسلامه للجيش العثماني.

ووفقًا لوثائق عسكرية، فقد وصف القائد الجيش العثماني آنذاك خليل باشا الحرب بقوله: "نحن أمام فرق كبير إلى درجة تدهش العالم. سيجد المؤرخون صعوبة في إيجاد كلمات لوصف هذه المعركة، كانت جناق قلعة النصر الأول الذي كسر فيه ثبات العثمانيين عناد الإنجليز، وأمامنا هنا النصر الثّاني"، معلنًا النصر في معركة كوت العمارة.

ووصف المؤرخ البريطاني جيمس موريس معركة الكوت بأنها "الإستسلام الأكثر إذلالاً في التاريخ العسكري البريطاني"، حيث بدأت المعركة بحِصار الجيش العثماني للقوات البريطانية والحلفاء في بلدة الكوت الواقعة على ضفاف نهر دجلة جنوب شرقي العراق، وانتهت بسيطرة العثمانيين على الكوت واستسلام كامل الجيش البريطاني.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!