ترك برس

قال موقع إماراتي إن مسلسل "قيامة أرطُغرل" التاريخي التركي يتناول أمجاد الدولة العثمانية، في محاولة لحشد التأييد لمساعي الرئيس رجب طيب أردوغان لإعادة "الهيبة التركية" و"الانتصارُ للأمة التركية" التي تمثلت مؤخرًا باستفتاء شعبي زاد من صلاحيات الرئيس وغير نظام الحكم في البلاد من برلماني لرئاسِي.

وأوضح موقع "إرم نيوز" أن المسلسل الذي يركز على حياة أرطغرل بك والد عثمان بك مؤسس الإمبراطورية العثمانية في القرن الثالث عشر، يملك أعلى نسب المشاهدة في تركيا أسبوعيًا. أما شعار المسلسل فهو "صحوة أمة".

ولفت الموقع إلى أن ما ذُكر ينسجم مع الأحداث الجارية، بعد أن نسّق أردوغان لاستفتاءٍ دستوري في شهر نيسان/ أبريل كنزاعٍ ضد "أعداء الأمة التركية والخونة المحليين".

وأشار إلى أن قيامة أرطُغرل يستهدف بشكل مباشر الجمهور المحلي، حيث يبث على شبكة "TRT1" التي تديرها الدولة، والمشاعر التي يبثها هي مشاعر قومية، وتضرب الوتر في بلد أصيب بالجراح بعد محاولة الانقلاب العسكري في حزيران/ يوليو الماضي.

وشهد الموسم الأول حملة تركية ضد الصليبيين في الأناضول، وكانت معارك الموسم الثاني موجهة ضد المغول، كما كانت الحرب في الموسم الثالث مع البيزنطيين المسيحيين.

وأضاف الموقع: "في حين أن نهج المسلسل الذي يفتقد للدقة التاريخية أقل أهمية من الطريقة التي يعكس بها المزاج السياسي. ويظهر العرضُ القومية الإسلامية التي عبّر عنها الرئيس أردوغان خلال خطاباته في الاستفتاء، واضعًا وصف الـصّراع بين الهلال والصليب".

وبحسب الموقع، فإن شهرة المسلسل لا تعكس بالضرورة صعود أدعياء الأسلمة تحت حكم أردوغان، بل إنه يقترب أكثر من تصوير الطموح العميق لتحقيق المكانة والتأكيد الوطني ضد الأعداء.

ورأى أن المسلسلات من أمثال قيامة أرطُغرل تعبر عن فكرة أن لدى تركيا مهمة فريدة كوارثةٍ لإمبراطوريةٍ عظيمة، الأمّة التي أُسست من قبل رجال ذوي نفوذ واسع.

وفي إحدى مشاهد المسلسل تتحدث واحدة من الشخصيات حول نوع الإمبراطورية المثلى التي سوف ينشئونِها، كيف يكافئون المواهب، والذكاء والبراعة العسكرية.

وبحسب "إرم نيوز"، تعكس شهرة مثل هذه الأعمال الدرامية رغبات مشاهديها في الهرب إلى عالم الخيال الأكثر راحة من الواقع الفوضوي لتركيا اليوم. في دولة تتجاذبها الأقطاب بقوة وتكافح لرفعِ اقتصادها وتعاني من الحرب على حدودها مع سوريا، فيعمل مسلسل قيامة أرطُغرل على راحة المشاهدين من خلال النقر على وتر الأسطورة التأسيسية للمجد التركي.

وأردف أن "هذه الأمور تعتبر من أساسيات تلميع الرئيس أردوغان لصورته الشعبية. حيث عمل لسنوات على بناء مشاريع ضخمة أعادت تشكيل تركيا كجزء من الكفاح ضد القوى الأجنبية التي تغار من تركيا والتي تحاول أن تعرقل نهوض تركيا".

وتابع: "تطورت جماعة قائمة على شخصية أردوغان حيث يُنظر إليه على أنه محور وممثل الإرادة الوطنية فيما يخبر أردوغان الموالين في التجمعات العلنية بأن تركيا تنفذ قدرها المقدس تحت حكمه، وتعودُ لدورها التاريخي كقائد للمنطقة وقوة عالمية".

ويمثل ذلك منطقًا، بالنسبة للعديد من المصوتين العاديين الذين يتمتعون بالاستقرار الاقتصادي والخدمات الاجتماعية المتحسنة في ظل حكم حزب العدالة والتنمية الذي دام 15 عامًا، على حد تعبير الموقع الإماراتي.

تجدر الإشارة إلى أن المسلسل يدور حول البطل التركي أرطغرل بن سليمان شاه ووالِد عثمان مؤسس الدولة العثمانية، ويتناول رحلة قبيلتهم التركمانية بحثا عن وطن، بعد الاجتياح المغولي للعالم الإسلامي، وفي هذه الرحلة خاض أرطغرل ومحارِبوه معارك شرسة مع المغول القوة الصاعدة في الشرق، وحَاربوا الصليبيين القوة الزاحفة من الغرب.

في رحلته للتوجه إلى الأناضول حقق أرطغرل انتصارات كبيرة، لفتت الانتباه إلى قوته ورفعت من شأنه، فأعطاه أمير الدولة السلجوقية السلطان علاء الدين الأول قطعة  أرض على حدود الإمبراطورية البيزنطية انطلقوا منها لتأسيس السلطنة التي تحولت إلى خلافة.

ونجح المسلسل في تقديم صورة الصراع الذي كان يعيشه العالم الإسلامي في هذه الفترة، وكيف تسببت الانقسامات والضعف في زيادة النفوذ الصليبي، وتجنيد الجواسيس والوزراء في القصور لتدمير الدول من داخلها، بحسب الباحث "عامر عبد المنعم".

يركز المسلسل على مواجهة المسلمين مع القوى الخارجية المعادية، ودور الخيانة في استنزاف قوتهم، في إشارات ذكية لما تواجهه الدولة التركية من مؤامرات، إلا أن الرسالة التي تتكرر في كل الحلقات هي الثقة في الانتصار رغم كل العراقيل.

ورغم الملاحظات العديدة على "قيامة أرطُغرل" فإن المسلسل يذكرنا بحقبة مضيئة من تاريخنا الإسلامي، ويعرض جانبا من البطولات التي تدعو للفخر وتعيد الثقة لشباب الأمة الذين أضعفت معنوياتهم كثرة المذابح التي يتعرض لها المسلمون بأسلحة الدمار التي تملِكها الجيوش التي تحتل البلدان الإسلامية وتمارس القتل والتدمير.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!