إليا بليخانوف - صحيفة إينو سيمي - ترجمة وتحرير ترك برس

وفقا لتصريحات جهات رسمية من الجيش التركي، أظهرت عمليات استخدام الطائرات من دون طيار نتائج ممتازة منذ سنة 2015. كما من المتوقع أن تشهد تكنولوجيا الطائرات من دون طيار تطورا كبيرا خلال السنوات المقبلة في تركيا.

في نهاية حزيران/ يونيو من هذا العام، نُشرت تقارير تفيد بأن تركيا سوف تطلق برنامجا جديدا لشراء طائرات من دون طيار ذات قدرة على التصوير الجوي. وتجدر الإشارة إلى أن تركيا توظف هذه التكنولوجيا العسكرية ذات الكفاءة العالية في حماية حدودها الجنوبية والجنوبية الشرقية ضد حزب العمال الكردستاني.

ووفقا للصحافة التركية، فإن أنقرة تستخدم الطائرات من دون طيار في مختلف العمليات العسكرية التي تشارك فيها، نظرا لفعاليتها ضد عناصر التنظيم على الأراضي السورية. ومنذ سنة 2014، يتم استخدام هذا النوع من الطائرات لأغراض الاستطلاع والتوجيه. ومنذ نيسان/ أبريل 2016، تعمل تركيا على تطوير هذه الطائرات عن طريق القيام باختبارات لإطلاق الصواريخ.

وعلى هذا الأساس، تعمل تركيا بنشاط منذ عدة سنوات على تطوير الطائرات من دون طيار. وفي حين يتم إنشاء 93 بالمائة من مكونات الطائرة من دون طيار طراز "بيرقدار تي بي 2" في تركيا، فإنها تطمح إلى التمكن من صناعة طائرة 100 بالمائة تركية.

أثناء اختبار المسلحة "بيرقدار تي بي "2، خلال آب/ أغسطس من العام الماضي، أثبتت الطائرة أنه بإمكانها البقاء في الجو لمدة 24 ساعة و34 دقيقة، كما تمكنت من مسح أكثر من أربعة آلاف كيلومتر، على ارتفاع يقدر بنحو 5,5 كم، وذلك وفقا للسجلات العسكرية. وحتى الآن، تمكنت الطائر من دون طيار "بيرقدار" من الطيران لمدة 17 ألف و500 ساعة في المجمل.

في خريف سنة 2016، تمكن صاروخان تابعان للطائرة "بيرقدار" من القضاء على 70 متمردا من الأكراد في جنوب شرق سوريا، خلال تنفيذها لغارات جوية، وذلك وفقا لتقارير تركية غير مؤكدة. وبناء على هذه المعطيات، يبدو أن الطائرات التركية تعمل بفاعلية كبيرة ضد الوحدات الكردية وجماعات تنظيم الدولة.

 في الحقيقة، تم تصميم الطائرات من دون طيار من قبل الشركة التركية بايكر ماكينا، التي تأسست سنة 1984، علما بأنها كانت تعمل في مجال تطوير صناعة السيارات، في إطار محاولتها لتوطين إنتاج السيارات في تركيا. ومنذ الألفية الثانية، بدأت الشركة من تلقاء نفسها في إقامة بحوث في مجال الطائرات من دون طيار، وسرعان ما تمكنت من إنتاج طائرات صغيرة موجهة لخدمة القوات المسلحة التركية. وسنة 2012، صدّرت الشركة أولى طائراتها من دون طيار إلى قطر.

وعلى خلفية رفض الولايات المتحدة الأمريكية بيع طائرات من هذا النوع لتركيا، شرعت الشركة التركية في تصنيع "بيرقدار تي بي 2" سنة 2009. وخلال تلك الفترة، قامت تركيا بتأجير الطائرة الإسرائيلية من دون طيار هيرون. واستنادا على التكنولوجيا الإسرائيلية، تمكنت تركيا من تصنيع طائرة من دون طيار بنفسها، ما يعد إنجازا محترما في حد ذاته. وفيما مضى كانت أنقرة تشتري من الخارج الطائرات من دون طيار، فضلا عن أنظمة التعبئة والتحكم، وقاذفات الصواريخ ، أما الآن صار لتركيا قدرة على تصنيع هذا العتاد العسكري محليا.

من جهة أخرى، من أهم الأسباب التي جعلت تركيا تجتهد في صناعة مكوناتها العسكرية، رغبتها في التحقق من أمن نظام المعلومات، إلى جانب عجز المنتجين الأجانب عن التأثير ولو بأي شكل من الأشكال على عمل الأجهزة العسكرية والبرمجيات. علاوة على ذلك، ترغب تركيا في التخلص من مسألة الاعتماد على الإمدادات الخارجية، خاصة على الصعيد العسكري.

وفي هذا الإطار، تم تصميم قاذفة صواريخ واختبارها من قبل الشركات التركية بايكر ماكينا وروكيستان (Rokestan) في غضون سنة ونصف. ووفقا للمدير الفني لشركة بايكر ماكينا التركية، فإن الأجهزة العسكرية التركية، بما في ذلك الطائرات من دون طيار، تحظى باهتمام كبير لدى العديد من البلدان ومن ضمن هذه البلدان؛ أذربيجان وباكستان.

ومن المثير للاهتمام، أنه بعد الاختبار الناجح لإطلاق صواريخ بيرقدار، تزوجت  سمية، ابنة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الصغرى، من صانع الطائرات من دون طيار سلجوق بيرقدار، ابن صاحب شركة بايكر ماكينا. وقد حضر حفل الزفاف ستة آلاف ضيف من بينهم رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، ورئيس هيئة الأركان التركي خلوصي أكار، ورئيس وزراء باكستان نواز شريف.

كما يُذكر أن ابنة الرئيس التركي درست السياسة وعلم الاجتماع في جامعة إنديانا في الولايات المتحدة الأمريكية، كما درست في كلية لندن للاقتصاد. أما زوجها سلجوق بيرقدار، فقد درس في جامعة إسطنبول للتقنية وحاز على شهادة الدكتوراه من معهد جورجيا للتكنولوجيا في الولايات المتحدة. ويعد سلجوق بيرقدار، الذي لم يتعدى الأربعين عاما، أحد أهم المساهمين في تطوير القدرات التكنولوجية للصناعة والنظم الآلية العسكرية في تركيا.

بالإضافة إلى الطائرة من دون طيار "بيرقدار"، فإن القوات المسلحة التركية تمكنت من تطوير الطائرات من دون طيار الجيل الأول "أنكا-آس" بالتعاون مع شركة توساش؛ وهي شركة تركية مختصة في الصناعات الفضائية. والجدير بالذكر أن  هذه الشركة تمكنت من تحقيق نسبة صادرات متميزة في الصناعات الدفاعية التركية، حيث صنعت جملة من المعدات العسكرية المهمة التي ساهمت في دعم القوات العسكرية التركية وتعزيز مكانة تركيا العسكرية على الصعيد الدولي. ووفقا لهذا، أصبح لدى تركيا نوعان من الطائرات من دون طيار.

وعلى الرغم من أن تركيا قد دخلت مجالا صعبا لا تنشط فيه الكثير من الدول، إلا أنها تمكنت من كسب مكانة متميزة في مجال الصناعة العسكرية. فبعد أن كان هذا المجال حكرا على بعض الدول؛ مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين وإسرائيل، دخلت تركيا إلى هذا المجال وأصبحت منافسا لا يستهان به. ومن المتوقع أن تعمل تركيا في المستقبل على تطوير صناعاتها العسكرية وجعلها أكثر كفاءة وتنوعا. 

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس