محمد قدو أفندي أوغلو - خاص ترك برس

قالوا قديما إنك عندما تمنع أحدهم من الكلام هو تعبير بوضوح على خشيتك من كلامه، لكن بكل جرأة فإن المعطيات الحقيقية للنقاشات المتوازنة مع الحدث وأهمية الحدث تطغى حتى على مراحل السكوت سواء كان الإسكات قسريا أم اقتناعا بأن عدم الخوض في مستنقع الأوحال لا يؤدي إلا إلى التلوث فيها.

لكن المؤسف في الإعلام الذي تناول الحديث عن أزمة قطر مع الدول الخليجية وكذلك مصر التي تسعى إلى الخروج من الأزمة أو المولد بكف حمص بمزايداتها الاستعراضية المسرحية، قد أعطت نوعا آخر لمفهوم الإعلام وهو ليس بالإعلام في هذه القضية وفي هذه الفترة بالذات يختلف بالتأكيد عن المفهوم السوي لرسالة الإعلام الهادفة.

أنا لم أقصد في حقيقة الأمر ما تتناوله الصحف التي تحترم قراءها وتحترم تاريخها الصحافي وكذلك أستبعد الإعلام الهادف المتوازن الذي تناول القضية بتساؤلات مستمرة عن السبب الحقيقي وراء الاحتقان الذي سبق الأزمة، بل إن البعض من الإعلام المرئي والمكتوب المخلص كان قد أسهم في البحث عن الحلول الناجعة وكذلك بالتعبير عن سرورها عند قيام طرف أو آخر بالمساهمة في حل تلك المشكلة العويصة والصعبة.

لكن كل الاستهجان والاستنكار لكل من تناول الموضوع أو القضية وحولها إلى قضية شخصية وربما نرجسية ليعبر من خلالها إلى صفحة شنيعة لا تليق بتسميتها بالإعلام ومن الخطأ أن تسمح الجهات الرقابية باستمرار تلك الأبواق غير المتوازنة.

إن تلك الأصوات التي أرادت وحاولت النيل من مسؤولي تلك الدول المتنازعة ملوكا أو أمراء كانوا ولا زالوا ينتظرون على أبواب هولاء الملوك والأمراء ليس طمعا بمصافحتهم لأنهم يدركون أن أياديهم لم ولن تمس كفوف الملوك بل لن تمس كف أصغر موظف بمعيتهم، بل طمعا بما يجودون بهم.

وللذين أعادوا ويعيدون تلك الأسطوانة المشروخة والتي تنال من مكانة آل سعود خدم بيت الله الحرام ويصفونهم بشتى النعوت في كل مناسبة تقرع فيها طبول المهرجانات والأقاويل ولا يتوانون عن إلحاق الكلام السيء بملوك وعائلة آل سعود، هم أحوج الناس إلى من يزكيهم ويضعهم في خانة الإنسان بأبسط درجاته، وهم الذين كانوا يتسارعون إلى نيل فرصة عمل في دولة آل سعود.

وكذا الحال مع من أراد الإساءة إلى الطرف الآخر من خلال رموزهم وهم يدركون أن كل أصوات مطارقهم تخفت مهما علت أمام الأصوات الشريفة التي تنصف من يهاجمونهم، لكن من المؤسف أن البعض قد ذهب بعيدا أكثر مما سمح له وأظهر مقدار دناءته عندما أراد النيل من أميرة قطرية كرست كل حياتها في خدمة الإنسانية بمختلف أديانها وقومياتها من خلال منظمات المجتمع المدني التي تتزعمها وتوجهها ولا داعي لذكر تلك المنظمات لأنها ليست بحاجة إلى دعاية ولم يكن من المناسب ذكرها هنا.

إن تلك الأميرة لم تحضر في يوم ما الاجتماع الوزاري ولم تحضر أي اجتماع سياسي تنفيذي ولم تستلم أي منصب رسمي في الدولة.

إن من حق كل باحث في الشأن السياسي يجد متسعا في نقد خطوات وقرارات أي مسؤول وهذا شيء طبيعي وربما باستطاعته أن ينتقد هذا الحاكم أو ذاك المسؤول على طول الخط وربما يعاديه لاختلاف الآراء أو ماشابه ذلك لكن أن تتعالى أصوات هنا وهناك حول خلافات بين مسؤولي دولتين كانا عضوين في أعرق مجلس منذ ثمانينات القرن الماضي ولحد الآن، بل كانت تتهيأ كافة مستلزمات الشراكة الاستراتيجية بين دولهم يدل على أن تلك الأصوات والقائمين على تلك المؤسسات الإعلامية لا يملكون أية مهنية تؤهلهم أن يكونوا في صدارة الإعلام الموجه للشعب العربي المفجع.

خلاصة القول إن كل إنسان مخلص يسره أن تنتهي الأزمة الخليجية اليوم قبل الغد لأن الاتحاد قوة والتفرقة والفراق ضعف وهوان ومؤلم وحزين وإن الجميع ينتظرون ما تنشره وسائل الإعلام من أخبار سارة حول جهود الوساطة والعودة إلى طاولة المفاوضات وجلوسهم جنبا إلى جنب معا حتى تزال تلك الغمة عن هذه الأمة التي تعاني ما تعانيه من مصائب ومتاعب والجميع على يقين أن الأزمة ستنتهي عاجلا أم آجلا، والجميع على يقين أن تلك الأصوات التي هللت لتلك الأزمة لن تلقى يدا لتصافحها فيما إذا لقيت دراهم ثمنا لزعيقها، ورغم أن من فرحته تلك الأقاويل والتخرصات في الظاهر يلعنه اللاعنون في داخلهم باعتبار أن من تسب دينه سيسب دينك فلا تسبوا دينهم حتى لا يسبوا دينكم.

إن أجمل تعبير عن الشعور الصادم المتراكم في داخل الإنسان هو الصمت لأن الكلمات لا تستطيع مهما كثرت ومهما تعالت أصواتها لا تستطيع التعبير عن ذلك الشعور، ربما الابتسامة الصفراء خير رد مع الصمت.

المشكلة الكبرى أن إحدى السلالات من سمك القرش التي وصلت إلى شواطئ الإسكندرية وغيرها من الشواطئ المصرية قد تربت وتكاثرت في المياه القطرية على حد الطبيب البيطري الخبير في أسماك القرش وهذه إحدى تبعات أزمة الخليج.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس