ترك برس

عقب اجتماعه الاستثنائي الهام في أنقرة، أعلن مجلس الأمن القومي التركي أن تركيا تحتفظ بـ"جميع حقوقها المنبثقة عن الاتفاقيات الثنائية والدولية"، في حال أجرى إقليم شمال العراق استفتاء الانفصال، الأمر الذي أثار تساؤلات عن ماهية تلك الحقوق والاتفاقيات.

المتحدث الرسمي باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ، قال خلال مؤتمر صحفي إن الاتفاقيات المعنية تتمثل في كل من "لوزان 1923"، و"أنقرة 1926"، و"الصداقة وحسن الجوار بين العراق وتركيا في 1946"، و"التعاون وأمن الحدود بين العراق وتركيا في 1983".

وأكّد المتحدث التركي، عقب اجتماع مجلس الوزراء في أنقرة، أن الاتفاقيات المذكورة تُظهر بشكل واضح الحدود المرسومة بين تركيا والعراق، وتتضمن سبل حل الخلافات في المنطقة، وتعمل الحكومة التركية حاليًا على التذكير بها والتأكيد على الالتزام ببنودها.

اتفاقية لوزان

في الفترة الأخيرة من عهد الدولة العثمانية كانت الأراضي التي تُشكل اليوم دولة العراق تتكون من ثلاثة ولايات عثمانية وهي الموصل، والبصرة وبغداد. وولاية الموصل كانت تضم معظم شمالي العراق، أي مدن الموصل، ودهوك، وأربيل، والسليمانية، وكركوك، حسب تقارير تركية رسمية.

وفي عام 1918 عندما انتهت الحرب العالمية الأولى، وقعت اتفاقية موندروس بين الدولة العثمانية والحلفاء، حيث كان خط وقف إطلاق النار يبعد 50 كم عن مدينتي أربيل والموصل. إلا أن الجيش البريطاني انتهك هدنة وقف إطلاق النار وتقدم لاحتلال المنطقة.

وبذلك فقد اقتطعت الموصل من الأناضول، وقد حسمت الخلافات بين الحكومة التركية وبريطانيا حول المنطقة خلال "اتفاقية لوزان" عام 1923، عقب قبول تركيا بقرار عصبة الأمم، التي كانت تحت نفوذ بريطانيا.

اتفاقية أنقرة

وقعت الحكومة التركية اتفاقية في عام 1926 مع بريطانيا، والتي قضت بدفع خمسة ملايين و500 ألف جنيه إسترليني لتركيا مقابل نفط الموصل، إلا أنه تم تسديد ثلاثة ملايين و500 ألف فقط لتركيا، والاتفاقية لم تنفذ بشكل كامل.

مركز مدينة الموصل لا تبعد سوى 104 كيلومترات عن الحدود التركية، وقد أدت التنازلات التي حصلت عليها بريطانيا في لوزان، إلى تسريع عملية اقتطاعها عن تركيا صاحبة العلاقات الثقافية المشتركة مع سكان المنطقة وعلى رأسها مدينة تلعفر.

اتفاقية الصداقة وحسن الجوار

أُبرمت اتفاقية الصداقة وحسن الجوار بين تركيا والعراق في 29 آذار/ مارس من العام 1946، بهدف تنظيم استخدام الدولتين لمياه نهر الفرات بقصد إدارة مورد منتظم من المياه وإزالة خطر الفيضانات، وتحديد أكثر الأماكن ملائمة لإنشاء الخزانات والمنشآت المتعلقة بالري، وتوليد الطاقة الكهربائية المائية ملائمة لمصلحة البلدين.

وتقضي الاتفاقية على أن تزوّد تركيا العراق بالمعلومات الخاصة بالمشروعات والأعمال التي تنوي القيام بها في المستقبل على نهر دجلة أو الفرات أو على روافد النهرين لتكون المشروعات والأعمال على نحو يوفق بين مصالح الدولتين.

اتفاقية التعاون وأمن الحدود بين العراق وتركيا

في عام 1982 عقد تنظيم "حزب العمال الكردستاني" الذي تصنفه الحكومة التركية إرهابيًا، مؤتمرًا في لبنان وقرر خلاله التمركز في شمال العراق مستغلًا الفراغ والضعف الذي كانت تعاني منع البلاد آنذاك بسبب الحرب مع إيران، وبدأ التموضع في معسكر "لولان" على الحدود العراقية التركية الإيرانية

هذه التطورات أثارت قلق تركيا، ودفعتها إلى توقيع اتفاقية مع الرئيس العراقي آنذاك صدّام حسين، عام 1983، بهدف تحقيق الأمن على الحدود بين البلدين، وهي الاتفاقية التي سمحت لها بالدخول 10 كيلومترات ضمن الاراضي العراقية.

ويوم الجمعة، قال بيان أصدره مجلس الأمن القومي التركي في ختام اجتماعه في أنقرة إن "الاستفتاء الذي يعتزم الإقليم الكردي في العراق إجراءه في 25 سبتمبر/أيلول الجاري غير مشروع وغير مقبول".

وأضاف أن تركيا تحتفظ بجميع حقوقها المنبثقة عن الاتفاقيات الثنائية والدولية في حال إجراء الاستفتاء، مشيرا إلى أن ظهور عواقب وخيمة ستضر بشمالي العراق والمنطقة بأسرها بات أمرًا لا مفر منه في حال الإصرار على هذا الخطأ (الاستفتاء) المرفوض من تركيا ومجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي والحكومة المركزية بالعراق.

وكان رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني قد أكد وسط حشد جماهيري بمدينة أربيل أن الاستفتاء سيجري في موعده، وانتقد "دول الجوار" التي "سارعت إلى تهديد الإقليم".

وأكد مجلس الأمن القومي التركي أنه جرت دعوة الإقليم الكردي في العراق للتخلي عن إجراء الاستفتاء قبل فوات الآوان، وتركيا مستعدة لفعل ما بوسعها للمساهمة بحل القضايا بين الإقليم وبغداد عبر المفاوضات وعلى أساس دستوري.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!