ترك برس

قالت شبكة الجزيرة القطرية إن ملامح الآلية الثلاثية السياسية التي شكلتها تركيا مع إيران والعراق للتعامل مع مساعي إقليم كردستان للانفصال عن العراق، لم تتضح بعد، لكن المؤشرات كافة ترجح أن تكون بغداد الفاعل الرئيس وحجر الزاوية في ما ستلجأ إليه الدول الثلاث من خطوات.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن الخميس خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الإيراني حسن روحاني بالعاصمة الإيرانية طهران، أن الدول الثلاث ستحدد إمكانية وقف تصدير النفط من الإقليم، متوعدا بمضاعفة الإجراءات الضاغطة على أربيل لثنيها عن وجهة الانفصال.

وتوقع محللون سياسيون وباحثون في الشأن التركي أن تتضح ملامح الآليات الثلاثية في الأيام القليلة القادمة، مرجحين أن يبادر العراق بوضع تصور لخطوات الضغط على الإقليم الكردي يحظى بمباركة طهران وأنقرة وموافقتهما، بحسب الجزيرة.

وقال الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غول إن أهم إجراءين يتطلبان تعاون الدول الثلاث هما فرض الحظر الجوي على الإقليم، وإدارة المعابر الحدودية معه، مشيرا إلى أن كافة الظروف الموضوعية تفرض التنسيق بين هذه الدول لتحقيق الضغط المطلوب من الإجراءين.

ففيما يتعلق بالحظر الجوي، تعد الدول الثلاث مجالات لحركة الطائرات من وإلى الإقليم في ظل حظر الطيران المدني في الأجواء السورية المجاورة بسبب الحرب، كما تفتح المعابر البرية للإقليم على كل من تركيا وإيران اللتين تنتظران ما سيؤول إليه طلب حكومة بغداد بتسلم إدارة تلك المنافذ.

وأبدت طهران وأنقرة دقة لافتة في اختيار الألفاظ للتعبير عن جوهر الإجراءات المرتقبة التي وصفت بخطوات لــ"عزل" قيادة الإقليم، دون استخدام أي إشارات قد تستخدم كقرائن على خطوات أخرى من قبيل الحصار أو العمل العسكري.

وقال غول إن أي إشارة لموضوع الحصار تفتقر للواقعية، لأن الذهاب إلى إجراء فرض حصار بالمفهوم التقليدي على الإقليم غير ممكن لثلاثة أسباب تتعلق بالجغرافيا السياسية والاقتصادية.

وأشار إلى أن السبب الأول يكمن في عدم وجود حدود معلومة تفصل الإقليم عن بقية الأرض العراقية، ما يعني أن الإقليم سيتمكن من الحصول على احتياجاته من أي سلع تنقل عبر منافذه وكأنها في الطريق إلى العراق.

أما ثاني الأسباب، فهي من وجهة نظر غول غياب السيطرة لأي من الدول الثلاث على حدود الإقليم مع سوريا، وعدم سيطرة دمشق نفسها على تلك الحدود، الأمر الذي سيجعلها ممرا بديلا عن حدود الإقليم مع الدول الثلاث إذا جرى إغلاقها.

ويشير غول إلى أن ثالث الأسباب هو تفاقم مشكلة تهريب البضائع بين الإقليم وتركيا من جهة، وبين الإقليم وإيران من جهة أخرى، لافتا إلى أن التقارير الاقتصادية تظهر أن حجم البضائع المهربة للإقليم من الحدود الإيرانية تفوق حجم التجارة المعلنة مع طهران، وبالتالي فإن الحصار سيعني توسيع عمليات التهريب ومضاعفة تبعاتها.

وأثار إقليم شمال العراق ذي الغالبية الكردية من السكان غضب دول الجوار الثلاث بإجرائه استفتاء في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، صوت 92% من المشاركين فيه لصالح الانفصال عن بلاد الرافدين.

لكن الباحث والإعلامي ماجد عزام يرجح أن تنحصر إجراءات الضغط عبر الآلية الثلاثية في خطوات عزل سياسية ودبلوماسية واقتصادية، تركز في مجملها على التعاطي مع بغداد كصاحبة الإشراف رسميا على المعابر الحدودية.

واستبعد عزام في حديثه للجزيرة إقدام طهران وأنقرة وبغداد على فرض حصار على إقليم شمال العراق يفرض ظروفا إنسانية قاسية يحرم فيها الناس من الغذاء والدواء.

كما استبعد لجوء الدول الثلاث إلى أي تحرك عسكري ضد أربيل رغم التنسيق الثنائي العالي جدا بين كل دولتين من الدول الثلاث، ورغم المناورات الحربية المشتركة المتجددة على حدود الإقليم.

ولفت عزام النظر إلى أن تجنب الدول الثلاث الحديث عن الحصار أو التلويح بإجراء عسكري "يبعث على الراحة" في المنطقة التي عانت الكثير من ويلات الحروب والإجراءات القاهرة بحق شعوبها.

وأشار عزام إلى أن رسائل زيارة أردوغان لطهران تظهر أن اهتمام البلدين الكبيرين وذوي الموارد الضخمة بتوسيع التعاون التجاري والاقتصادي ورفع قيمة التبادل بينهما، يمثل أولوية لن يغامرا بها من خلال التوجه إلى الحرب.

ومن جهة أخرى، يرى مراقبون أن العقوبات ما كانت لتكتسي أهمية لو كانت إيران والعراق هما فقط من يفرضانها على الأكراد، غير أن دخول تركيا على الخط يجعل الوضع في غاية الخطورة بالنسبة للأكراد العراقيين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!