ترك برس

عقب "أزمة التأشيرات" التي اندلعت مؤخرا بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، اتجهت الأنظار مرة أخرى إلى أزمة أخرى سابقة بينهما، يمكن القول عنها بأنها شكّلت نقطة التحول في علاقات البلدين. إذ عادت مسألة إعادة فتح الله غولن الكائن في بنسلفانيا الأمريكية، لتكون موضع جدل بين أنقرة وواشنطن وشبه شرط تركي لإطلاق سراح موظفين لدى القنصلية الأمريكية بإسطنبول ومعتقلين آخرين لدى السلطات التركية.

حول هذا الأمر يقول البروفسور "أبراهام واغنر" عضو الهيئة التدريسية لدى جامعة كولومبيا الأمريكية، إن "الأزمة الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وتركيا بخصوص التأشيرات، يجب ألا تخيّم على مسألة إعادة فتح الله غولن لأنقرة. لنسلّمه إلى السلطات التركية كي ينال عقاب ما ارتكبه."

حديث واغنر الذي يعمل لدى مركز بحوث الإرهاب التابع لكلية الحقوق بجامعة كولومبيا الأمريكية، جاء في مقال كتبه لدى صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية، تطرق فيه إلى وجوب إعادة غولن إلى السلطات التركية ليحاسب على فعله حتى اليوم ويمتثل أمام القضاء التركي.

وذكر واغنر في مقاله الذي كتبه تحت عنوان "فتح الله غولن.. مسلم متدين أم إسلامي متطرف؟"، وجوب تدقيق ومراجعة سجل غولن القاطن في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه يُعرّف في المواقع الإلكترونية التابعة له على أنه "مسلم متدين وهب نفسه للدين"، لكن وثائق "ويكيلكس" تكشف مراقبته عن كثب من قبل الاستخبارات والخارجية الأمريكية منذ 2003 وأنه "يُخفي وراء مظهره المعتدل أجندات شيطانية"، على حد تعبير واغنر.

وأضاف واغنر أن المدارس التابعة لـغولن داخل الولايات المتحدة، مليئة بالفساد والإجراءات غير القانونية، وأن على إدارة ترامب ومكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) وجميع السلطات الأمريكية الأخرى في البلاد، عدم الاستخفاف بالوثائق والمعلومات التي تقدمها تركيا لهم حول "غولن" وتنظيمه.

ونوه واغنر إلى أهمية تقييم تركيا بأنها حليفة استراتيجية وهامة لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة للولايات المتحدة، فضلاً عن أنها عضو هام لدى حلف "ناتو" وتتمتع بموقع ومكانة حساسة في العالم.

من جهة أخرى، يقول ميشيل فلاين الجنرال المتقاعد والذي كان يعمل مستشاراً سابقاً لدى مجلس الأمن القومي الأمريكي، إن خبراء الاستخبارات يرون بأن ’غولن‘ يخفي بصمات إرهابية في جميع تصريحاته وخطاباته التي يدلي بها. والتعريف الملائم لتنظيمه هو أنه خلية إرهابية نائمة وشبكة عالمية واسعة النطاق. وبحسب أنقرة فإن "واشنطن تحتضن أسامة بن لادن آخر لديها."

يُشار إلى أن فتح الله غولن غادر تركيا عام 1999 ويقيم في بنسلفانيا الأمريكية منذ ذلك الحين. وتتهم أنقرة "الكيان الموازي" أو "تنظيم غولن الإرهابي" وكلاهما يتزعمهما فتح الله غولن، بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو/ تموز 2016. فضلاً عن محاولة القيام بما يُعرف في تركيا بـ "محاولة الانقلاب القضائية" في 17-25 ديسمبر/ كانون الأول 2013.

ومنذ عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، تطالب أنقرة واشنطن بتسليمها فتح الله غولن وقدمت لها أكثر من 85 صندوق أدلة ضد غولن – كما صرح بذلك أردوغان في وقت سابق-، إلا أن الإدارة الأمريكية السابقة والحالية لا تستجيب لمطالب الأتراك لغايات في نفسها بعضها ظاهرة وأخرى خفية، حسبما يرى الساسة والخبراء الأتراك.

ومع اعتقال السلطات التركية قساً أمريكياً في تركيا متهم بالتجسس والعمل لصالح تنظيم "غولن"، واعتقال مواطنين تركيين يعملان لدى القنصلية الأمريكية بإسطنبول، طالبت واشنطن أنقرة بإطلاق سراح الأخيرين وتسليمها الأول، الأمر الذي اشترطت لأجله أنقرة تسليم غولن والمنتمين لتنظيمه والموجودين على لوائح اتهام القضاء التركي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!