ترك برس

يواصل الجيش التركي عملياته في إدلب، وقد قام مؤخرًا بإنشاء نقطة مراقبة ثانية وفقًا لمحادثات أستانا. ونقلت صحيفة ديلي صباح التركية عن مدنيين في المنطقة قولهم إنها باتت أكثر أمانًا وإنهم يأملون بالمزيد.

وقد أنشئ المرصد الثاني في مدينة إدلب السورية في 23 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وفقًا لما ذكرته القوات المسلحة التركية في بيانٍ لها يوم الجمعة 27 من الشهر نفسه. وفي إطار الجهود الرامية إلى إيجاد بيئة أكثر أمانا في المنطقة، أثيرت أسئلة مستمرة بشأن ما ستكون عليه الخطوة التالية الصادرة من تركيا.

ووفقًا للبيان الذي أصدرته القوات المسلحة في نطاق عملية أستانا والقرارات التي اتخذت أثناء تلك المحادثات، فإن تركيا هي من بين القوى المسؤولة عن إقامة مناطق لتخفيف حدة التصعيد في سوريا.

وقال البيان: "في إطار هذه الخطة بدأ الجيش التركي بالقيام بأنشطة استكشاف يوم 8 تشرين الأول حيث أقيم أول مركز للمراقبة في 13 من الشهر، بينما أقيم الثاني في 23 من الشهر نفسه". وأضاف أن الجهود لا زالت مستمرة من أجل إقامة مراكز مراقبة أخرى.

وتابع البيان: "في الوقت الذي تبذل فيه جهودٌ لإزالة الألغام واكتشافها في منطقة الباب، فإن تدابير مكافحة الإرهاب التي تُتخذ بهدف منع وقوع هجمات محتملة من قبل حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يستهدف منبج، لا زالت مستمرة".

وقد بدأ المدنيون بالفعل يعيشون ظروفًا أكثر أمانًا نتيجة للعملية. وعلى وجه التحديد، يوفر مخيم الشهداء لنازحي الداخل، والواقع في قرية أطمة بالقرب من إدلب، بيئةً صحية للأيتام والأرامل الذين فقدوا كل شيء نتيجة النزاع في سوريا، والذين لا زالوا يحلمون بسماع أصوات أحبائهم الذين اعتقلهم نظام بشار الأسد.

مريم سلّوم، أمٌّ لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 32 عامًا، تعيش في المخيم منذ ست سنوات جنبًا إلى جنب مع أطفالها الثلاثة: علي البالغ من العمر 7 سنوات، وعمر ذو الـ 8 سنوات، وسدره البالغة من العمر 10 سنوات. تقول مريم إن العملية التي أجرتها القوات المسلحة التركية بهدف حماية المنطقة قدّمت لها ولأطفالها الثلاثة أملًا وحمايةً أكبر.

وقالت مريم إنها جاءت إلى المخيم منذ أن اعتقل زوجها واقتيد إلى سجن النظام في حماة قبل ست سنوات، مضيفة أنها لم تسمع شيئًا عنه منذ ذلك الحين.

تقول مريم: "كان زوجي يعمل في دمشق، ثم ترك وظيفته وبدأ العمل في مخبز. فور انتهاء عقده، اعتقله النظام ودخل الجيش السوري منطقتنا وأخذ العديد من الشباب بعيدًا".

وأضافت: "أخذوا زوجي وشقيقه ولم نسمع خبرًا عنهم منذ ذلك الحين. نحن نفترض أنهم ماتوا وقد فقدنا الأمل في سماع أي شيء عنهم". وقالت إنها اختارت البحث عن مأوى في مدينة إدلب القريبة من تركيا: "هذه المنطقة آمنة لأنها تقع على حدود تركيا، وعندما نكون قريبين من تركيا لا توجد طائراتٌ والهجمات أقل"، وأضافت: "لا يمكننا العودة إلى منطقتنا لأنها تحت سيطرة النظام".

ووصفت حياتها كأرملةٍ مع ثلاثة أطفال بأنها "صعبة"، وقالت لوكالة الأناضول الإخبارية: "أطفالي هم مصدر السعادة الوحيد بالنسبة لي، أفكر أحيانًا بالموت إلا أنني بعد ذلك أتذكر أطفالي".

أما عن زوجها مجهول المصير، تقول مريم: "أحيانًا لا أستطيع تذكر وجهه، لذا أنظر إلى صوره. الصور كلها لدي".

وبعد النظر إلى صور عائلته، قال ابنها عمر: "لا أشعر بأي شيءٍ عندما أنظر إلى صور عائلتي، ولا أتذكر أحد. إنني أعرف أمي فقط".

أما شقيقه الأصغر علي، فيقول أنه يتصور عودة والده إليهم يومًا ما. ويضيف: "أحضر إلى أمي العصير الذي يعطونني إياه في المدرسة، وأتشارك البسكويت الذي آخذه مع إخوتي".

وذكر علي أنه يريد أن يكون شرطيًا عندما يكبر، وأشار إلى الجنود الأتراك المتمركزين في المخيم قائلًا: "إن الجنود الأتراك موجودون هنا لحمايتنا من بشار الأسد".

وعن الجدول الزمني للعملية، يقول ميتي يارار، الخبير في السياسات الأمنية: "لا يمكن الحديث عن جدول زمني محدد حتى الآن. هذا النوع من العمليات عادةً ما يكون مفتوحًا، وتشمل هذه العمليةُ ثلاث مهمات: منع حزب الاتحاد الديمقراطي من التوجه باتجاه الجنوب، ومنع المهاجرين المحتملين من المرور عبر تركيا، وعملية الإجلاء الذاتي لجبهة النصرة. ولا تعتمد أيٌّ من هذه المهام على جدولٍ زمني، فهي ليست مثل داعش الذي نذهب إلى منطقته ونطهرها منه".

وتعتبر تركيا حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه المسلح وحدات حماية الشعب، تهديدًا إرهابيًا باعتبارها مرتبطة بحزب العمال الكردستاني الذي تعترف به رسميًا كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وتركيا كمنظمة إرهابية، ومع ذلك فإن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لا يعترفان بحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب على أنها إرهابية.

وتعارض تركيا بشدة وجود أي جماعة تابعة لحزب العمال الكردستاني جنوب حدودها فى العراق وسوريا، قائلةً إن وجودها يشكل تهديًدا للأمن الوطني على الحدود التركية. وقال ميتي في هذا الصدد: "الخطوة التالية كما أشار إليها الرئيس رجب طيب أردوغان، ستكون عفرين وإلغاء حزب العمال الكردستاني بشكل دائم".

قال الرئيس اردوغان يوم الثلاثاء الموافق 24 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري إن عملية تركيا في إدلب شمال غرب سوريا قد اكتملت إلى حدٍّ كبير، مؤكدًا: "الآن، حان الوقت لعفرين". وقال أردوغان في وقتٍ سابق من هذا الشهر إن تركيا تجري عملية جدية مع الجيش السوري الحر في إطار اتفاق تخفيف التوتر الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي أيلول/ سبتمبر مع إيران وروسيا في كازاخستان.

وينطوي اتفاق أستانا مع روسيا وإيران - حلفاء نظام الأسد - على الحد من القتال في عدة مناطق بما في ذلك إدلب شمال غرب سوريا، وهي المنطقة الأكثر سكانًا التي تسيطرعليها المعارضة.

وتعد هذه العملية الثانية منذ أكثر من عام التي يعبر فيها الجيش التركي إلى سوريا. أطقلت أول عملية (درع الفرات) في 24 آب/ أغسطس من العام الماضي 2016 بالتعاون مع الجيش السوري الحر، وساعدت على تحرير العديد من معاقل داعش بما في ذلك جرابلس ودابق والراي والباب.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!